عمان، الأردن (CNN)-- نزع تدخل رئيس الوزراء الأردني الجديد هاني الملقي الجمعة مرحليا، فتيل أزمة متصاعدة في لواء ذيبان جنوب المملكة، بعدما شهد على مدار الأيام الثلاثة الماضية مواجهات عنيفة بين عاطلين عن العمل وقوات الأمن الأردنية، بالتعهد شفويا لدى وجهاء اللواء بتنفيذ عدة مطالب في مقدمتها سحب المظاهر الأمنية التي نفذت فجرا، دون أن تبدد مخاوف متابعين من تجدد الصدام فيها لاحقا.
اقرأ: محاولات الانتحار في الأردن.. "عايشين من قلة الموت"
التعهد الذي سبقته مفاوضات واسعة مع ممثلي اللواء ومسؤولين في الحكومة، لم يحدد وفق جدول زمني، إلا أنه أكد على فتح "الحوار" مع معتصمي ذيبان، والشروع بتنفيذ سلسلة إجراءات لحل مشكلة المتعطلين عن العمل، والإفراج عن 26 موقوفا مقابل محاسبة المتورطين في إصابة 3 من قوات الدرك بأعيرة نارية، بحسب مصادر متطابقة.
وتشهد ذيبان (70 جنوب عمّان) منذ انسحاب قوات الدرك هدوءا نسبيا تزامن مع إعلان التعهد الحكومي الذي لم تعلن عنه الحكومة رسميا، وسط تسريبات تحدثت عن "لوم" وجهه الملقي إلى الأجهزة الأمنية، بما فيها وزارة الداخلية لاستخدام القوة مع المحتجين.
وفي تصريحات لموقع CNN بالعربية، قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، إن الحكومة فتحت "حوارا" مع ممثلي لواء ذيبان وبدأت فعليا باتخاذ سلسلة إجراءات لحل الأزمة في مقدمتها البطالة.
وأوضح الوزير الذي حضر سلسلة من لقاءات حل الأزمة: "الحكومة معنية بحل المشكلة بالحوار وبالشكل القانوني والموضوعي والحوار يتطلب الهدوء والوقت، ولدينا 3 جرحى من قوات الدرك.. نحن لسنا في معركة ".
وتفاوتت ردود فعل الأوساط السياسية والشعبية والرسمية حيال الأزمة، بين من اعتبرها محاولة لتأجيج البلاد في ظرف سياسي معقد تمر به المنطقة وبين من اعتبرها احتجاجات مطلبية أساسية قوبلت بسوء تقدير أمني، تزامن مع رفع حكومة الملقي حديثة العهد أسعار عدد من السلع قبل أيام، من بينها أسعار المشتقات النفطية لمرتين في غضون أسبوع.
واقتصرت التصريحات الرسمية، على بيانات أمنية أصدرتها مديرية قوات الدرك، أوضحت فيها دواعي الاشتباكات في ذيبان، التي جاءت تنفيذا لأداء الواجب لإلقاء القبض على من وصفتهم بالمجموعة من "الخارجين عن القانون".
وكشف النائب السابق علي السنيد الذي نقل رسالة المعتصمين في لقاء منفرد مع الملقي فجر الجمعة، عن مساعي جادة لرئيس الوزراء احتواء أزمة ذيبان، مشيرا إلى أن عدم سحب الأجهزة الأمنية من ذيبان كان من شأنه إعادة الحراك الشعبي بالكامل، بحسبه.
وقال السنيد: "قدمنا شرحا للحالة لرئيس الوزراء واتخذ قرارا بسحب القوات الأمنية فجرا ونقلنا له صورة الأمن الخشن الذي لجأت إليه قوات الدرك وكيف جرى مداهمة البلدة بالكامل.. الرئيس وجه لومه للأجهزة الأمنية وأعتقد أن ما جرى ليلة الخميس كان مقتبسا من ليالي الربيع العربي وهو ما حذرنا منه".
وبدأ اعتصام العاطلين عن العمل منذ 60 يوما ببناء، 24 عاطلا عن العمل، خيمة في الميدان الرئيسي لذيبان وفقا للسنيد، قبل أن تهدم مرتين خلال الأيام الثلاثة الماضية، تبعها مواجهات عنيفة تخللها حرق محتجين لمنازل مسؤولين وإصابة 3 من عناصر الدرك.
وتشير تقديرات مسؤولين إلى أن لواء ذيبان الواقع في محافظة مادبا ويبلغ عدد سكانه 39 ألف نسمة، يعد من المناطق الأشد فقرا، فيما تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة الأردنية المعلنة في الربع الأول من عام 2016 بحسب الموقع الرسمي، إلى ارتفاع نسبة البطالة بواقع 1.6 في المائة عن الربع الاول في العام 2015.
ويعتقد الدكتور فايز الهروط، أحد وجهاء البلدة، أن التعهد الحكومي الذي تم الاتفاق عليه شفويا، هو حل مرضي للجميع، في الوقت الذي لا تحتمل فيه البلدة تجدد الصدامات، في ظل الظروف السياسية والأمنية العامة.
وبين الهروط أن الاتفاق الشفوي، اشتمل على اتخاذ إجراءات تباعا لتسريع تنفيذ مشروعات مدرجة على الموازنة العامة للدولة للعام الحالي لمناطق الجنوب، ومن بينها بعض المشاريع المتوسطة والصغيرة والتواصل أيضا مع القطاع الخاص، قائلا إن الحديث عن العمل في القطاع العام فيه عبء على الحكومة، مشددا أن التعيينات لن تكون إلا عبر نظام ديوان الخدمة المدنية، نقلا عن مسؤولين.
وبشأن الموقوفين، قال الهروط: "تم الاتفاق على إطلاق سراح الموقوفين باستثناء من تثبت إطلاقه الرصاص على الأمن".
من جهتهم، نشر القائمون على خيمة الاعتصام بيانا في وقت لاحق، أعلنوا فيه تشكيل لجنة للحوار واشتراط الافراج عن الموقوفين مساء الجمعة، ووقف الملاحقات الأمنية وتلبية مطالب التشغيل. وأظهر البيان في صفحة حملت اسم "خيمة شباب ذيبان المعطلين عن العمل" على "فيسبوك"، تحفظا لما نشرته تقارير صحفية من الوصول إلى اتفاق شفوي بين وجهاء وأطراف حكومية، مع التلويح بعودة الاحتجاج في حال التأخر في تنفيذ المطالب. وكان لواء ذيبان قد انطلقت منه شرارة الحراك الشعبي في المملكة مع بداية ثورة الربيع العربي في 2011.