هذا المقال بقلم محمد المنشاوي، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN
تقف هيلاري كلينتون وحيدة حتى اليوم بين أقرانها الديمقراطيين على رأس مقدمة سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016. ولا يمنع هيلاري هذه المرة أي شيء كي تصبح أول امرأه حاكمة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. والتحدي الحقيقي الذي تواجهه هيلاري حاليا ينحصر في كونها معروفة بشدة عند الناخبين الأمريكيين.البعض يرى أن كلينتون تأخرت في دخول البيت الأبيض ثماني سنوات كاملة بسبب الظهور المفاجئ والمستحيل إيقافه للمرشح الأسود الشاب باراك أوباما في انتخابات 2008. واليوم ينضم أعضاء بارزون في إدارة باراك أوباما إلى حملة هيلاري كلينتون.
وعلى الرغم من توالي مسلسل الفضائح والهزات المتكرر لهيلاري كلينتون، إلا أن السيدة القوية تبدو لديها حصانه تاريخية للتعامل مع المحن والشدائد بدون أن يهتز أيمانها بأحقيتها في المنصب الأعلى والأهم على وجه الأرض والذي لم يشغله أحد من النساء حتى اليوم.
فضائح ممتدة لم تبدأ مع طريقة إدارتها لأزمة بنغازي والتي راح ضحيتها السفير الأمريكي في ليبيا وأخرون، وفضائح لن تنتهي مع طريقة تعاملها الخطأ مع بريدها الالكتروني أثناء خدمتها كوزيرة للخارجية في فترة حكم أوباما الأولى.
ولدت هيلاري في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي في 26 أكتوبر عام 1947. وقضت طفولتها الكلاسيكية في الخمسينيات بين أسرة من الطبقة المتوسطة من سكان الضواحي. وتتذكر هيلاري تأثير والديها على كل من مسارها وقيمها الراسخة، حيث ترى أن أبيها، عامل النسيج، المؤيد للحزب الجمهوري، غرس فيها الشعور الوطني والمسئولية تجاه الوطن. في حين عززت قصص طفولة والدتها الصعبة رغبتها في الدفاع عن قضايا الأطفال والأسرة .وقد شجعها الاثنان على متابعة أحلامها ومواصلة الطريق الذي تختاره.
في شبابها واصلت هيلاري دراستها الأكاديمية بجدية، وكانت طالبة متفوقة طوال الوقت. وكانت كثيرة ما تنتخب رئيسة لفصلها. وواصلت اهتمامها السياسي ومساهماتها أثناء دراستها بكلية ويلزلي حيث شاركت بفاعلية شديدة في إدارة الكلية وتخرجت مع مرتبة الشرف. وفي كلمة ألقتها هيلاري أثناء حفل تخرجها في الكلية قالت "التحدي الآن هو ممارسة السياسة كفن تحويل ما يبدو مستحيلا إلى ممكنا" .
ثم واصلت دراستها الجامعية بالالتحاق بجامعة ييل المرموقة لدراسة القانون في العام 1969، حيث بدأت عملها لحماية حقوق الأطفال والعائلات والدفاع عن حقوق المرأة. وكطالبة في كلية الحقوق خدمت هيلاري في مجلس المراجعة والقانون الاجتماعي بالكلية. وفي نفس الكلية التقت هيلاري بيل كلينتون الذي كان زميلا لها آنذاك ثم تزوجها قبل 38 عاما.
وبعد تخرجها عملت هيلاري كمحامية في صندوق الدفاع عن الأطفال، ثم عينت للعمل ضمن فريق تحقيق الاتهام التابع للجنة القضاء بمجلس النواب الأمريكي، وأصبحت واحدة من محاميتين عاملتين بالفريق. وفي ذلك الوقت شاركت هيلاري في قضية وترجيت التي تورط فيها الرئيس نيكسون. وقد عرض عليها العديد من المناصب من قبل مؤسسات قانونية متنوعة ذات نفوذ كبير، لكنها قررت متابعة رفيقها الحبيب بيل كلينتون. إذ وجدت نفسها تترك حياتها في واشنطن وتتبع قلبها إلى أركانسس، حيث تزوجت بيل في العام 1975، وولدت ابنتهما تشيلسي في العام 1980. ظلت هيلاري سيدة أركانسس الأولى عندما انتخب بيل كلينتون حاكما للولاية الجنوبية لمدة 12 عاما قبل أن تصل إلى البيت الأبيض في العام 1992، عندما انتخب بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة. وكسيدة أولى حظيت هيلاري باحترام كبير لإنجازاتها التعليمية والمهنية ومواصلتها العمل في مجال الشئون العامة. وفي ذلك الوقت لعبت هيلاري أدوارها المتعددة كزوجة وأم، ومدافعة عن النساء والأطفال والعائلات، ومحامية. وأثناء الحملة الانتخابية في العام 1992 قالت هيلاري "حياتنا خليط من الأدوار المختلفة، ويبذل معظمنا قصارى جهده للوصول إلى التوازن السليم، وبالنسبة لي فإن التوازن هو العمل العائلي والخدمة".
وبعد انقضاء سنوات البيت الأبيض، انتخب سكان ولاية نيويورك هيلاري لتكون عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002. وواصلت جهودها لإصلاح شئون الأسرة والطفل، كما شاركت في تطوير الأمن الداخلي لولاية نيويورك ومجتمعات أخرى وقضايا الأمن القومي الأخرى. كما اهتمت هيلاري اهتماما عميقا بحق الناخبين والإصلاح الانتخابي. وحاربت من أجل توفير المزيد من الرعاية الصحية، والتشجيع على توسيع مجال الأعمال، وحماية الحقوق الدستورية. كما ظلت واعية بحق المرأة في الاختيار، وبذلت جهودا محمودة لإبقاء عمليات الإجهاض آمنة وقانونية ونادرة. كما ساندت أيضا عملية خفض الضرائب المفروضة على الطبقة المتوسطة، وصوتت لصالح تخفيض الضرائب عن أرباح وحصص رأس المال، وخفض الضرائب عن الدراسة في الجامعات. وفي نفس الوقت تواصل دفاعها المستميت في مجلس الشيوخ عن الأطفال والعائلات، حيث تعمل على دعم برنامج التأمين الصحي للأطفال، وضمان صرف عقاقير الأطفال بطريقة آمنة، ومساعدة المدارس على تحديد المخاطر البيئية. إضافة إلى ذلك مررت هيلاري تشريعا للمساعدة على توفير معلمين ومدراء على أعلى المستويات للمدارس الأمريكية.
في 2007، أعلنت هيلاري عزمها على خوض الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي للترشح لانتخابات الرئاسة، واحتدمت المنافسة بينها وبين باراك أوباما في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الديمقراطيين. وعندما اتضح أن أوباما سيحظى بترشيح الديمقراطيين، قررت كلينتون الانسحاب من السباق وأعلنت مساندة أوباما ضد المرشح الجمهوري جون ماكين.
وبعد فوز أوباما بالرئاسة اختارها وزيرة للخارجية، وخدمت معه حتى نهاية فترة حكمه الأولى عام 2012. وخلال الأعوام القليلة الماضية لم تضيع كلينتون وقتها هباء بل استغلت كل فرصة ومناسبة في جمع الاموال اللازمة والضرورية لإيصالها للمكتب البيضاوي بعد عامين.