لماذا باتت طرقات الجزائر مساحات للموت؟

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
لماذا باتت طرقات الجزائر مساحات للموت؟
Credit: HOCINE ZAOURAR/AFP/Getty Images

حمزة عتيبي، الجزائر (CNN)-- لم ينفع التجنيد الكبير لمصالح الأمن في التقليل من حوادث المرور بالجزائر، فما تخلفه هذه الحوادث من قتلى وجرحى ومعاقين، يستدعي التوقف عنده، فالأرقام وإن شهدت استقراراً نسبياً في السنوات الأخيرة، إلا أنها تبقى أرقاما مرعبة ومؤشرا يعبر عن واقع مرير وصلت إليه هذه الظاهرة، الأمر الذي أضحى يتطلب إعادة النظر في القوانين والبحث عن آليات جديدة تكون أكثر صرامة.

وباتت طرقات الجزائر مساحات للموت، حيث لقي 2332 شخص حتفهم، خلال سنة 2015، في 64813 حادث مرور بالمناطق الحضرية، وتسببت أيضا في إصابة 79828 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، حسب ما أفاد به الملازم الأول بن أمزال زهير المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية لـCNN  بالعربية.

شاهد: مشهد مروع.. انقلاب حافلة في اليابان يقتل 14 سائحاً

ووفقا لذات المصدر، فانه منذ بداية سنة 2016 إلى غاية منتصف الشهر الجاري، أحصت مصالح الحماية المدنية 6037 حادث مرور تسبب في وفاة 266 شخص وجرح 68229 آخرين، وهو مؤشر خطير على تنامي ظاهرة حوادث المرور التي أضحت تحصد الآلاف من الأرواح سنويا.

و إزاء هذا الوضع، يقول أمزال، أن 95 بالمائة من الحوادث، كان سببها الرئيس العامل البشري، لعدم احترامه قوانين المرور كالتجاوزات الخطيرة والإفراط في السرعة وكذا استعمال الهاتف أثناء القيادة وعدم احترام المسافة القانونية، وذلك راجع –حسبه- لغياب الثقافة المرورية عند السائقين، فضلا عن حالة المركبات التي عادة ما تتسبب في حوادث مرور مميتة.

أما فيما يتعلق بالعمل للتقليل من هذه الظاهرة، فقد كشف، مؤخرا، وزير الاتصال حميد قرين، عن عزم وزارته لإطلاق حملة للوقاية والحد من حوادث المرور، في الأيام القليلة القادمة، على أن تجوب كل شهر ولاية من ولايات الدولة وهذا إلى غاية نهاية السنة الجارية، بالتنسيق مع مختلف الشركاء على غرار الحماية المدنية والدرك الوطني.

أيضاً.. بالفيديو: صبي يسرق سيارة ويتسبب بحادث أدى إلى وفاة امرأة حامل.. ونجاة الجنين

واستنادا لآخر تقرير للأمم المتحدة، فان حوادث الطرق تخلف نحو مليون ونصف المليون حالة وفاة، وأكثر من 50 مليون مصاب سنويا حول العالم، منهم 500 ألف طفل، وتبقى الجزائر تحتل الصدارة عربيا، والمرتبة الرابعة في العالم، في حصيلة حوادث المرور التي ترتفع من سنة إلى أخرى، لتزيد من عدد الضحايا ونسبة المعوقين والمصابين بسبب إرهاب الطرقات، الذي بات يخلف كل أسبوع ضحايا جدد.

ولا تنحصر السياسة الوطنية للوقاية من حوادث الطرق في فرض عقوبات، بل ترتكز على وعي المواطنين بإشراك مختصين في علم الاجتماع وعلم النفس وفعاليات المجتمع المدني بقصد التقليل من عدد الحوادث، والإكثار من حملات وسائل الإعلام، وهذا ما أشارت إليه، فلورا بوبرغوث، رئيسة جمعية "البركة" لمساعدة الأشخاص المعاقين.

وعلى مستوى التشريع لا تشكو الجزائر من نقص في النصوص، بالنظر إلى القائمة الكبيرة من الإجراءات الحديثة الرامية للحد من ارتفاع حوادث الطرق، إلا أن، السيدة بوبرغوث، في اتصال مع الـCNN  بالعربية، انتقدت بشدة تطبيق الإجراءات الردعية على "المواطن البسيط دون سواه"، إلى جانب، عدم وجود الصرامة في تطبيق القوانين المرور حسبها.

