أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) – مع الأنباء التي تأتي من حول العالم عن تفشي فيروس كورونا الجديد يزداد الخوف ويرتفع منسوب العنصرية، فيعانى عدد من الذين يحملون الجنسيات الآسيوية والصينية على وجه الخصوص من التفرقة والتنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في بعض الدول التي يعيشون فيها، بالوقت الذي ساهمت فيه بعض وسائل الإعلام بتعزيز هذه النظرة عبر نشر مقاطع فيديو وصور "مغلوطة" حول الثقافة الصينية.
وقال صحفي في صحيفة غارديان البريطانية، ينحدر من جذور صينية، إن أحد الأشخاص غير مقعده حين جاء ليجلس بجانبه أثناء تنقله بحافلة نقل عام.
من جانبه، روى ناشط اجتماعي صيني-فيتنامي معاناته من العنصرية، إذ قال إن مجموعة من الأشخاص سألوه خلال جلوسه في إحدى الحافلات التابعة للمدرسة التي يعمل بها في العاصمة البريطانية لندن: "لماذا يتناول الصينيون طعاما غريبا بينما يعلمون أنه يسبب انتقال الفيروسات؟".
وبرزت أنباء من كندا، حول تعرض عدد من الأطفال الصينيين للتنمر والعنصرية في المدرسة، في حين ذكرت سيدة سنغافورية في نيوزيلندا، أنها تعرضت لمضايقة عنصرية في أحد الأسواق التجارية.
وتلخص هذه الحالات تاريخا طويلا من العنصرية في الغرب ضد الأشخاص الذين ينحدرون من أصول شرق آسيوية، وعانى الصينيون من الحقبة التي تُعرف بـ"الخطر الأصفر" في الغرب، والتي شهدت إعدام عدد من الصينيين خارج القانون، إلى جانب العنف والعنصرية الممنهجة ضد المهاجرين القادمين من الصين، وقد فرضت أمريكا حظرا على الصينيين لمدة 61 عاما تحت قانون الاستبعاد في الدولة.
ورغم أن العنصرية ضد الصينيين كانت بغالبيتها في الغرب سابقا، إلا أن تلك الناجمة عن انتشار كورونا امتدت إلى مناطق أخرى، إذ علق بعض المطاعم في فيتنام لافتات كُتب عليها: "يمنع دخول الصينيين"، وفقا لما ذكره سائح لـCNN أواخر يناير/كانون ثاني الماضي.
وامتدت السخرية العنصرية من الصينيين إلى بعض الدول العربية، إذ شهدت منصات التواصل الاجتماعي سخرية وتهكما من نوعية أكل الصينيين باستخدام لقطات ومقاطع من أفلام عربية أو عبر نشر عدد من الصور ومقاطع الفيديو الساخرة.
ويعتقد البعض أن أسباب تفشي الفيروسات في الصين يعود إلى أن الصينيين يأكلون العديد من الحيوانات التي لا تأكلها الشعوب الأخرى، ويعتقد العلماء أن فيروس كورونا الجديد موجود في بعض أنواع الثعابين والخفافيش.
ويقول أحد المغردين: "سيتفشى المرض في العالم لأن بعض الصينيين يأكلون طعاما غريبا مثل الخفافيش والفئران والثعابين"، على حد تعبيره.
عززت بعض وسائل الإعلام حول العالم هذه النظرية عبر نشر مقاطع فيديو وصور مضللة لصينيين يأكلون حيوانات لا تأكلها الشعوب الأخرى، وقد تم تداول فيديو لصيني يأكل حساء الخفاش، ليتبين أن المقطع صُور قبل 3 سنوات في جزيرة بالاو، ولا علاقة له بمدينة ووهان الصينية (معقل كورونا) أو بانتشار الفيروس الجديد.
ولكن ما تغفله بعض وسائل الإعلام ورواد مواقع الاجتماعي أن أقلية من الشعب الصيني تأكل هذه الأنواع من الحيوانات، في حين أن الصينيين يأكلون الطعام ذاته الذي تتناوله بقية الشعوب حول العالم، مثل الدجاج واللحم والسمك.
هذا لا يعني أن الصين لا تواجه مشكلة حقيقية بتجارة الحيوانات البرية، إذ كان قد تسبب قط الزباد بتفشي مرض سارس في الصين عام 2003 واتخذت الحكومة إجراءات للحد من تجارة هذه الحيوانات لكنها لم تستطع فرض قوانين أكثر صرامة على المجتمع الصيني.
ومن الصعب أن تغير الحكومة الصينية النظرة تجاه أكل هذه الحيوانات التي تمثل جزءا من ثقافة بعض الصينيين، كما أن قسما من الشعب الصيني يعتقد أن لهذه الحيوانات فوائد طبية مهمة ومؤثرة على صحة الإنسان.
ونتيجة للعنصرية التي يواجهها الصينيون وبعض حاملي الجنسيات الآسيوية، دشنت بعض الجهات والأفراد عددا من الحملات للتضامن مع الصينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما اتخذت بعض الحكومات خطوات رمزية وعملية في هذا الصدد.
إذ قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإضاءة برج خليفة بعلم الصين تضامنا مع بكين في ظل هذه الظروف الصعبة، كما وفرت أبوظبي ومصر وعدد من الدول الأخرى الدعم الطبي والتقني للصين من أجل مواجهة هذا الفيروس.