الرويشد، الأردن (CNN) -- كشف قائد قوات حرس الحدود الأردنية العميد الركن صابر المهايرة الخميس، عن اتفاق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمنح أولوية عبور للاجئين السوريين من الأطفال والمرضى والنساء، ومنع الشباب العازبين لأسباب أمنية، فيما أكد أن التدخل الروسي في سوريا، فاقم من تدفق أعداد اللاجئين والجرحى وأن الأعداد مرشحة للزيادة.
واستند المهايرة الذي قدم عرضا تفصيليا لتحديات اللجوء السوري خلال جولة إعلامية لعدد من وسائل الاعلام الدولية للحدود الشمالية الشرقية، إلى حصيلة 5 سنوات من اللجوء دخل خلالها عبر الشيك الحدودي أكثر من 550 ألف لاجئ سوري، وتفاقم في أعداد اللاجئين في المنطقة الحرام بين الأردن وسوريا، إلى 16 ألف لاجئ خلال الربع الأخير من العام الماضي.
ولم يخف المسؤول العسكري تشاؤمه من تفاقم أزمة اللجوء، وغياب بريق الأمل في إنهائها، مرجعا ذلك إلى تبدل الأوضاع السياسية في المنطقة وتحوّل لاجئي الشمال السوري إلى الأردن بدلا من تركيا ولبنان.
العرض الذي قدمه المهايرة لكيفية إدارة أزمة اللجوء أمنيا وعسكريا وإنسانيا، لم يخل من تحميل المجتمع الدولي مسؤولية تراجع مساعدات اللاجئين، والتباطؤ في إنشاء منطقة عازلة لإيواء اللاجئين العالقين، قائلا إن الجانب الأردني قد وافق على إنشاء المخيم إلا أن مفوضية شؤون اللاجئين قد تراجعت في وقت سابق، بينما تدرس الآن الفكرة مجددا.
وفي أول حديث رسمي أردني يربط تفاقم أعداد اللاجئين السوريين بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، قال المهايرة إن بدء العمليات العسكرية الروسية زاد من أعداد الجرحى واللاجئين، وأضاف: "هناك ازدياد في تدفق اللاجئين والجرحى والمصابين القادمين من الأراضي السورية إلى المملكة بعد التدخل الروسي".
كما كشف المسؤول العسكري عن تفاهمات الأردن مع المفوضية بشأن تقنين استقبال اللاجئين خاصة المتفقدين من الشمال السوري، وقال: "القرى الشمالية لسوريا باتجاه الحدود السورية ليست مسؤولية المملكة الأردنية ومهمتنا استقبال اللاجئين من الجنوب السوري، تلك القرى تتولاها كل من لبنان وتركيا، لكن للظروف والمستجدات السياسية أصبح كل اللاجئين يتدفقون إلى الاردن وهو عبء أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي"، وأضاف: "لا بريق أمل نراه.. بل ازدياد في تدفق أعداد اللاجئين".
وانتهجت المملكة استراتيجية جديدة في التعامل مع ملف اللاجئين منذ ظهور الجماعات الإرهابية المتطرفة في سوريا كداعش وجبهة النصرة، وفقا للمهايرة، بتخفيض عدد نقاط العبور من 45 نقطة ممتدة على الشريط الحدودي مع سوريا إلى 5 نقاط، 2 منهم مخصصة للاجئين النازحين، هما الرقبان والحدلات تقعان إلى الشمال الشرقي، إذ يقيم في منطقة الرقبان الحدودية مع الجانب السوري اليوم، نحو 15 ألف في تجمع أشبه بالمخيم (المنطقة الحرام)، مقابل 1200 لاجئ في منطقة الحدلات (355 كم عن العاصمة عمان).
وحصرت نقاط عبور ثلاثة متصلة شمالا مع درعا السورية، بإدخال اللاجئين السوريين الجرحى فقط وإعادتهم إلى الأراضي السورية بعد خضوعهم للعلاج، وتعاملت القوات المسلحة الأردنية مع ما يزيد عن 90 ألف حالة منذ بداية الأزمة.
واستند الأردن في استراتيجيته تلك إلى واقع الأرقام والحالات التي تم ضبطها خلال عمليات التسلل والتهريب والعبور لبعض اللاجئين، قائلا: "لدينا الآن لاجئين من مناطق الشمال السوري كالحسكة ودير الزوير وهي تحت سيطرة داعش.. نحن ضبطنا أشخاصا يعملون مع داعش وضبطنا من معه أجهزة من حقي أن أدقق في القادمين".
