دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—يعتبر يوم العاشر من محرم بالتقويم الهجري، ذكرى يحييها المسلمون بأغلب طوائفهم، ورغم اختلاف المفهوم والطقوس والممارسات في هذا اليوم من وجهة نظر الطائفتين السنية والشيعية، نقدم لكم نظرة كل طرف ومفهومه عن هذا اليوم.
بعض السنة يصفون المناسبة بأنها: يوم فرح
يعود ذلك إلى قصتين الأولى بأن عاشوراء هو اليوم الذي نجّا الله فيه النبي موسى ومن معه من "بني إسرائيل" من قوم فرعون حيث فلق النبي بعصاه البحر وتمكن من الفرار بينما غرق فرعون وجنوده، أما القصة الثانية فلها صلة أيضا "ببني إسرائيل" حيث كان اليهود يحتفلون بهذا اليوم ورآهم النبي محمد وعندما أخبروه بأن احتفالهم بهذا اليوم لأن الله نجّا بني إسرائيل وصامه النبي موسى، قال النبي محمد وفقا لحديث نقله البخاري عن ابن عباس: "قَدِمَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَال:َ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى فقَال:َ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم.ْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِه."
ويقوم أهل السنة بصيام هذا اليوم كإحياء للسنة النبوية، حيث أخرج البخاري (أحد أشهر ناقلي الحديث عن النبي محمد والذي يعتبره العديد من علماء السنّة بأنه صاحب ثاني أصح كتاب بعد القرآن) في حديث عن عائشة زوجة الرسول محمد، أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ."
عند الشيعة: هو يوم حزن
بالنسبة للشيعية، فإن عاشوراء هي ذكرى مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد من ابنته فاطمة، الذي لقي حتفه سنة 680 ميلادية، في صراع على السلطة، كان إحدى أهم نقاط الانقسام بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية، ويحتفل الشيعة كل عام بذكرى مقتل الحسين، وتتوج الاحتفالات بيوم العاشر من شهر محرم حسب التوقيت الهجري، ورغم أنهم أقلية في العالم الإسلامي، إلا أنهم أغلبية في العراق وإيران ويمثلون شرائح كبيرة في البحرين ولبنان ويخرج مئات الآلاف منهم في عاشوراء.
وفي مدينة كربلاء، يحدث أكثر مشاهد عاشوراء دراماتيكية، حيث يحتشد الشيعة، في مظاهر رمزية "لتأنيب الذات" وإظهار الحزن على مقتل الحسين أثناء ثورته ضد الحاكم الأموي آنذاك يزيد بن معاوية، وفي تلك المشاهد، ينشد الآلاف من الشيعة أناشيد دينية تأبينية، ويقومون بضرب صدورهم أو ما يعرف بـ"اللطم،" ويجرحون أنفسهم بخناجر أو سيوف، ثم يجلدون أنفسهم بالسياط في حركات متناسقة.
موقف ابن تيمية
بالنسبة لابن تيمية، أحد أبرز علماء التيار السلفي في التاريخ الإسلامي، فإن موقفه قد يشكل مفاجأة بالنسبة للكثير من خصومه ومن أتباعه على حد سواء، فهو ينفي الكثير من ما يعرف بـ"المستحبات" في عاشوراء عند السنة، مثل قيام ليلة عاشوراء أو الاجتماع للصلاة أو أداء صلاة خاصة أو إظهار الفرح والاكتحال.
ويضيف ابن تيمية: "صار الشيطان بسبب قتل الحسين – رضي الله عنه- يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاد المراثي، وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب... وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله."
ويوضح ابن تيمية موقفه أكثر في إحدى فتاويه إذ يقول: "قد قابل قوم فعل الرافضة بفعل مضاد له، وهو جعل هذا اليوم يوم فرح وسرور وطبخ للأطعمة والتوسيع على العيال ، فقابلوا الفاسد بالفاسد ، والكذب بالكذب ، والشر بالشر ، والبدعة بالبدعة ، فوضعوا الآثار مقابل ما وضعها الرافضة" وفق تعبيره.