معركة القلوب والعقول في الموصل قد تُكسَب عبر فيسبوك

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
معركة القلوب والعقول في الموصل قد تُكسَب عبر فيسبوك
Credit: afp/getty images

مقال كتبه محرر مساهم في موقع "ذا ديلي بيست" الإخباري، ديفيد باتريكاراكوس، وهو مؤلف كتاب يصدر قريبا حول الحرب ومواقع التواصل الاجتماعي. وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتب فقط ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- علّمنا القرن الحادي والعشرين أن الجيش يحتاج إلى استراتيجية مغادرة ناجحة، ليكسب الحرب. فإذا افتقر إليها، قد يكسب الحرب العسكرية فقط دون أن يحظى بالفوز بالحرب الاستراتيجية.

وهذا واضح جدًا في النزاعات، التي جاءت بعد أحداث 11 سبتمبر، في أفغانستان والعراق. ففي كلتا الحالتين، انتصرت التحالفات التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على خصومها بسهولة في البداية. لكن هزيمة جيش صدام حسين كانت مجرد بداية الحرب الحقيقية في العراق.

في الأسبوع الماضي، تمكن المشاهدون من رؤية شيء لم يسبق له مثيل، وهو بث مباشر على موقع "فيسبوك"، يُظهر قوات التحالف بقيادة العراق وهي تشن حملتها لاسترجاع الموصل من الجماعة الإرهابية "داعش"، التي سيطرت على ثاني أكبر المدن العراقية (الموصل) مما أدى إلى إعلان قائد الجماعة، أبو بكر البغدادي، إعادة إحياء الخلافة الإسلامية في مناطق واسعة من العراق وسوريا عام 2014.

وهنالك سلبيات واضحة لبث عملية عسكرية، خاصة على الجيش. فلماذا تريد من العدو أن يرى ما تفعله وأنت تحضر للهجوم على معقله؟

الجواب يكمن في صلب الحروب الحديثة. ففي القرن العشرين، كانت الحروب قائمة على مواجهة الدول لبعضها البعض. أما في القرن الحادي والعشرين، أصبح التحدي الكبير هو الحروب غير المتوازية، حيث تقاتل فيها الدول جماعات متمردة.

ففي حال إسرائيل، لم تَعد الدول العربية تشكل تهديدًا عظيمًا عليها، إنما أصبحت باتت التهديدات مصدرها جماعات كحماس وحزب الله. ولم يكن الجيش العراقي أكبر المشاكل التي واجهتها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، بل كان أكبرها هو التمرد الذي ظهر بعد هزيمة جيش صدام. إذًا، التهديد الأعظم الذي يواجه العراق لا يصدر من عدوته التقليدية إيران (على الأقل ليس عسكريًا)، بل من داعش التي انتهزت الفرصة لتجنيد أفراد مضطهدين من السنة بعد الحكم الطائفي لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي دام سنوات.

عندها، تصبح المعركة متمحورة حول كسب قلوب ونفوس السكان المحليين عوضًا عن اقتصارها فقط على هزيمة داعش العسكرية. ولن تكون المعركة حربًا عسكرية فحسب، بل ستكون حربًا روائية، للفوز بحق عرض رواية خاصة للأحداث، وهذا هو الأهم.

ففي أفغانستان، وبعد بدء القتال، لم يسع التحالف الأمريكي إلى هزيمة طالبان، بل أراد إقناع السكان المحليين بعدم الانضمام إليهم. وفي العراق، كان على التحالف إقناع المتمردين بإلقاء أسلحتهم والانخراط في "عراق جديد". فتحولت حملتا التحالف من كونهما عسكريتين إلى سياسيتين. ولم تكن قوات التحالف لتغادر إلًا إذا فازت بالحرب الروائية. لكنها لم تنتصر بها. فهي لم تتمكن من كسب القلوب والنفوس بشكل كافٍ، لذلك، لازالت الدولتان غارقتان في العنف.

في العراق، لا يمكن للحكومة السماح للمزيد من العراقيين بالانضمام إلى داعش، ويعتبر هذا أكثر أهمية من هزيمة المجموعة تلك في أرض المعركة. لكن العراقيين لا يثقون بحكومتهم. ومازالت البلد خصبة لتجنيد عناصر في داعش، نتيجة الشرخ الطائفي الذي تعاني منه العراق.

لذلك، على تحالف الأكراد وأمريكا والمملكة المتحدة الذي يشمل قوات خاصة على الأرض بالإضافة إلى ضربات جوية، أن يبيّن للعراقيين مدى إصراره على التخلص من داعش. ففي حين تمكّن من هم في الغرب من مشاهدة البث المباشر، لم تتوفر لديهم ترجمة فورية عندما كان الجنود يصرخون بالعربية، مما يظهر أن العراقيين والعرب هم الجمهور المستهدف.

إن هزيمة داعش تعني الفوز بالحرب الروائية. وليتحقق ذلك، من الضروري استخدام تقنية المعلومات في موقع "تويتر" وبث أحداث مباشرة على منصات كالفيسبوك. فعندما تُهزم داعش بالحرب الروائية، سيتأكد الغرب من أن المجموعة هذه لن تتجدد ولن تنبع في أماكن أخرى في العراق، وعندها أيضًا سيخلّص الغرب نفسه من مستنقع القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط.