(CNN) -- عندما يواجه روّاد الفضاء خطراً طبياً على محطة الفضاء الدولية على بعد 250 ميلاً من سطح الأرض، فبالتأكيد ليس من السهل طلب مجيء الطبيب.
لذلك عندما اشتبه باحثو ناسا في حدوث تجلط دموي لدى أحد رواد الفضاء خلال فترة إقامة طويلة في المحطة الفضائية العام الماضي، كان يتعين عليهم التحرك بسرعة لعلاج الخطر غير المتوقع.
تم الكشف عن حادثة تجلط الدم أثناء دراسة الأوعية الدموية لـ 11 رائد فضاء في المحطة لتقييم تأثير الفضاء على الوريد الوداجي الداخلي. يتجه دم رواد الفضاء عند انعدام الجاذبية نحو الرأس.
شملت الدراسة 9 رجال وامرأتين يبلغ متوسط أعمارهم 46 عاماً. ولم يتم تضمين هويات رواد الفضاء في الدراسة.
نُشر الخميس تقييم جديد للجلطة الدموية في مجلة "نيو إنغلند" الطبية.
تعرض 6 من رواد الفضاء لتدفق الدم العكسي، أحدهم أصيب بجلطة دموية، بينما وجد لدى آخر احتمال الإصابة بجلطة جزئية. لم تظهر أي أعراض ولم تكن النتائج واضحة لولا الدراسة.
بعد شهرين من مهمة كانت مدتها 6 أشهر، كشفت الموجات فوق الصوتية لأحد عروق رائد فضاء عن وجود جلطة دموية. أجرى ذلك الرائد فحصا ثانيا بالموجات فوق الصوتية، بتوجيه من العلماء وعلماء الأشعة على الأرض، لتأكيد النتائج. قام علماء الأشعة بتفسير نتائج الموجات فوق الصوتية على الفور.
لم يتم رصد هذا الخطر لدى أي رائد فضاء خلال رحلة فضائية من قبل، لذلك قام العلماء بتقييم خطر تجلط الدم في غياب الجاذبية. كما قاموا بتقييم كيفية تأثير العلاج على رائد الفضاء في هذه البيئة.
كان الدكتور ستيفن مول من جامعة نورث كارولينا الطبيب الوحيد غير التابع لناسا الذي تم استشارته لمساعدة رائد الفضاء في الوقت الفعلي.
وقال مول: "كان أول رد فعل لي عندما اتصلت بي ناسا هو السؤال عما إذا كان بإمكاني زيارة محطة الفضاء الدولية لفحص المريض بنفسي." "أخبرتني ناسا أنهم لا يستطيعون أن يصلوا بي إلى الفضاء بسرعة كافية، لذلك تابعت عملية التقييم والعلاج من هنا."
وأضاف أنه "عادةً ما يكون بروتوكول علاج مريض مصاب بتجلط الأوردة العميقة اعطاءه مرققات الدم لمدة 3 أشهر على الأقل للحد من التجلط وتقليل الضرر الذي قد يسببه إذا انتقل إلى جزء آخر من الجسم مثل الرئة. هناك بعض المخاطر عند أخذ هذه الأدوية، وهي أنه في حالة حدوث إصابة، قد يؤدي ذلك إلى نزيف داخلي يصعب إيقافه. وفي كلتا الحالتين، قد تكون هناك حاجة إلى عناية طبية طارئة. بما أنه لا توجد غرف طوارئ في الفضاء، كان علينا أن نزن خياراتنا بعناية فائقة."
تحدث مول مع رائد الفضاء خلال "مكالمة هاتفية من الفضاء"، وتشاور معه كما لو كان من مرضاه الآخرين.
تتضمن الصيدلية في المحطة الفضائية 20 زجاجة دواء تحتوي على 300 ملليغرام من حقن مرقق الدم، والتي طُلب من رائد الفضاء استخدامها على أساس يومي حتى يتمكنوا من إرسال دواء مضاد للتخثر إلى المحطة في مهمة إعادة التموين.
يمكن أن تكون الحقن نفسها صعبة على المحطة. فهي كغيرها من اللوازم، محدودة وانعدام الجاذبية له تأثير على السوائل عند سحبها. أخذ رائد الفضاء جرعة أعلى من حقنة enoxaparin لمدة 33 يوماً للسيطرة على خطر تجلط الدم. تم تخفيض هذه الجرعة بعد 33 يوماً بينما كان رائد الفضاء ينتظر وصول دواء " apixaban ".
شاهد الباحثون تقلص الجلطة مع مرور الوقت. تم حدوث تدفق للدم بعد 47 يوماً من خلال الوريد، ولكن لم يتحقق تدفق الدم الفعلي التلقائي حتى بعد 90 يوماً من العلاج.
بعد الهبوط، اختفت الجلطة الدموية بعد مرور 24 ساعة. بعد 6 أشهر، كان رائد الفضاء لا يزال بدون أعراض. ولم يكن لرائد الفضاء تاريخ عائلي للجلطات الدموية.
وقالت الدكتورة سيرينا أويون-تشانسلور مؤلفة الدراسة، ورائدة فضاء بناسا في بيان: "هذه النتائج الجديدة تُظهر أن الجسم البشري ما زال يفاجئنا في الفضاء. ما زلنا لم نتعلم كل شيء عن طب الفضاء أو فسيولوجيا الفضاء."
لكن تدفق الدم العكسي وتجلط الدم جعلا ناسا تدرك هذا الخطر المحتمل، وخاصة عند التفكير في مهمات طويلة المدى في المستقبل إلى القمر أو المريخ.
وقالت أويون إن "السؤال الأكبر المتبقي هو كيف سنتعامل مع هذا في مهمة استكشاف إلى المريخ؟ كيف نعد أنفسنا طبياً؟ يجب إجراء مزيد من الأبحاث لتوضيح كيفية تشكل الجلطة في هذه البيئة والتدابير المضادة الممكنة."