هذا المقال بقلم أمل أبو ستة، طالبة دكتوراه فى أبحاث التعليم بجامعة لانكستر بانجلترا، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، والآراء الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
.الإفتاء": من يمتنع عن آداء صوته الانتخابى آثم شرعاً ... فتوى للدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية الأسبق في مصر.
عبد الله النجار: غير المشارك بالانتخابات كتارك الصلاة ... الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية
إمام "الحسين" في خطبة الجمعة يدعو المصلين للمشاركة بالانتخابات: ومن يكتم شهادة الله فإنه آثم قلبه.
...
لا، ليس هذا عصر الإخوان. بل هي مساهمات "رجال الدين" قبيل انتخابات برلمان مصر 2015. لقد أزحنا الإخوان في 30 يونيو لإنهم كانوا يخلطون الدين بالسياسة. أما هذا كما ترون فما هي إلا خلطة "رز بلبن".
وبعيدا عن أنه لا شئ تغير على الإطلاق وعن أننا نشهد نفس ذات اللعبة مع كل انتخابات بدءا من غزو الصناديق وحتى يومنا هذا ولم يختلف أي شئ سوى اختلاف المصالح واختلاف أهداف أصحاب الفتاوى على المقاس، إلا أن السؤال الأكبر هو لماذا لا يزال هؤلاء يتبعون نفس التكتيكات؟
الإجابة ببساطة تنقسم إلى شقين. أولهما هو أن تأجيج مشاعر الناس هي وسيلة أكثر فاعلية للتاثير على جموع الشعب من استخدام المنطق. وينسحب هذا على استخدام أي مشاعر كالخوف والكراهية والفخر والمشاعر الوطنية والدينية طبعا. ويتنامى تأثير المشاعر أمام تأثير المنطق حينما تخاطب شعبا قد سحبت منه أدوات استخدام المنطق بتعليم فاشل يجرم التفكير ويعلي من شأن الطاعة وتبني آراء معدة سلفا، شعبا روضته على فكرة الانصياع لرأي الكبار ورأي "العلماء" دون تفكير لأنهم بالضرورة يمتلكون الحقيقة التي لا يصح أن تصل إليها أنت بعقلك الذي كرمك الله به.
وهو ما يقودنا إلى الشق الثاني من الإجابة والخاص بطريقة تلقينا الدين كأفراد. فالدين مثله مثل كل فروع العلم الأخرى تلقيناه ولا زلنا نتلقاه في مدارسنا وبيوتنا بنفس طريقة التلقين التي تجرم التفكير والاختلاف والمراجعة، حتى أن مناقشة الأديان ومراجعة موروثاتنا الدينية – والتي بالمناسبة قد لا يمت الكثير منها لصحيح الدين بصلة – هي من الممنوعات التي لا يجرؤ الكثيرون على الاقتراب منها أصلا. فمبدأ السمع والطاعة الذي أنكرناه جميعا على الإخوان يمارسه كثيرون مننا مسلمون ومسيحيون حين يأتيهم الرأي من شيخ أو قسيس أو كتاب من التراث فيطيعون بلا إعمال للعقل ولا تفكر أو تدبر وبلا محاولة فردية للبحث والاطلاع وبلا استفتاء للقلب وإن أفتوك وأفتوك. فتري الفرد يتجاهل أوامر الله الصريحة بالتفكر والتدبر والقراءة ويركن إلى الحل السهل بأن يجعل الآخرين يقرأون له ويفكرون له ويقررون له. والنتيجة أنه يصبح مسلوب الإرادة، مسلوب الحق في التفكير وتقرير المصير، يصبح لعبة في يد كل من ارتدي عباءة الدين ليوجهه حسب أهواءه، بل يصبح كل الخطر عليه من فهم خاطئ للدين قد يبعده عن ربه في نهاية المطاف.
إن الحل يكمن في التعليم. التعليم الجيد الذي يرسخ مهارات التفكير والتحليل والنقد والتقييم، التعليم الذي يفسح مجالا للاختلاف والاعتراض بشكل ممنهج منطقي، التعليم الذي لا يسمح لأي سلطة كانت – إعلامية أو دينية أو سياسية – أن توجه الرأي العام من خلال تأجيج المشاعر ودغدغة الأحاسيس. فالرأي السديد هو ما يبنى على الحجة والاطلاع والمنطق.
سيستمر تجار الدين في توجيه الجموع إلى أن تتمكن الجموع من الاستناد على المنطق والمنطق فقط لتحديد مواقفها واتخاذ قراراتها، ولن يتأتى ذلك إلا بتعليم جيد.