دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بينما تدرس السلطات الصحية الأمريكية ما إذا كانت ستسمح لشركة "أسترا زينيكا" للأدوية باستئناف التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا، تبقى هناك أسئلة مهمة حول الأمراض العصبية التي يعاني المشاركون منها في الدراسة، والذين تلقوا حقن اللقاح التجريبي.
وكانت التجربة معلقة لأكثر من أسبوعين في الولايات المتحدة، ويواجه المنظمون مهمة محاولة معرفة ما إذا كانت هذه الأمراض عشوائية أم مرتبطة باللقاح.
وقدمت شركة "أسترا زينيكا" وشريكتها ، جامعة أكسفورد، روايات مختلفة عن حالة المرضى المتطوعين في الدراسة.
وصرحت "أسترا زينيكا" لوسائل الإعلام أن أول متطوع أصيب بالمرض كان لديه "حالة لم يتم تشخيصها من التصلب المتعدد"، إلا أن المعلومات الموجودة على موقع أكسفورد على الإنترنت تصف المتطوعين الذين طوروا "أعراض عصبية بغير المبررة".
أما عن المتطوعة الثانية، فقالت شركة "أسترا زينيكا" إنها كانت تعاني من "مرض غير مبرر"، إلا أن وثيقة داخلية للشركة، والتي تم تصنيفها على أنها "أولية"، تنص على أن المتطوعة كانت تعاني، في مرحلة ما على الأقل، من حالة عصبية نادرة تسمى التهاب النخاع المستعرض.
وبعد الاطلاع على تصريحات كل من "أسترا زينيكا" وجامعة أكسفورد حول حالة أول متطوع، قال الدكتور هارلان كرومهولز، الأستاذ في كلية الطب بجامعة ييل إن هذه تصريحات مختلفة تماماً، ويجب أن تكون معلومات كل من الشريكين متسقة، إذ أن هذا الاختلاف يثير الأسئلة.
وأوضح كرومهولز وعلماء آخرون أن طبيعة ظهور الأمراض العصبية للمشاركين مهمة، فإذا كان لدى المشاركين في الدراسة ظروف متشابهة، فسيثير ذلك المزيد من الأسئلة حول ما إذا كان اللقاح هو المسؤول، أما إذا كانت ظروفهم مختلفة، فقد يشير ذلك إلى أنها ليست نتيجة بسبب الحصول على اللقاح.
وقال عالم المناعة، والأستاذ في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، مارك سليفكا، إنها مسألة مثيرة للقلق بشكل خاص، لأن المعلومات المنشورة على موقع أكسفورد ذكرت أن المتطوعين الاثنين قد عانيا من أمراض عصبية.
وكتبت جامعة أكسفورد عبر موقعها على الإنترنت أن الحالة المرضية لدى اثنين من المتطوعين "من غير المحتمل أن تكون مرتبطة باللقاح أو أنه لا توجد أدلة كافية تجزم على وجه اليقين بأن الأمراض متعلقة أو لا تتعلق باللقاح".
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "أسترا زينيكا"، باسكال سوريوت، يوم الخميس: "يجب أن نضع السلامة في قلب كل خطوة نقوم بها".
مرض عشوائي أم مرتبط باللقاح؟
واستؤنفت التجارب السريرية للقاح "أسترا زينيكا" ضد "كوفيد-19" بالفعل في بلدان أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة.
وأكد متحدث باسم الشركة أنهم يعملون مع المنظمين الأمريكيين من أجل استئناف التجارب في الولايات المتحدة أيضاً.
وكتب المتحدث في رسالة بالبريد الإلكتروني: "نحن نواصل العمل مع إدارة الغذاء والدواء لتسهيل مراجعة المعلومات، وستقرر الوكالة متى يمكن استئناف التجارب الأمريكية".
وأوضح كبير أطباء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنتوني فاوتشي لـCNN، الأسبوع الماضي، أنه سيتعين على شركة "أسترا زينيكا" وجامعة أكسفورد مراقبة أي متطوع آخر تظهر عليه أعراض مماثلة.
وقال فاوتشي إن هذه المسألة تثير "اليقظة الإضافية مع استمرار التجارب، في حال مضت قدماً، فيما يتعلق بجزئية مواقع التجارب السريرية للبحث عن أي حالة مشابهة حتى عن بُعد، لمعرفة ما إذا كانت هناك أي حالات إضافية".
وأعرب سليفكا وعلماء آخرون عن ارتياحهم بشأن استغراق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وقتاً للنظر فيما إذا كان ينبغي السماح باستئناف تجرب لقاح "أسترا زينيكا" في الولايات المتحدة.
وأضاف سليفكا أنه "من المنطقي أن ترغب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في مواصلة البحث".
ورفض المتحدثون باسم جامعة أكسفورد والمتحدثون باسم شركة "أسترا زينيكا" الإجابة على أسئلة محددة حول الروايات المختلفة لأمراض المشاركين.
