قراءة متأنية بوثائق بن لادن في آخر أيامه: قائد منهار فقد السيطرة حتى على حراسه.. والجيش الباكستاني لم يسلمه لأمريكا

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
قراءة متأنية بوثائق بن لادن في آخر أيامه: قائد منهار فقد السيطرة حتى على حراسه.. والجيش الباكستاني لم يسلمه لأمريكا
Credit: afp/getty images

رأي لبيتر بيرغن، محلل الأمن القومي في CNN، ونائب رئيس معهد New America، وأستاذ ممارس في جامعة ولاية أريزونا. وهو صاحب كتاب "الجهاد في الولايات المتحدة: التحقيق في جذور الإرهاب الأمريكي". يذكر أن الآراء المطروحة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- في أشهره الأخيرة، كان أسامة بن لادن المعزول في خلاف جدي مع الأخوين اللذين كانا حلقة الوصل الوحيدة بينه وبين العالم الخارجي في أعوامه الثمانية الأخيرة.

وينتمي هذان الأخوان لتنظيم القاعدة منذ وقت طويل وإلى عائلة انحدرت من شمال باكستان، وهي منطقة ليست بالبعيدة عن مكان اختباء بن لادن في مدينة أبوت أباد، وقد فعلا كل شيء من أجله، فكانا يتبضعان بالنيابة عنه من الأسواق المحلية، كما كان أحدهما ينقل رسائله إلى زعماء القاعدة في أطراف أخرى من باكستان والعكس، وكان بن لادن يعتمد عليهما أيضا في الحفاظ على مظاهر سيطرته على القاعدة.

ولكن قبل أربعة أشهر من مقتله، أي في يناير/كانون أول عام 2011، نشب خلاف جدي بين الزعيم المختبئ والأخوين، فوفقا لرسائل مسربة من مكتب رئيس المخابرات الأمريكية تم الحصول عليها خلال عملية قتل بن لادن، كان الأخوان قد سئما من الضغوطات الناتجة عن حماية وخدمة الرجل المطلوب الأول عالميا.

القائد المنهار

وأظهرت هذه الرسائل المسربة الرجل الذي كان يقود مراكز تدريب ويجند آلاف المقاتلين، والذي أشرف على أكبر عملية دموية بحق المواطنين الأمريكيين في تاريخ الولايات المتحدة، كرجل فقد المال والكبرياء واعتمد على حارسين شخصيين.

وقد ساءت الأمور بين بن لادن والرجلين لدرجة أنه أرسل لهما رسالة رغم أنهما يعيشان في نفس المجمع الذي كان يسكنه، قال فيها إن الرجلين كانا "منزعجين" في اجتماعهما الأخير معه، ما دفعه إلى أن يخاطبهما برسالة مكتوبة يطلب فيها منهما أن يمنحاه الوقت الكافي لإيجاد بديل لهما لحمايته، وقد قام بالفعل بطلب رجال باكستانيين موثوق فيهم ليكونوا حراسه من أحد المقربين منه.

وصلت الأوضاع بين الرجال الثلاثة إلى توقيع اتفاق يقضي بانفصالهم في 2011 أو في مطلع 2012، وأن على بن لادن وعائلته مغادرة المجمع السكني، وهذا بالطبع لم يحدث، فقد قتل بن لادن وحارسيه على يد الجيش الأمريكي في ليلة 2 مايو/أيار عام 2011، ولكن الأمر الذي تكشفه هذه المستندات هو أنه في حال علمت وكالة الاستخبارات الأمريكية في وقت متأخر لكن بن لادن قد هرب إلى مكان آخر وأصبحت عملية القبض عليه فاشلة.

الإحساس بالضغط

وقد أظهرت هذه المستندات أيضا، غير الخلاف بين بن لادن وحارسيه، قضايا كانت قد وجدت سابقا في مستندات عثر عليها الجيش الأمريكي، ونشرتها المخابرات الأمريكية، وقد أظهرت أن تنظيم القاعدة كان يشعر بضغط كبير، وأن بن لادن كان ينوي تنفيذ هجوم جديد في الولايات المتحدة الأمريكية في الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وقد أمر بالفعل زعيم القاعدة في اليمن أن يجند رجالا يحملون الجنسية الأمريكية أو الإقامة، لتنفيذ هجمات في أمريكا.

وقد كان زعماء القاعدة ينتابهم القلق من قضية نقص التمويل للتنظيم، فرغم الوصية التي كتبها بن لادن وقال فيها إنه يخبئ 29 مليون دولار في السودان، حيث كان يقيم في منتصف التسعينيات، فإن هذا المال لم يظهر.

وكان بن لادن أيضا قد صوّر خطابات له بخصوص الربيع العربي ولكنه لم يعرض أي منها، وقد رأى فيها أن الثورات خطيرة ومهمة.

ورغم اختبائه إلا أن بن لادن كان يحاول بسط سيطرته على تنظيم القاعدة في جميع أرجاء العالم الإسلامي، فقد كان على اتصال مع قيادات التنظيم ومؤيديه في مصر والسعودية واليمن والعراق وشمال إفريقيا وحركة الشباب الصومالية الإرهابية، كما بقي على تواصل مع زعيم طالبان، الملا عمر، حتى عام 2010، فقد أرسل له رسائل عن نية حلف شمال الأطلسي احتلال أفغانستان وعن موعد سحب القوات الكندية والأمريكية من العراق.

وبالرغم من الادعاءات التي صيغت ونشرت بطريقة جيدة، للصحفي الأمريكي، ساي هيرش، والتي قال فيها إن الجيش الباكستاني هو من كان يحرس بن لادن وأنه من سلم زعيم القاعدة الأسبق للجيش الأمريكي ليلة مقتله، فإن هذه المستندات والتي تتكون من آلاف الصفحات لم تشر إلى شيء من هذا القبيل.

بل إنها على العكس، تشير إلى التنظيم كان يعتبر الجيش الباكستاني "كافر"، وأنه كان يخطط لشن هجمات على مواقع تابعة له