عمان، الأردن (CNN)-- شرعت جماعة الإخوان المسلمين "الأم" التي باتت تصفها الحكومة الأردنية بغير القانونية، بالفصل التدريجي بين مؤسسة الجماعة وذراعها السياسية حزب "جبهة العمل الإسلامي،" بحسب تأكيد قيادي بارز فيها، على ضوء قرار الحزب بالعودة إلى المشهد السياسي عبر بوابة الانتخابات النيابية المقبلة في سبتمبر/ أيلول القادم، وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون الإخوان عوضا عن إعلان مراقب عام جديد للمرة الأولى في تاريخها.
جاء القرار الذي أعلن عنه الحزب، السبت، عقب مقاطعة دامت لأكثر من 8 سنوات للانتخابات النيابية في 2010 و2013، وتزامن للمرة الأولى مع تشكيل اللجنة الإخوانية، إثر تعذّر انتخاب مراقب عام جديد وهيئة تنفيذية تقود الجماعة علنا، خلفا للشيخ همام سعيد، الذي انتهت ولايته، والذي يُعد من تيار المتشددين أو "الصقور"، إثر منع إجراء انتخاباتها الداخلية رسميا وتبني قرار حكومي بإغلاق جميع مقرات الإخوان منذ أشهر.
وفي ظل انقسامات كبيرة شهدتها صفوف الجماعة والحزب، شملت استقالات وسط القيادات، يؤكد القيادي وأمين سر اللجنة المؤقتة، بادي الرفايعة، في حديث لموقع CNN بالعربية، أن الجماعة قررت "اللجوء إلى تشكيل اللجنة بسبب التضييق الحكومي، بعد انتهاء ولاية الهيئات القيادية السابقة في إبريل/ نيسان الماضي."
وأضاف الرفايعة حول اللجنة التي اختيرت فيها أسماء جديدة تُعد من تيار المعتدلين أو "الحمائم"، قائلا: "كان لابد من لجنة لإدارة وقيادة المرحلة.. إنها لجنة تم اختيارها من الهيئات القيادية وليس تعيينا ولم يكن هناك إقالة أو استقالة للقيادة السابقة".
ورغم التوجه المعلن لدى الحركة الإسلامية في البلاد منذ وقت سابق بفصل الحزب كذراع سياسية عن الجماعة نظريا، إلا أن الرفايعة أكد لموقعنا أن هناك خطوات تدريجية بدأت فعليا "للفصل" وإحالة الملف السياسي والانتخابات إلى الحزب، وهو ما تبلور مرحليا بإعلان العودة للمشهد السياسي من خلال الانتخابات باسم الحزب دون تبني الجماعة أي موقف معلن حول ذلك.
وتابع الرفايعة: "الحركة الإسلامية جسم واحد، والفصل لن يكون بيوم وليلة وساعة، هناك خطة لدى الجماعة بترك الملف السياسي وإدارة الانتخابات للحزب والحديث هنا عن خطوات متدرجة في هذا الاتجاه، فبالنهاية لا يمكن فصل الجماعة مرة واحدة عن الحزب، إذ هناك قواعد وكوادر".
وأعلن حزب الجبهة رسميا خوضه الانتخابات استنادا إلى موافقة 71 في المائة من كوادره بحسب قيادة الحزب، وكشف الأمين العام للحزب، محمد الزيود، في مؤتمر صحفي رسمي، أن المشاركة ستكون ببناء أوسع "تحالفات" مع قوى سياسية أخرى بناء على قوائم مشتركة.
وتسعى الحركة الإسلامية الآن لفتح ممرات آمنة مع المؤسسة الرسمية وفتح قنوات حوار بعيدا عن "المكاسرة والتصعيد،" حسب تعبير قيادي بارز في نظام الحكم والحكومة، قائلا إن "القرارات جميعها مدروسة ولا ترغب الحركة بالتحدي أو المناكفات ولا المكاسرة".
وفي هذا السياق، جاء ترحيب الحكومة الأردنية "مقتضبا" عبّر عنه وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة، الذي اعتبر أن "مشاركة جميع الأطراف السياسية في العملية السياسية تعزز مسيرة الديمقراطية في البلاد،" ومؤكدا أن الحزب الحالي هو الإطار الشرعي السياسي الذي تتعامل معه الحكومة.
وقال المعايطة في تصريحات لـCNN بالعربية: "هناك ارتياح حكومي لمشاركة جميع الأحزاب في الانتخابات بصرف النظر عن توجهها السياسي وليشارك الجميع في صنع القرار وفق برامج انتخابية."
وبشأن دعوة حزب الجبهة الحكومة للانفتاح والحوار مع جميع القوى السياسية وتحديدا معه، قال الوزير المعايطة: "كتاب التكليف السامي أوجب دعم الهيئة المستقلة للانتخاب لتهيئة الظروف الملائمة للانتخابات، ولذلك لا يوجد مشكلة من جهتنا، إذ نتعامل وفق القانون وهذا الذي يحكم عملنا وجبهة العمل الإسلامي حزب مرخص."
ويؤكد المعايطة: "نحن قلنا وقلت أن حزب جبهة العمل الإسلامي هو حزب قانوني وشرعي ونتعامل معه بشكل اعتيادي، بالعكس لم يُطلب مني لقاء أحد ورفضنا، القضية ليست تصعيدا عدا عن أن الحكومة جديدة وعمرها أسبوعين وأمامها ملفات كثيرة ولا نريد التصعيد."
ويشير المعايطة إلى أن الحديث عن "الجماعة" التي تواجه نزاعا قانونيا مع جمعية مرخصة تحمل الاسم ذاته، هي "قضية مختلفة" وليست حزبا سياسيا يتم التعامل معه، فيما أكد أن الحكومة تسعى للحوار مع جميع الأطياف السياسية دون أن تخص الحزب في ذلك. وبالمقابل، استنكرت جمعية "جماعة الإخوان المسلمين" المرخصة، التي يترأسها المحامي، عبد المجيد الذنيبات، تشكيل لجنة الإخوان المؤقتة، دون التعليق على موقفها من إعلان الحزب مشاركته في الانتخابات المقبلة.
ويبدو أن الجمعية المرخصة لم تتضح لديها آلية أو كيفية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، في ظل وجود حزب جديد تحت التأسيس باسم "زمزم"، يضم قيادات من الجمعية.
وقال الذنيبات في تصريح مقتضب لموقعنا، الثلاثاء، حول مشاركة جمعيته في الانتخابات: "أعلنا المشاركة لكن لم نبحث كيفية المشاركة بعد."
ويعتمد قانون الانتخاب الجديد نظام القائمة النسبية المفتوحة المتعددة الأصوات على مستوى الدائرة الانتخابية، وقسمت المملكة إلى 23 دائرة انتخابية قوامها الأساسي المحافظات، وألغت نظام الانتخاب الفردي القائم على الصوت الواحد منذ التسعينات.