وتشير أكسفورد على موقعها الإلكتروني إلى أنه اعتباراَ من 12 سبتمبر/أيلول، "تلقى حوالي 18,000 فرد على مستوى العالم جرعات لقاح الدراسة كجزء من التجارب. وفي تجارب كبيرة مثل هذه، من المتوقع أن يشعر بعض المشاركين بالمرض، ويجب تقييم كل حالة بعناية لضمان التقييم الدقيق للسلامة".
كما أرسل متحدث باسم أكسفورد بيانات إلى CNN.
وبحسب بيان جامعة أكسفورد، "سيستمر تحديث جميع المحققين والمشاركين في التجارب بالمعلومات ذات الصلة، ولن يتم الكشف عن ذلك إلا وفقاً للتجارب السريرية والمعايير التنظيمية.
وتابع البيان: "نحن ملتزمون بسلامة المشاركين لدينا وبأعلى معايير السلوك في دراساتنا وسنواصل مراقبة إجراءات السلامة عن كثب".
وفي بيان آخر، قال متحدث باسم الجامعة إن أكسفورد "لا تتيح الوصول إلى بيانات المريض الفردية وفقًا للإرشادات في التجارب السريرية".
وصرحت "أسترا زينيكا" لـ CNN أنه "للحفاظ على نزاهة التجربة وحماية حق الخصوصية للمرضى المسجلين في التجارب، يتم إبلاغ الأحداث السلبية الخطيرة إلى محققي التجارب ولجان مراقبة سلامة البيانات المستقلة والسلطات الصحية أثناء الدراسة".
وتابع التصريح: "من المهم ملاحظة أن الأحداث يتم تقييمها بمرور الوقت من قبل هذه الأطراف عند توفر معلومات إضافية".
وأضاف التصريح: "يجب الإبلاغ عن هذه الأحداث إلى السلطات الصحية والمحققين، وقد تتطلب تحديثات السلامة لنموذج الموافقة وإخطار المرضى في بروتوكول مستمر. وقد يكون لمثل هذه الأحداث تأثير على إجراء الدراسة".
ومن جانبه، قال الدكتور بول أوفيت، خبير الأمراض المعدية في جامعة بنسلفانيا، إنه يتعين على شركة "أسترا زينيكا" وأكسفورد شرح سبب اعتبارهما أن هذه الحالات المرضية غير مرتبطة باللقاح.
ووافق كرومهولز، طبيب جامعة ييل، على هذا الرأي، وقال إنه يمكن أن يُطلب من مئات الملايين من الأشخاص الحصول على هذا اللقاح، ولن تؤدي المعلومات غير الكاملة حول الحالات المرضية للمتطوعين إلا لزرع الشك في أذهان الناس.
بينما صرحت "أسترا زينيكا" وأكسفورد مراراً أنهما لا تستطيعان الكشف عن أجزاء معينة من المعلومات بسبب مخاوف تتعلق بالسرية للمشاركين في الدراسة.
ومع ذلك ، يقول العلماء إنه كان هناك عدم اتساق من قبل الشركة والجامعة في كيفية تطبيق مخاوف السرية.
وعلى سبيل المثال، لم تحدد كل من شركة "أسترا زينيكا" وجامعة أكسفورد التشخيص النهائي للمتطوعة الثانية، مستشهدة بمتطلبات السرية، إلا أن "أسترا زينيكا" أعطت تشخيصاً للمتطوع الأول، وهو مرض التصلب المتعدد.
ولم تشرح الشركة سبب منع قواعد السرية من إعطاء تشخيص لمريض دون الآخر.
ولم تنكر الشركة تقريراً نشر في موقع "STAT News" قال إن الرئيس التنفيذي لشركة "أسترا زينيكا"، باسكال سوريوت، ناقش تشخيص المتطوع الثاني في مكالمة هاتفية مع المستثمرين.
وأعرب العلماء عن قلقهم بشأن التناقضات من الشركة.
وقال أوفيت: "إذا كنت لا تستطيع التحدث بسبب السرية، فلا تفعل ذلك أمام المستثمرين"، مضيفاً أن اختيار إعطاء معلومات غير كاملة أو متغيرة يعني أن الشركة لا تفهم القصة بأكملها.
وأوفيت هو عضو في اللجنة الاستشارية للقاحات والمنتجات البيولوجية ذات الصلة التابعة لإدارة الغذاء والدواء، والتي من المتوقع أن تراجع طلبات شركات الأدوية لطرح لقاحات فيروس كورونا في الأسواق.
وأضاف أوفيت أنه إذا كانت "أسترا زينيكا" ستكشف عن بعض المعلومات الطبية حول المتطوعين في الدراسة، فيجب أن تكون واضحة تماماً بشأن تشخيصهما، وما يعنيه ذلك بالنسبة لسلامة اللقاح.