آراء هذا المقال تعود الى فريدا غيتيس وهي كاتبة في الشؤون العالمية لميامي هيرالد وورلد بولتيكس ريفيو. الآراء الواردة في المقال تعود للكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.
لندن، بريطانيا (CNN) -- في 28 يونيو، 1914، قام صربي يدعى غافريلو برينسيب بإطلاق النار على سيارة مكشوفة تسير في شوارع سراييفو، وتقل وريث عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية، الأرشيدوق فرانز فرديناند.
وفي غضون شهر، أدى الاغتيال الى حدوث سلسلة من ردود الفعل التي أطلقت الحرب العالمية الاولى، مخلفة عشرات ملايين القتلى ووضعت حجر الأساس للحرب العالمية الثانية، وساهمت بشكل غير مباشر في الصراعات التي نشهدها اليوم.
وفي 19 ديسمبر، 2016، قام ضابط شرطة تركي يدعى مولود آلطنطاش بإخراج مسدسه خلال معرض فني وقتل السفير الروسي في تركيا أندي كارلوف.
وكما في عام 1914، فإن العالم اليوم هش بسبب توتر المنطقة، وازياد المشاعر القومية، والأفكار السياسية التي تسبب الهياج، ويبدو أن النظام القديم سينهار.
هل سيؤدي قتل السفير الروسي الى اندلاع حرب عالمية جديدة؟ في هذه اللحظة تبدو فرص أن يتسبب هذا الحدث بحرب عالمية منخفضة نوعا ما.
في عام 1914، طلبت النمسا-المجر من صربيا تدمير جميع المنظمات الإرهابية، وعند شعور صربيا بالخطر طلبت من القيصر الروسي مساعدتها، ومع تدخل الروس، أعلنت النمسا والمجر الحرب ضد صربيا بعد 30 يوما على تنفيذ الاغتيال. واشتركت دول أخرى في الحرب ظنا منهم أن الحرب ستكون قصيرة ورائعة، الا أنها كانت مخطئة.
في عالم اليوم، يبدو أن حكومتي روسيا وتركيا تنسقان بشكل واضح استجابتهما، فهما ليستا على وشك بدأ القتال، وكلتاهما تلومان الإرهابيين على محاولة تخريب العلاقات بين البلدين، وقد تعهدتا بعدم السماح بذلك.
أصدر كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات مشابهة، مما يعني أنهما سيستخدمان هذا الحدث كفرصة لتضييق الخناق على المجموعات التي يستهدفانها بالأساس.
ومع ذلك، هناك شعور لا تحمد عقباه في الأرجاء، فإن البارود، والإرهاب، والطائفية، والقومية التي انطلقت من سوريا بدأت بالانتشار الى حدود الدول الأخرى.
ولقد بين شريط الفيديو خلال عملية الاغتيال القاتل في أنقرة يصرخ قائلا "الله أكبر" وأضاف باللغة التركية "لا تنسوا حلب، لا تنسوا سوريا".
نحن نعيش في أوقات غريبة ومفجعة، حيث يبدو أن ما يحدث غير واقعي وعلينا أن نذكر أنفسنا أن ما نراه في الاخبار حدث حقا.
تقول كل من روسيا وتركيا أن هدف الهجوم هو التفريق بينهما، ولكن قد يكون هدفه لفت نظر العالم لما يحدث في حلب حيث تم قتل الأبرياء على يد التحالف الذي يضم روسيا. بالطبع هذا لا يبرر قتل دبلوماسي، ولكن مقتله يمثل تحذير شديد لارتفاع المخاطر في عالمنا المضطرب.
وبعد ساعات من الاغتيال في أنقرة، تناقلت وسائل الاعلام خبر حادثة في برلين، ألمانيا، حيث انطلقت شاحنة بين حشود في سوق خاص بأعياد الميلاد، وأدت الى مقتل 12 شخص، واصابة 48 شخص على الأقلويشبه هذا الحادث الهجوم المميت الذي حدث في مدينة نيس الفرنسية في يوليو الماضي وخلف 87 قتيل. وقال تنظيم داعش حينها أن أحد جنودها نفذ هجوم نيس.
فإن الامر يحتاج شخص واحد فقط لإلحاق خسائر فادحة، الامر يحتاج شخص واحد فقط يحمل الضغينة والأيدلوجية والسلاح، يمكنه قتل سفير أو حشد من الناس المحتفلين خلال عطلة، لقد رأينا ذلك مرارا وتكرارا. وخطرهم لا يقتصر فقط على القتل، ونشر الخوف، بل أيضا على خلق حالة من عدم الاستقرار في العالم.