کاملیا انتخابی فرد تكتب لـCNN عن تفجيرات مصر وتركيا: لكي نهزم الإرهاب.. علينا الاهتمام بالتاريخ

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير کاملیا انتخابی فرد
کاملیا انتخابی فرد تكتب لـCNN عن تفجيرات مصر وتركيا: لكي نهزم الإرهاب.. علينا الاهتمام بالتاريخ
Credit: Kurtulus Ari /Getty Images

هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

الأماكن المفضلة لغالبية الناس خلال موسم الإجازات تكون عادة الأماكن التاريخية الجميلة، مثل تركيا ومصر.

وربما يكون المكان المفضل للسياح الغربيين والشرق أوسطيين على حد سواء هو مدينة اسطنبول، حيث يلتقي –بالمعنى الحرفي للكلمة- الغرب مع الشرق في مكان واحد. تتميز اسطنبول بسماء رائعة الزرقة ومواقع ومباني تاريخية ساحرة تجمع بين اللمسات المعمارية الرومانية والعثمانية، ويلفها نسيم البحر من كل جانب. ببساطة، اسطنبول جنة الله على الأرض.

أما في مصر، فلا يمكن مقاومة إغراء الأهرامات في القاهرة. زيارة هذا البلد الذي يتمتع بعراقة تاريخية أصيلة ومميزة، ويحتضن ثروة تاريخية رائعة، هي حلم آخر للسياح من شتى أنحاء العالم.

ومع الأسف، يعاني كلا البلدين الآن من تراجع كبير في النشاطات السياحية. تكرار حوادث الانفجار في تركيا، والتي كان آخرها يوم السبت 10 ديسمبر قرب ملعب لكرة القدم في اسطنبول، وكذلك في مصر، حيث وقع انفجار أيضاً في نفس اليوم الذي حدث فيه انفجار اسطنبول في كاتدرائية قبطية، يهدف ليس فقط إلى قتل المدنيين الأبرياء، ولكن إلى منع السياح من زيارة هذين البلدين التاريخيين أيضاً.

قال لي صديق مسلم يعيش في الغرب أنه يخشى السفر بالطائرة مع أشخاص تبدو عليهم مظاهر التشدد. سألته ماذا يعني بـ"مظاهر التشدد"، فأجاب أن يكون مظهر الشخص "شبيها بالمنتسبين إلى داعش: شباب لهم لحى طويلة."

في هذه الفترة الصعبة تنتابنا مخاوف كثيرة من بعضنا البعض سرعان ما توصلنا إلى حد المواجهة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث يلعب الانتماء القبلي والعائلي دوراً أكثر أهمية من الدين في بعض الأحيان. والإرهابيون يستهدفون ليس إنسانيتنا فحسب، بل تاريخنا أيضاً. إن أي بلد يفتقر إلى التاريخ يمكن تدميره بسهولة لأن التاريخ هو  الرابط الأساسي بين أبناء الشعب الذين يعيشون في بلد واحد.

عندما سمعت بدخول مقاتلي تنظيم داعش إلى مدينة تدمر التاريخية في سوريا في المرة الأولى منذ عامين تقريباً، شعرت بأن قلبي يبكي ألماً على هذا الصرح العريق. وعندما قرأت عن تدميرهم للمتاحف ومعالم التراث العالمي في تدمر، ايقنت أنهم يهدفون بذلك إلى تدمير الإنسانية والحضارة في سوريا (وها هم يدخلون تدمر مرة ثانية، والله وحده يعلم مدى الدمار الذي سيتسببون به هذه المرة أيضاً). هذا ما فعله الإرهابيون في نمرود وبابل في العراق، وما فعله طالبان بتماثيل بوذا في أفغانستان.

منذ أسبوعين فقط، تعرضت قافلة من الزوار الشيعة، ومعظمهم كانوا من إيران وأفغانستان، إلى هجوم إرهابي اثناء عودة الزوار من كربلاء في العراق، وقتل أكثر من 80 شخص بسبب الهجوم.

ما أريد قوله هنا هو أن علينا أن ندين الهجمات الإرهابية في كل مكان، بغض النظر عن انتماءاتنا السياسية والمذهبية، لأن الإرهابيين لا يقتلون الناس فقط ، لكنهم يقتلون أيضاً حضاراتنا وتعاطفنا مع بعضنا البعض.

أفغانستان منذ فترة ليست بالبعيدة، في أيام حكم الملك محمد ظاهر شاه في بداية سبعينيات القرن العشرين، كانت بلداً عصرياً. أما اليوم فقد تحولت إلى دولة فاشلة تعاني من الكثير من الاضطرابات بسبب الإرهاب وزراعة وتجارة المخدرات. لا أحد يتذكر الفترة التي كان فيها هذا البلد ينعم بالاستقرار، حيث كان يزخر بالنشاطات الفنية العريقة، وكان الشعب الأفغاني شعباً متحضراً ومتعلماً. الإرهابيون مسحوا هذه الحقائق من الذاكرة الإنسانية ليستغلوا ذلك لتنفيذ غاياتهم، وعلينا أن لا نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى في أي مكان في العالم.

ربما استطاعت بعض البلدان أن تبقى في منأى من الهجمات الإرهابية حتى الآن، لكن لا شيء يضمن أن يستمر ذلك لأن الإرهاب يمكن أن يضرب في أي مكان وفي أي وقت. ولعل أبرز مثال على ذلك الهجوم الإرهابي الدنيء الذي نفذه مجرمون على المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة في السعودية، رغم قداسة المكان لجميع المسلمين.

حتى لو تمت هزيمة الإرهاب في العراق وسوريا، علينا أن نمنع عودته بصورة فكر أو طائفة. علينا أن نصلح ما دمره الإرهاب من آثار ونهتم باللحضارة والتراث العالمي. التاريخ عنصر أساسي لفهم أهمية الدول وجعل شعوبها تفخر بثقافتها وتعيد بناء مجتمعاتها بشكل حضاري.

  • کاملیا انتخابی فرد
    کاملیا انتخابی فرد
    كاتبة ورئيسة تحرير الاندبندنت باللغة الفارسية
نشر