وأكدت بوبرغوث، بأن العقوبات لم تعالج صميم مشكلة حوادث المرور لأن الأمر –في نظرها- يتعلق بظاهرة يجب معالجتها على عدة مستويات، وتخص جميع فئات المجتمع، كاشفة أن جمعيتها قد اقترحت إعادة النظر في مدة التكوين للحصول على رخصة السياقة، زيادة على ضرورة العمل برخصة السياقة بالتنقيط، والتي صرح وزير النقل، بوجمعة طلعي، بحر هذا الأسبوع، بأنه سيتم بدء العمل بها قبل شهر يونيو/حزيران القادم.

المزيد: انفجار أنبوب مياه يحول السيارات والشوارع إلى لوحات جليدية

وفي هذا الإطار، كشف رئيس فدرالية مدارس تعليم السياقة، أودية احمد زين الدين، أن وزرة النقل بمعية المركز الوطني لرخصة السياقة، تعتزم إطلاق برنامج وطني لتعليم تقنيات السياقة مطلع شهر أبريل/ نيسان القادم، الذي يلزم المدارس بتكوين المرشح في مدة زمنية تقدر بـ 55 ساعة أي مدة ثلاثة أشهر تقريبا، بعدما كان هذا الأمر غير محدد من قبل، حيث كان يحصل المرشح، على فترة تتراوح ما بين 12 ساعة إلى 20 ساعة، لنيل رخصة قيادة المركبة.

وفي السياق ذاته، أوعز أودية مسؤولية ما يحدث إلى الأسرة، التي لا تؤدي دورها في التربية المرورية، بالنظر لتصرفات أبنائها اللاعقلانية في قيادة المركبات، متسائلا كيف لولي أن يسمح لابنه الذي لم يتجاوز السن القانونية بالقيادة دون رخصة، وهو ما يتسبب -وفقاً لرأيه- في تعريض حياته وحياة الناس إلى الخطر.

كما لم تنجو بعض مدارس السياقة من انتقادات أودية، الذي حمّلها المسؤولية بمنحها رخص للمرشحين دون تلقينهم تعليما كافيا في السياقة، مستثنيا في الوقت ذاته، النساء من ارتكاب الأخطاء التي قد تؤدي إلى حوادث المرور، وأفصح أودية لـ CNN  بالعربية،  بهذه المناسبة، عن تزايد عدد المرشحات لنيل رخصة السياقة هذه السنة، حيث بلغت نسبتهن 60 بالمائة.

من جانبه، دعا خبير الطرق ورئيس جمعية طريق السلامة، محمد العزوني في اتصال معCNN  بالعربية، إلى الوقوف على حالة الطرقات المهترئة والتي ما إن تهاطلت كمية قليلة من الأمطار حتى تنكشف عيوبها، محملا في الوقت نفسه أصحاب المركبات نصف المسؤولية، حيث قال: "القانون يلزم السائق أيضا بتكييف سرعته مع حالة الطريق، فلا يُعقل أن يسير بسرعة فائقة في طريق مليئة بالحفر".

وأضاف العزوني، أن عدم وجود إشارات المرور سواء تعلق الأمر بالضوئية أو التحذيرية ليس المتسبب الوحيد في وقوع المجازر التي تشهدها طرقاتنا، كون السائقين حاليا لا يحترمون إشارات المرور، كما يعتبرون أنفسهم في كل مرة ضحايا وليسوا المتسببين في وقوع الحوادث، مضيفا أن حالة المركبة ورقابتها التقنية يتحملها أيضا السائق.

واغتنم العزوني الفرصة، ليذكر وزير التربية نورية بن غبريط بمحتوى المادة 21 من قانون 85/09 والتي تنص، برأيه، على وجوب إدراج مادة التربية المرورية في المقررات الدراسية، متأسفا على تماطل السلطات في استصدار القانون التنفيذي والذي لم يجسد إلى حد الساعة حسب قوله.

وطالب العزوني أيضا، بضرورة رفع مستوى مديري مدارس السياقة إلى المستوى الجامعي، وربط المستوى التعليمي بمنح ترخيص بفتح مدرسة تعليم السياقة، مشيرا، خلال عرضه للحلول اللازمة، إلى أن هذا الموضوع لا يمكن حله عن طريق محاضرة أو ملتقى دون العمل على تطبيق النظام ومعاقبة المخالفين على الأقل للسيطرة على هذه الظاهرة.