دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، كان من الواضح أن بعض الأشخاص ينشرون العدوى لعدد أكبر من الأشخاص بشكل أكبر من المعتاد.
وفي يناير/كانون الثاني، قبل الإعلان عن الجائحة بشكل رسمي، قيل أن مريضاً واحداً في ووهان بالصين كان مسؤولاً عن نشر العدوى إلى 14 موظفاً في مجال الرعاية الصحية.
وفي مارس/آذار، تبين أن عضو واحد من جوقة موسيقية في ولاية واشنطن الأمريكية أصاب 52 شخصاً بالعدوى خلال جلسة تدريبية مدتها ساعتين ونصف.
وفي أوائل شهر مايو/أيار، بعد أن خففت كوريا الجنوبية قيود التباعد الاجتماعي، ظهرت عشرات الإصابات الجديدة حول العاصمة سيؤول، ورُبطت الإصابات برجل في الـ29 من العمر، أظهرت نتائج اختباره بعد زيارته 5 ملاهي ليلية وحانات في ليلة واحدة أنه مصاب بفيروس كورونا.
وسُمي هؤلاء الأشخاص بـ"ناقلين فائقين"، ولكن هل يختلفون عن الآخرين حقاً؟
وقال أستاذ الصحة العامة وعلم الأوبئة ونائب عميد كلية الصحة العامة في جامعة واشنطن، الدكتور جاريد بيتن: "يمكن لبعض الأفراد أن يكونوا معديين بشكل خاص، أو قد يكون (مقدار) الوقت أو عدد الأشخاص الذين يقضون الوقت معهم كافياً لجعل تأثيرهم في نشر الفيروس أكبر من المتوسط بشكل غير متناسب".
قياس كيفية انتشار الفيروس
ولدى أخصائيي الأمراض المعدية وعلماء الأوبئة رقماً لوصف مقدار عدوى المرض، وهو يُدعى "رقم التكاثر"، ويُكتب كالتالي "R0".
ويقيس الرقم متوسط عدد الأشخاص الذين ينقل الفرد العدوى إليهم.
ويتراوح رقم التكاثر لفيروس "كوفيد-19" بين 2 و3، ويُعد رقم تكاثر الحصبة أعلى بكثير، فهو يتراوح بين 16 و32، بحسب ما قاله أستاذ الأمراض المعدية وهندسة الطب الحيوي والمدير التنفيذي لمعهد الصحة العالمية بكلية "فينبيرغ" للطب في جامعة "نورث ويسترن"، الدكتور روب مورفي.
وقال مورفي: "كل ما عليك فعله للتخلص من وباء هو أن يكون عامل رقم التكاثر أقل من واحد"، وعند هذا الرقم، ينقل كل فرد الفيروس إلى أقل من شخص واحد آخر.
وبعبارة أخرى، يعتقد الخبراء أن معظم المصابين بفيروس كورونا هم عبارة عن "طرق مسدودة"، فهم ينقلون العدوى إلى أقل من شخص في المتوسط، بينما نسبة صغيرة من المصابين بالفيروس ينقلون العدوى إلى عدد أكبر من الأشخاص من المتوسط.
ما الذي يجعل "النقل الفائق" ممكناً؟
قد يعود أحد الأسباب إلى جسم كل فرد، إذ ذكر مورفي أن كل شخص مختلف، وهم يتعاملون مع الفيروس في أجسامهم بشكل مختلف، وأوضح قائلاً: "لدى بعض الأشخاص ما نسميه حمولة فيروسية عالية، أي كمية الفيروس لكل قطرة. ولدى بعض الأشخاص فيروسات أكثر من الآخرين في قطراتهم بمقدار 10 أو 100 مرة".
ويتفق مورفي وبيتن على أن الجوانب السلوكية للأفراد يمكن أن تلعب دوراً في جعل النقل الفائق ممكناً.
ويُعتقد أن الأشخاص الذين يتحدثون بصوتٍ عالٍ يطلقون المزيد من القطرات المُحملة بالفيروسات بالهواء.
ماذا عن الموقع؟
وعندما يكون الشخص ذات حمولة فيروسية عالية، لا يعني ذلك بالضرورة أنه "ناقل فائق"، وخصوصاً إذا كان في منزله، أو يضع قناعاً، وفقاً لما قاله بيتن.
وتحدث حالات النقل الفائق عندما يكون شخص قادر على نقل الفيروس على اتصال بعدد كاف من الأشخاص، بحيث ينتهي المطاف به بنشر الفيروس إلى عدد أكبر من الأشخاص من المتوسط.
وهنا يأتي الدور السلبي لمواقع مثل الملاهي الليلية المزدحمة، أو الكنائس، وغيرها، إذ قال بيتن إنها تجسد نوع الأحداث التي قد تسبب انتشاراً كبيراً للمرض.
جمع القطع مع بعضها البعض
ومن شأن معرفة أن انتقال فيروس كورونا يحدث عادة في مجموعات ترتبط بأوضاع معينة، ومن خلال أفراد معينين، مساعدة الحكومات، وخبراء الصحة العامة، والمجتمع على السيطرة عليه.
ويتفق جميع الخبراء أن غسل اليدين المتكرر، ووضع الأقنعة، والتباعد الاجتماعي عبارة عن عوامل أساسية للحفاظ على معدل إصابة منخفض.
وأضاف مورفي أن الاختبار الشامل مطلوب لتحديد الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، وتحديد المصابين الذين يتجولون بدون إظهار أي أعراض.
وذكر مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، مايكل أوسترهولم، أهمية تتبع المخالطين كجزء من إجراءات التحكم بالفيروس، مشيراً إلى ضرورة وجود نهج أكثر استهدافاً.
وأشار أوسترهولم إلى أن المشكلة تكمن في عدم قدرة تتبع المخالطين على الكشف عن الناقلين الفائقين إلا بعد فترة طويلة من إصابتهم بالمرض، وبحلول ذلك الوقت، "يكون الضرر قد تم بالفعل".
وأضاف: "إذا تمكنا من تحديد الناقلين الفائقين مبكراً، فهذا سيساعدنا، ولكن في هذه المرحلة، ليس لدينا أي طريقة معقولة للقيام بذلك".
ولدى مورفي نظرة أخرى، فقال: "سواءً كانوا عبارة عن ناقلين فائقين أو مجرد ناقلين عاديين، لا يُحدث الأمر أي فرق"، فهم ينشرون العدوى بالفعل بحسب ما ذكره.