القدس (CNN)— تتوجه الأنظار إلى منطقة صحراوية تبلغ مساحتها كيلومترا مربع تمتد إلى جانب نهر الاردن، حيث ينتظر دخول اول زائر اليها منذ 50 عاما.
هذه المنطقة تحتوي على 5000 لغم زرعت في حرب الايام الستة بين الأردن وإسرائيل، تجدها متناثرة هنا وهناك جنبا الى جنب مع بقايا الكنائس المسيحية السبعة المهجورة هناك وحول الاسلاك الحديدية الشائكة التي تحيط بالطريق الترابي الوعر وبوابة محكمة الاقفال حفاظا على سلامة الناس.
على بعد ثلاثين قدما من البوابة، تحتفظ الكنيسة الأرثوذوكسية بكثير من جمالها التاريخي.. ورغم حرارة المنطقة المرتفعة إلا أن جدارية زاهية الالوان لا تزال تعلو باب الكنيسة المفتوح، كما لو انه مستعد لاستقبال المصلين والزوار.
الكنيسة الأرثوذكسية وستة كنائس اخرى مجاورة، تعتبر إحدى أهم علامات معمودية المسيح، حسب الكتاب المقدس، وتعتبر واحدة من أقدس البقع المسيحية في العالم بالنسبة للمسيحيين، لكن هذه الكنائس وهذه البقعة المقدسة من الارض، لا يمكن زيارتها او التعبد داخلها، فهي محاطة بـ5000 لغم منذ ما يقارب الـ50 عاما، و لذلك تجدها محاطة باسلاك شائكة حفاظا على الزوار، وتحيطها ايضا لافتات صفراء كتب عليها "احترس من الالغام!" باللغات الثلاث، العربية والانجليزية والعبرية، زرعها الجيشان الإسرائيلي والأردني بعد حرب الايام الستة عام 1967 وبقيت هناك بالرغم من اتفاق السلام الذي تم توقيعه بين الطرفين عام 1994.
إلا أن هذا كله على وشك التغيير، و سيصبح اخيرا بالإمكان زيارة الموقع من جديد.
تعتبر " HALO TRUS" أكبر منظمة تعنى بإزالة الالغام في العالم، وقد استطاعت اخيرا الحصول على اذن من الجهات الاسرائيلية والفلسطينية والطوائف المسيحية السبعة من اجل البدء بإزالة الالغام.
ويقول المدير التنفيذي لـ"HALO TRUST" جيمس كولن: "اذا لم نفعل ذلك فان هذه الالغام ستبقى هنا الى الابد و ستؤذي الناس، حقول الالغام ليست اسلحة للوقت الحاضر فحسب، بل أن تأثيرها مزمن لأن ما يحدث عادة هو ان الجيوش تذهب الى بيوتها والحرب تنتهي، لكن الالغام تبقى في الارض و تقتل حتى بعد انتهاء الحرب و الصراع."
يتذكر البطريرك ثيوفيلوس الثالث للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في القدس زيارته الاخيرة للموقع عندما كان شابا في جيل المراهقة، وذلك قبل أن تصبح المنطقة عسكرية مغلقة، ويتحدث عن شوقه لزيارته مرة اخرى، قائلا: "إنه موقع خاص جدا، كان مرتبطا بكثير من التاريخ الديني المقدس الذي بدأ على جبل سيناء أيام النبي موسى، وبلغت ذروته هنا مع ولادة يسوع المسيح في بيت لحم وصلبه وقيامته في القدس."
تم اخلاء مساحة صغيرة من حقول الالغام في زمن البابا يوحنا بولص الثاني الذي زار الموقع عام 2000 وقد تم افتتاح مركز سياحي للجمهور عام 2011، يزوره نحو 300000 سائح سنويا منذ ذلك الحين، وتعترف اليونسكو بالموقع للمعمودية بشكل رسمي كما الضفة الشرقية لنهر الاردن و يسمى "المغطس" أو "المعمودية" و يسمى الموقع المجاور في الضفة الغربية بقصر اليهود وهو ما يعني "ممر اليهود" فهو يمثل الموقع التوراتي حيث عبر بني اسرائيل نهر الاردن بحسب العهد القديم.
وردا على سؤاله عن اسباب تأخر خطوة ازالة الالغام، قال الاب ثيوفولوس: "هذا هو بلد النبوءات والانبياء، والوقت في هذه الحالة لا يمثل اهمية كبرى لنا، ألف سنة يمكن أن تكون يوما واحدا بالنسبة للرب، وفي كل مرة نحتفل فيها بعيد الغطاس وبعيد الفصح المجيد فنحن نشعر وكأن الحدث وقع بالأمس."
وتعمل " HALO TRUS" ومقرها بريطانيا على تجنيد الميزانية اللازمة لمشروع ازالة الالغام في منطقة نهر الأردن و التي من المفترض أن تكون 4 ملايين دولار.
للتبرع: http://www.halotrust.org/baptismsite