رأي: وقف تجنيد الأجانب أهم من إحصاء المنتمين إلى داعش.. الأرقام لا تكشف كل شيء

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
رأي: وقف تجنيد الأجانب أهم من إحصاء المنتمين إلى داعش.. الأرقام لا تكشف كل شيء
Credit: isis

رأي لديفيد ستيرمان وهو مساعد كبير في برنامج الأمن الدولي لمعهد New America، ويحمل شهادة ماجستير من مركز Georgetown، للدراسات الأمنية. ويركز عمله على نمو التطرف في الداخل الأمريكي ودور وكالة الأمن القومي الأمريكي في استخدام أدوات المراقبة والتحقيقات التقليدية في منع هذا النوع من الإرهاب. يذكر أن الآراء المطروحة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- في 9 فبراير/شباط أكد مدير المخابرات القومية الأمريكية، جيمس كلابر، على أن 6900 شخص غربي سافروا إلى العراق وسوريا ليحاربوا تحت راية تنظيمات إرهابية أجنبية، ما يشكل زيادة في عددهم منذ أن نشرت الولايات المتحدة الأمريكية إحصائية للمقاتلين الأجانب في صفوف التنظيمات الإرهابية.

رغم أن الرقم يبدو منذرا بالخطر، إلا أن دلالاته أقل مما يظهر. فالعدد الإجمالي للمحاربين الأجانب ليس مهما بقدر أهمية وقف تدفق هؤلاء وتقليل عددهم الحالي. والتحركات التي حصلت مؤخرا بدأت بفعل ذلك.

ويذكر الرقم الإجمالي بشكل مستمر بهدف إظهار خطر داعش والجماعات المشابهة لها. وقد قالت صحيفة Washington Free Beacon  ، الإلكترونية، في فبراير/ شباط إن " المسؤولين رفيعي المستوى في المخابرات الأمريكية حذروا الثلاثاء من أن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه أكبر تهديد إرهابي منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية"، وذكرت أيضا أن "الرقم القياسي في أعداد هجرة المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق قد كسر"، حسب تعبيرها.

وقد قال ريان غرير، المستشار السابق للسياسة المعنية بالمقاتلين الأجانب في وزارة الخارجية، عن القضية إن "العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب يحاكي التحدي الذي نواجه، ولكن في حال أردنا قياس مدى نجاح عمليات التحالف، فعلينا أن ننظر إلى المعدلات الشهرية لهجرة هؤلاء المقاتلين، الرقم الإجمالي سيبقى دائما يرتفع، وهذا ليس جيدا لأحد"، حسب تعبيره.

مهما كان الرقم الإجمالي، المعدل الشهري لهجرة هؤلاء المقاتلين إلى سوريا سيصبح قريبا أقل من معدل الوفيات، ما يعني أن داعش والمنظمات التي تشبهها ستعاني من نقص في قوتها البشرية، وفي الموارد المالية لدعم حربها في سوريا والعراق، وفي القيام بأعمال إرهابية في الخارج.

التعزيزات العسكرية الأخيرة تعمل على قطع الاتصال بين المناطق التي يسيطر عليها داعش مع الأراضي التركية، وهي المنطقة التي تشكل طريق العبور الأساسي للمقاتلين الذين يودون الالتحاق بالتنظيم، في حين زادت تركيا من جهودها لضبط حدودها مع المنطقة التابعة لداعش.

في نفس الوقت، فإن شركات مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت بالتحرك لتقييد جهاز التجنيد الذي تستعملها داعش على شبكة الانترنت. فقد أغلق موقع تويتر أكثر من 250 ألف حساب يدعم داعش منذ 2015.

وجهود أخرى أيضا قد انتشرت لتعطيل شبكات التجنيد التابعة للتنظيم. فقد تم اعتقال 315 مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية في المملكة المتحدة عام 2015، وفي أول 18 يوم بعد الأحداث الإرهابية التي استهدفت باريس في نوفمبر/كانون الثاني، وراح ضحيتها 130 شخصا، فقد قامت السلطات الفرنسية بـ 2000 مداهمة واعتقلت 210 أشخاص.

على العكس، فإن زيادة التشديدات الأمنية قد ينتج عنه زيادة في عدد هؤلاء المقاتلين.

في الوقت الذي قال فيه كلابر أن 6900 شخص غربي، "سافروا إلى سوريا" منذ بداية المعارك هناك، فالعدد في الحقيقة يشمل أشخاصا قد تم اعتقالهم قبل ان يصلوا إلى سوريا.

.لقد سافر أو حاول أن يسافر إلى سوريا أكثر من 150 مواطن أمريكي، و3400 شخص غربي على الأقل، ليشاركوا في المعارك"، وفقا لسكرتير وزارة الأمن الوطني لشؤون الاستخبارات والتحليل في فبراير/شباط 2015.

وقد قال تقرير صادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول عام 2015، يشمل أعداد الذين سافروا إلى سوريا ووصلوا وأولئك الذين تم اعتقالهم قبل أن يصلوا، في تركيا.

في الوقت نفسه، فإن معدل المقاتلين الذين يُقتلون في سوريا، مستمر بالارتفاع. فعندما نظر معهد New America ، بشأن 474 حالة لأفراد غادروا إلى سوريا والعراق، وجد أن أكثر من ثلثهم قد قتلوا، وقد وصل معدل الموتى بين الرجال إلى 50 في المائة تقريبا.

دراسة أعداد القتلى دون النظر إلى أرقام أخرى قد يكون مضللا. فالأعداد الجسدية تخفي أسئلة استراتيجية. لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تخرج من الحرب الأهلية في سوريا، والمقارنة بين نزوح المقاتلين الأجانب ومعدلات القتلى منهم تشكل نوعا واحدا من مدى قياس خطورة الموقف.

ولكن، مع قلق ما يقارب الـ 51 في المائة من الشعب الأمريكي، من أن يكونوا هم أو أحد أفراد عائلاتهم ضحية للإرهاب، من الضروري الانصراف عن العدد الإجمالي الذي لا يبرز النجاح عند حدوثه.

وقد قال بريت ماكغورك، مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية إلى التحالف المعادي لداعش، إن الإدارة تعمل على ذلك بالفعل.