محلل الأمن القومي لدى CNN: سينشأ "خليف" لداعش بعد خسارته الموصل دون تسوية سياسية بين السنّة والشيعة في العراق وسوريا

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة

بيتر بيرغن هو محلل شؤون الأمن القومي في شبكة CNN، ونائب رئيس مركز أبحاث "نيو أمريكا،" وأستاذ ممارسة في جامعة ولاية أريزونا. وبيرغن هو كاتب الإصدار الجديد: "الولايات المتحدة الجهادية: تقرير عن إرهابيي أمريكا محليين المنشأ." هذا التقرير هو جزء من مقال رأي يعكس آراء الكاتب، ولا يعكس بالضرورة آراء CNN.

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- وبدأ الهجوم المرتقب منذ فترة طويلة على الموصل، المدينة العراقية ذات الرمزية الكبيرة، حيث أعلن زعيم "داعش"، أبوبكر البغدادي، انطلاق "الخلافة" منذ أكثر من عامين.

الموصل ليست فقط ثاني أكبر مدينة في العراق، وإنما هي مفتاح لادعاء "داعش" تأسيسه "خلافة حقيقية" لأول مرة منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية.

لا يوجد شك بأن "داعش" سيخسر الموصل ويُرجح وقوع ذلك قبل تسلم الرئيس الأمريكي المقبل منصبه. أصدر قائد عملية "العزم التام" التي ينفذها التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الجنرال ستيفن تاونسند، بياناً الاثنين الماضي، قال فيه إن عملية الموصل "من المرجح استمرارها لأسابيع وربما لفترة أطول."

ومع سقوط الموصل، سيتم نفي بقية عناصر التنظيم من العراق، ويُذكر أن جيش التنظيم الإرهابي خسر بالفعل سلسلة من المدن الأخرى الهامة مثل بيجي والفلوجة والرمادي وتكريت. وأصبحت المحافظة على ادعاء "داعش" بترأس "خلافة" أكثر صعوبة مع فقدان التنظيم مدينة تلو الأخرى في العراق وسوريا.

سلم "داعش" الأحد الماضي، مدينة دابق السورية دون قتال يذكر، وهي مدينة أخرى مهمة للتنظيم لأن داعش يعتقد أن دابق هي مكان وقوع معركة فاصلة بين المسلمين والغرب والتي يؤمن أنصاره بأنها ستؤدي إلى "نصرة الإسلام وداعش"، إذ أن التنظيم حتى لقب مجلته الإنجليزية بـ"دابق" بشرف تلك النبوءة. وعوضا عن ذلك، تمثل المدينة خسارة أخرى في سلسلة الخسائر التي تكبدها التنظيم في سوريا.

ولكن قبل الاحتفال، يجب إدراك أن انتصاراً في الموصل لن يحل ما تعانيه الكثير من مناطق الشرق الأوسط، وذلك لأن "داعش" ليس هو المشكلة الأساسية، إنه عرض لمشاكل أكبر وأكثر تعقيدا.

يعود جزء كبير من السبب في تأسس "داعش"، إلى تهميش الحكومة ذات الأغلبية الشيعية في العراق والمدعومة من أمريكا، السنّة العراقيين، ونفس الشيء ينطبق أيضا على الحكومة التي يقودها الشيعة في سوريا، والذي سبب حربا وحشية استهدفت الكثير من سكانها السنّة.

سينشأ "ابن" لداعش على الأرجح إن لم توجد تسوية سياسية حقيقية بين الشيعة والسنة في العراق وفي سوريا أيضا في وقت لاحق، لأن المليشيات السنية مثل "داعش" ستظل تزعم أنهم وحدهم من يستطيع الوقوف في وجه الحكومات الشيعية في بغداد ودمشق.

كما تخوض إيران والمملكة العربية السعودية وحلفائها من الدول الخليجية حرباً بالوكالة ممولة بشكل كبير في كل من العراق وسوريا، حيث تحظى الميليشيات المدعومة من إيران بنفوذ هائل، وإن لم يتم التوصل إلى "سلام بارد" بين الإيرانيين والسعوديين، ستستمر هذه الحرب بالوكالة التي تغذي الجماعات المتشددة المعادية للشيعة مثل "داعش".

كما يغذي انهيار الحكم العربي في معظم أنحاء الشرق الأوسط الجماعات مثل "داعش"، لأن هذه الجماعات المسلحة تزدهر في ظل الدول الفاشلة والتي تواجه السقوط مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن.

وفيما وراء هذه المشاكل الكلية، هناك تحديات أخرى ستعقب سقوط الموصل. إذ مع خسارة التنظيم للمدينة، لن يتم القبض على أو قتل جميع الآلاف من مقاتلي التنظيم الذين اختبأوا في المدينة، إلى أين سيذهبون؟ هل سيعود مقاتلو "داعش" الأجانب إلى أوروبا لإثارة الإرهاب هناك؟ هل سيُوزع باقي المقاتلين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط للمشاركة في المزيد من الأنشطة الإرهابية في المنطقة؟ يبدو كلا الاحتمالين مرجحاً.

سقوط الموصل يبشر بتفكيك "خلافة" داعش وهو تطور إيجابي للغاية، ولكن دعونا لا نخدع أنفسنا بأن النصر في الموصل سيكون بداية النهاية للجماعات الإرهابية السنية. للأسف، من المرجح أن تستمر ويلات التشدد السني في منطقة الشرق الأوسط لعقود.