باريس (CNN)-- أوضح بيتر بيرغن، محلل شبكة سي إن إن في قضايا الأمن القومي، وأستاذ في جامعة أريزونا، أن هجمات 11 سبتمبر مثلّت نجاحًا تكتيكيًا لأعداء الولايات المتحدة، واعتُبرت حدثًا مفصليًا في تاريخ البلاد، غير أن هذا النجاح التكتيكي لم يخلق نجاحات استراتيجية، وكانت النتيجة في النهاية عكس ما رغب فيه أسامة بن لادن، عندما أراد انسحاب القوات الأمريكية من السعودية ودول الشرق الأوسط، يشير بيتر في مقال له.
وعاد بيتر إلى هذه الهجمات التي خلّفت مقتل 3 آلاف شخص وخسائر اقتصادية بملايير الدولارات، في أكبر ضربة تتلقاها الولايات المتحدة منذ إحراق البريطانيين للبيت الأبيض عام 1814، إذ كانت الولايات المتحدة تحتمي بمركزها الجغرافي البعيد عن مراكز التوتر، غير أن عام 2001 شكّل منعطفًا رهن الجيش الامريكي في حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط، بدأت ضد تنظيم القاعدة واستمرت ضد مجموعات جهادية ظهرت بعد ذلك التاريخ، يقول بيتر.
وكان بن لادن يأمل في أن تخلق الهجمات ضد الولايات المتحدة ضغطا على الزعماء الأمريكيين من أجل تقليل دعمهم لأنظمة معينة في الشرق الأوسط، إذ كان بن لادن يعتقد أن ما يمنع أغلبية الأنظمة العربية من السقوط هو الدعم الأمريكي، وبالتالي فسحب هذا الدعم سيفتح المجال أمام أنظمة يدافع عنها بن لادن، كنظام طالبان في أفغانستان، يتحدث بيتر.
ويرى بيتر أن بن لادن كان يرغب تحديدًا بسحب القوات الأمريكية من قواعدها في السعودية، حتى تسقط العائلة الملكية في هذا البلد، وظهر هدف بن لادن من خلال حديثه في فيديو بث بعد الهجمات: "لن تحلم الولايات المتحدثة وشعبها بالعيش في سلام ما لم نعشه في فلسطين، وما لم تغادر الجيوش الخائنة أرض محمد". غير أنه بعد أسابيع من الحملة العسكرية الأمريكية، سقط نظام حكم طالبان وغادر عدد من قياديي القاعدة أفغانسان.
وتابع بيتر أن بن لادن كان يعيش في وهم أن الولايات المتحدة ضعيفة للغاية، وقد عبّر عن ذلك في حوار مع شبكة CNN عام 1997 عندما قال إن الولايات المتحدة نمر من ورق، مستشهدًا بخروجها من الفيتنام ولبنان والصومال، وبالتالي ظن أن هجمات 11 سبتمبر ستدفعها إلى الخروج من الشرق الأوسط، غير أن ما جرى بعد هذا التاريخ كان مغايرًا تماما.
"قوّت الولايات المتحدثة حضورها في مراكز جديدة بهذه المنطقة منها البحرين والكويت وقطر والإمارات، زيادة على احتلال أفغانستان والعراق، وقام عملاء سي أي إيه بتصفية العشرات من قياديي القاعدة، كما تمكنوا من إيجاد طريقة لقتل بن لادن، كما لم تعد القاعدة تستطيع مهاجمة الولايات المتحدة من جديد، ويظهر ذلك من رسالة كتبتها خالد شيح محمد، قائد هجمات 11 سبتمبر، اعترف فيها بكوارث مهلكة متتابعة لاحقت التنظيم في مدة لا تزيد عن ستة أشهر".