دمشق، سوريا (CNN)-- في زمن "داعش" وأخواتها، هناك مَنْ ينوي الاحتفال بعيد الحب، حيث تزيّنت واجهات محالٍّ تجارية عديدة بدمشق، وعرضت بضائعها من الهدايا المقترحة على العشّاق، وثمّة إعلانات عن حفلاتٍ خاصّة بالمطاعم، والفنادق، والنوادي الليلية لهذه المناسبة، اعتاد روّادها مؤخراً الرقص على وقع أغاني حبٍّ تستقي مفرداتها من حرب الاعوام الأربعة التي أرهقت البلاد وأهلها؛ "ياريتاني عسكري عالحاجز تحت بيتا"، و"متل الطلقة الروسية إن ماقتلتي بتشلي"، و"رشيّ عليي كيماوي"، كما تخصص بعض الإذاعات ومحطات التلفزة، فترات برامجية للحديث عن الحاجة للحب، وأهميته، وحب الوطن، بينما يعيش الكثيرون ذكرى أحبّةٍ فقدوهم.
أبو يزن صاحب أحد المحال التجارية بـ"القيمرية"- دمشق القديمة، أعدّ العدة جيداً لعيد الحب، وكسا واجهته باللون الأحمر، لتجد عنده معظم الهدايا الرائجة لدى العشّاق في عيدهم، دببة حمراء بمختلف الأحجام، أكواب، عطور، وساعات مستنسخة عن أشهر الماركات العالمية، وجميع مستلزمات الهدايا من علبٍ خاصّة، وورقٍ للتغليف تغزوه القلوب البرّاقة، لكن حركة البيع تبدو أقل مما توقّعه، رغم أن البضائع "أكثر توفراً وتنوعاً" هذا العام كما قال لـ CNN بالعربية ، وعزا السبب لـ"الضائقة الاقتصادية التي يمر بها السوريون، وبرودة الطقس، وربمّا المخاوف الأمنية من التجوّل بالأسواق، بعد سقوط عشرات القذائف على دمشق في وضح النهار مؤخراً."
أما فيما يتعلق بالأسعار فيقدّر أبو يزن ثمن "الهدية المقبولة بـ 3000 ليرة (حوالي الـ 12 دولار)، ويمكن أن تتألف من دبدوب صغير، وكوب مملوء بالزهر المجفف، يتم تغليفه بطريقةٍ جميلة."
أسعار دببة الحب الشهيرة تبلغ 2 دولار بالحد الأدنى، وهنا بالكاد تستطيع ملاحظتها لصغر حجمها، بين أكوام الهدايا المقترحة، وقد يصل سعر "دب الأحلام" لـ 250 دولار، وأكثرهم شعبيةً يتراوح بين 8 و24 دولار.
ومن بين الهدايا المقترحة لعيد الحب التي يمكن العثور عليها بدمشق القديمة - سوق "القباقبية"؛ أول حرف من اسم الحبيب، منحوتاً بالإنجليزية على الخشب، هدية مميزة بسعر 2 دولار تقريباً، وإذا كنت تفكر بأبعد من هديّة حبٍّ بريئة، عليك بمحال الـ" Lingerie" الشهيرة، بسوق "الحميدية"، لتجد مالم يخطر ببالك من الملابس النسائية المثيرة، باللون الأحمر طبعاً.
جاد يوسف (طالب جامعي)، لم يُعِر لكل تلك الاقتراحات أي اهتمام، حيث وجد طريقة مختلفة لـ "مواجهة أعباء الفالنتاين" كشف عنها لـ CNN بالعربية، قائلاً: "تمكنت من إقناع حبيبتي أن الاحتفال بهذه المناسبة سخيف جداً، وأننا لا نحتاج لعيدٍ، أو يومٍ سنويّ للتعبير عن مشاعرنا، أو الاحتفال بحبنا، وبذلك تخلصت من معضلات هذا العيد، المغازلة، والهدية، والخروج من المنزل".
ونصح يوسف أقرانه بفعل ذلك، كخطوة أولى، يليها إقناع الفتاة التي يحبّها بأن: "الزواج هو نهاية للحب، وتفاصيله الجميلة، فالزواج كان صعباً قبل الحرب، وبات مستحيلاً اليوم --شاب سوري ."
الحديث عن صعوبات الزواج بالنسبة للشباب، وربما استحالته يقود لسؤال الطرف الآخر، هل تغيّرت مواصفات فارس الأحلام بالنسبة للفتاة السورية بعد الحرب؟
أجابت ديالا حسن: "نعم، اختلفت كثيراً، وأصبحت مطالب الفتيات أقل، بسبب الظروف، وربما باتت تقتصر على توفّر العمل، والسكن."
ديالا مقدّمة برامج في إذاعة شام إف إم، سيكون لعيد الحب، نصيبٌ من برنامجها ليوم 14 شباط/ فبراير، وترى أنّ هذا العيد ليس حكراً فقط على مَن يعيشون قصّة حب (حبيب وحبيبة): "هناك أناس نحبّهم، ويستحقون منّا المعايدة بهكذا مناسبة -- شابة سورية"، أما على الصعيد الشخصي، فهي لا تحتفل بعيد الحب "بمعنى الاحتفال"، كما لا تعتبره "يوماً عاديّاً، فاسمه عيد، والعيد يعني الفرح، فلماذا لا نكون مصدر فرح للناس الذين يستحقون ذلك بحياتنا."
بعيداً عن إغراءات هدايا عيد الحب، والتخطيط لاقتنائها، أو التهرب من أعبائها، ثمّة من طال انتظارهم لأحبّتهم، في مواعيد أخلفتها الحرب معهم، قد يكون دونها، الموت، أو النزوح، أو قتالٌ على جبهاتٍ لا تهدأ، أما اللون الأحمر، فلن يستمر إغراؤه على واجهات المحال التجارية طويلاً، ليستعيد دلالاته المفجعة في نشرات الأخبار، أو مشهد موتٍ يومي... تتعدد وسائله، لكنّه بات زاداً يومياً للسوريين.