وبشأن منع دخول العازبين، قال المهايرة: "لا يسمح للشباب العازبين بالدخول"، مشيرا إلى أن تغليب الجانب الأمني أولوية مع عدم إغفال الجانب الانساني، وأضاف: "لا يسمح بدخول لاجئ إلا بعد التأكد أنه نظيف أمنيا وطبيا... لن يسمح بدخول لاجئ يحمل حزاما ناسفا ليعمل تفجير في مخيم الزعتري، ولن يدخل لاجئ مصاب بمرض وبائي وينشر العدوى في المخيم بين اللاجئين في المخيم أو المواطنين الأردنيين"، وشدد بالقول: "الأمن ثم الأمن ثم الأمن".
ولم يعلن الأردن عبر حكومته رسميا، عن ارتفاع أعداد العالقين على الحدود الأردنية السورية إلى 16 ألف لاجئ إلا منذ أسابيع قليلة، وسط دعوات منظمات دولية للأردن إلى السماح لهم بالدخول، في حين أكدت السلطات الأردنية دعوتها في وقت سابق، أي بلد آخر "قادر" على استقبالهم إلى فعل ذلك.
رغم ذلك، أكد المهايرة تمسك المملكة بسياسة فتح الحدود للاجئين، وإن استغرقت عملية الدخول أشهرا، بحسب ما أشار لاجئون خلال الجولة، وأردف المهايرة قائلا: "طالما هناك حرب فهناك لجوء، الـ16 ألف قدموا خلال فترة زمنية قصيرة عندما بدأ القصف في الجنوب السوري والمنطقة الشرقية... لا يوجد لدينا مدة محددة لإبقاء اللاجئ عند الساتر نحن نعمل بأولويات لإدخال الأطفال أولا ومن المرضى والنساء وكبار السن حتى ننهي الإجراءات الأمنية والطبية لا نقول خمسين يوما ولا عشر أيام ومتفقين مع المفوضية على هذه الأولويات".
وتشير مصادر مطلعة لـ CNN بالعربية إلى أن أعداد اللاجئين السوريين في منطقتي الرقبان والحدلات التي تبعدان عن بعضهما 130 كم، قد تفاقمت منذ نحو أربعة أشهر، بعد أن كانت لا تتجاوز نحو خمسة آلاف لاجئ.
وتبذل قيادة حرس الحدود في إدارة أوضاع اللاجئين وتنظيم آلية دخولهم أمنيا، جهودا مضنية في التدقيق الأمني في معلومات اللاجئين، وإجراء مسوحات لضبط عمليات تهريب الآثار من سوريا إلى الأردن وفقا لما عرض المهايرة، عدا عن التكلفة اللوجستية في عمليات نقل اللاجئين وإيوائهم ورعايتهم حتى إيصالهم إلى مراكز الإيواء، إذ أنفقت القوات المسلحة الأردنية منذ اندلاع الأزمة السورية من مخصصاتها على ذلك نحو 500 مليون دينار أردني.
وبالأرقام والصور، عرض المهايرة لآلاف المضبوطات المهربة عبر الحدود السورية الأردنية، من أسلحة ومخدرات وأجهزة اتصالات، للعام 2015 لوحده، حيث ضبطت 16 مليون حبة مخدرة و489 مسدس 9 ملم و195 مسدس جلوك و276 خرطوش عين واحدة و199 خرطوش خردق و300 بمب أكشن من مختلف الأنواع وأجهزة لاسلكية وغيرها.
وعن اتجاهات حالات التهريب التي بلغت 32 حالة لذات العام، فقد توزعت بين الأردن وسوريا وإسرائيل، بواقع ضبط مهربا من الأردن إلى سوريا، و39 مهربا من سوريا إلى الأردن، مقابل ضبط مهربين اثنين من الأردن إلى اسرائيل، بينما سجلت محاولات التسلل انخفاضا ملحوظا العام الماضي بلغ 34 حالة شارك بها 85 شخصا، مقابل 206 العام 2014 و204 حالة العام 2013.
أما عن حالات التسلل المضبوطة للعام الماضي والتي بلغت 85 حالة تورط بها 132 شخصا، فقد توزعت بين 56 شخصا من الأردن إلى سوريا، و26 من سوريا إلى الأردن و26 متسللا من الأردن إلى إسرائيل ومن إسرائيل إلى الأردن 21 متسللا، فيما سجل متسلل واحد من السعودية إلى الأردن، ومتسللين اثنين من الأردن إلى السعودية.