حمزة عتبي، الجزائر (CNN)-- تواصل قوات الجيش الجزائري معركتها ضد ما تصفه الدولة بالإرهاب منذ ظهور هذه الجماعات مطلع تسعينات القرن الماضي بغية القضاء النهائي على هذه الظاهرة في إطار مهام القوات المنصوص عليها في الدستور، وكان آخر بيان من وزارة الدفاع قد أشار إلى القضاء على ثلاثة "إرهابيين" بغابة الريش ببلدية عين الترك في ولاية البويرة (100 كيلومتر شرق العاصمة).
وكثفت عناصر الأمن الجزائري في السنة الأخيرة من نشاطها حيث أطاحت بالكثير من هذه العناصر التي كانت تنشط في الجبال وتمكنت من استرجاع كميات كبيرة من الأسلحة، وأسفرت العمليات التي تقودها ذات القوات، مؤخرا، في سياق نشاط لافت في مناطق عديدة، عن مقتل حوالي 50 عنصرًا في غضون أقل من شهرين وفق بيانات وزارة الدفاع الجزائرية.
وفي ظل الظروف السائدة إقليميا ودوليا لاسيما في الجوار، يعمل الجيش الجزائري، حسب تصريحات أدلى بها اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد لـ CNN بالعربية، على "فرض تأمين كامل لحدود وحمايتها من تسلل الإرهابيين وتمرير السلاح وكل ما له علاقة بالإرهاب".
وينفي اللواء المتعاقد مجاهد فرضية أن "تنهك هذه الحروب ضد الإرهاب الجيش الجزائري وتضعف قدراته"، موضحا أن "هذه المعارك تزيد من قوة الجيوش وتكسبها خبرة ميدانية في مكافحته"، كما اعتبر أن حجم الإنفاق العسكري بـ"الأمر طبيعي مثل ما تقوم به كل دول العالم عندما يتعلق الأمر بتهديد أمنها، إذ تسارع في زيادة ميزانية الدفاع والرفع من التجهيزات العسكرية".
وعرفت الجزائر بداية العمل المسلح بعد إلغاء انتخابات 91-92 والتي أفرزت آنذاك عن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بعدها دخلت البلاد في دوامة عنف لم تشهدها من قبل، حيث أدى الانسداد الحاصل وقتها إلى تبني خيار العمل المسلح، والذي قادته آنذاك الجماعة الإسلامية المسلحة التي نُسبت إليها العديد من المذابح والمجازر.
وبالعودة إلى التاريخ فإن بداية أول عمل إرهابي كان من ولاية الوادي ببلدية قمار تحديدا، عبر الحركة الإسلامية المسلحة و"هي النواة الإرهابية التي انشطرت إلى الجيش الإسلامي للإنقاذ (AIS) والجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)، في شكل عكس الصراع في الرؤى داخل تلك الجماعات الإرهابية نفسها"، حسب ما أفاد به الباحث السياسي أبصير سيد أحمد لـشبكتنا.
واختصرت فيما بعد التنظيمات الإرهابية، وفقا لأبصير، في "الجماعة السلفية للدعوة والقتال، مع مجيء عنتر زوابري وقبله جمال زيتوني"، ويضيف محدثنا أنه "بالعودة إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال يمكننا تتبع مسارات الجماعات الإرهابية في الجزائر بداية من حسان حطاب إلى نبيل صحراوي إلى بلمختار وعبدالرزاق البارا".
أما عن الجماعات المتبقية في الجزائر، فيراها المتحدث أنها "امتداد مباشر للجماعة السلفية للدعوة والقتال التي أرادت أن تبقي على تهديدها عبر التواصل مع تنظيم القاعدة في عهد بن لادن والذي أرسل آنذاك مبعوثه الخاص اليمني عماد عبد الوحيد أحمد علوان والذي التقى بصحراوي وبعده عبد المليك درودكال".
لكن الباحث في الجماعات الإسلامية نورالدين ختال، ينظر إلى هذه الجماعات المتبقية على أنها تتميز "بولائها الخارجي"، لتنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة، عكس الجماعات التي كانت تنشط خلال التسعينات "التي لم توال أطرافا خارج الحدود الوطنية". معتبرا في حديثه لـ CNN بالعربية، أن هذه الجماعات تتميز بـ"قلة نشاطها وضعف استقطابها للمتعاطفين مقارنة بالجماعات الجهادية خلال التسعينات التي كانت أقوى ولها عناصر أكثر".
ويرى ختال أن من بين العوامل الكثيرة التي ساعدت في إضعاف قوة وتأثير هذه الجماعات، أن "النظام الحالي أكثر احتراما للحقوق والحريات من أنظمة التسعينات"، داعيا إلى محاربة هذه الجماعات بـ "الحرب الفكرية عن طريق احترام الإسلام ونشر الإسلام الصحيح، واحترام حرية الرأي وحرية اختيار ممثلي الشعب".
ويختلف الخبير الأمني أكرم خريَف مع ختال، إذ يرجح فرضية أن هذه الجماعات النشطة حاليا "هي امتداد للجماعات التسعينات"، مستدلا في حديثه مع CNN بالعربية، باعترافات "الإرهابين" الذين تعتقلهم قوات الجيش، أين اعترفوا بالتحاقهم بمعاقل الإرهاب في سنوات التسعينات ويتضح ذلك، حسبه، في "سن الارهابين المقضي عليهم".
ويتابع خريف كلامه: "فحتى متوسط العمر عند الإرهابيين المقضي عليهم من طرف قوات الأمن هو 39 سنة وهذا يدل على أن هذه الجماعات لديها مشكل في التجنيد والتأطير".
ولم يستبعد المتحدث وجود جماعات تنشط حاليا منضوية تحت تنظيم داعش على غرار "جماعة جند الخلافة وجماعة أنصار المجاهدين التي سبق وان أعلنت ولاءها لداعش"، ويبين خريَف أن هذه الجماعات هي "جماعات انشقت عن تنظيم القاعدة وانضمت لداعش لتبحث عن صدى إعلامي، وفي اعتقاده، أن "ولاءها لداعش قد يجلب لها متعاطفين وأنصار جدد".