دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- خلال الأسابيع والأشهر الأولى لجائحة فيروس كورونا، لاحظ المسعفون والعاملون في مجال الرعاية الصحية حول العالم أن "كوفيد-19" كان يصيب الرجال بشدة أكثر من النساء.
والآن، يشير تحليل عالمي لأكثر من 3 ملايين حالة إصابة بـ"كوفيد-19" من يناير /كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران الماضيين أن المرضى الذكور المصابين بالمرض لديهم "احتمالات تقارب ثلاثة أضعاف" لدخول العناية المركزة بالمستشفيات مقارنة بالمرضى الإناث.
وكان الرجال أكثر عرضة للوفاة من "كوفيد-19" بمعدل 1.4 مرة مقارنة بالنساء، على الرغم من أن كلا الجنسين معرضين لخطر مماثل للإصابة.
وحلل الباحثون بيانات من 90 تقريراً شملت 46 دولة و 44 ولاية أمريكية. وأظهرت هذه البيانات أنه من بين الحالات التي شملتها الدراسة، كان هناك حوالي 1.57 مليون امرأة وحوالي 1.53 مليون من الرجال.
وفيما يتعلق ببيانات أكثر من 12 ألف حالة دخول إلى وحدات العناية المركزة بالمستشفى، وجد الباحثون أنه كان حوالي 8 آلاف منهم من الرجال مقابل 4 آلاف امرأة.
ومن بين أكثر من 200 ألف حالة وفاة بـ"كوفيد-19" المشمولة في الدراسة، كان حوالي 120 ألفا منهم من الرجال و 91 ألفا من النساء.
ولم تبحث الدراسة التي نشرت في مجلة "Nature Communications" يوم الأربعاء في أسباب التفاوت، ولكن الباحثين من جامعتي "كوليدج لندن" و"كيب تاون" في جنوب إفريقيا، أشاروا إلى أن التفسير يرجع إلى الاختلافات البيولوجية أكثر من الاختلافات السلوكية، أو الاجتماعية، والاقتصادية.
ولا تعمل الأجزاء العديدة من الجهاز المناعي، التي تعمل معاً للدفاع عن الجسم ضد الفيروسات، بذات الطريقة تماماً عند الرجال والنساء، وأشارت الدراسة إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد العوامل البيولوجية المحددة التي قد تكون وراء هذه الاختلافات.
وأوضحت مؤلفة الدراسة الدكتورة كيت ويب، استشارية أمراض روماتيزم الأطفال في جامعة كيب تاون ومعهد فرانسيس كريك في لندن، أن "الرجال والنساء لديهم اختلافات في جميع أذرع الجهاز المناعي تقريباً"، مضيفةً أن هذه الاختلافات تتراوح من الاستجابات المناعية المبكرة للعدوى الفيروسية، إلى استجابات الخلايا التائية، واستجابات الخلايا البائية والذاكرة المناعية".
وأشارت ويب إلى أن "هناك العديد من الأسباب المحتملة لهذه الاختلافات في المناعة"، موضحةً أن للهرمونات تأثيرات مناعية ولدى النساء اثنان من الكروموسومات إكس مقارنة بواحد عند الرجال، وأن الكروموسومات إكس مليئة بالجينات التي ترمز للمناعة.
الجنس عامل لا يحظى بالاهتمام الكافي
وتهاجم العديد من الأمراض الرجال والنساء بطرق مختلفة. ويمكن أن يعتمد سبب ذلك على مزيج معقد من علم الأحياء والسلوك الذي يصعب حله.
ويميل الرجال في بعض الثقافات إلى مغادرة المنزل وزيارة المزيد من المناطق المزدحمة، كما أنهم أقل ميلاً من النساء لغسل يديهم بالصابون بعد استخدام دورة المياه.
ومع ذلك، نظراً لأن البيانات أظهرت أن معدلات الإصابة متساوية تقريباً بين الرجال والنساء، فمن غير المرجح أن تفسر الاختلافات في سلوك النظافة حسب الجنس التباين في شدة المرض، حسبما ذكره الباحثون.
وتشمل التفسيرات الأخرى للتفاوت أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية معينة أو أمراض مصاحبة، مما يعرضهم للخطر. مع ذلك ليس لدى الباحثين بيانات كافية عن هذه العوامل.
ومع ذلك، لاحظ الفريق أنه لا توجد فروق ملحوظة بين الجنسين في نسب البالغين المصابين بارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري على مستوى العالم، وتعد هذه الأمراض أكثر الأمراض المصاحبة شيوعاً بين مرضى "كوفيد-19" في المستشفيات. كما أن الرجال هم أكثر ميلاً للتدخين، ولكن الدراسة قالت إن التدخين لم يظهر كعامل خطر واضح.
وخلال فاشيات الفيروسات التاجية السابقة، أشارت الدراسة إلى أنه تم تسجيل نتائج سريرية أسوأ بالنسبة للرجال أثناء تفشي مرض السارس في هونغ كونغ وسنغافورة. كما أنهم كانوا أكثر عرضة لخطر الوفاة من فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المملكة العربية السعودية.
ومن منظور تطوري، اقترحت بعض الأبحاث أن لدى النساء استجابة مناعية أقوى ضد الالتهابات الفيروسية من الرجال لأنهن مصممات بيولوجياً لقضاء جزء من حياتهن مع جسم غريب بداخله،طفل، وبالتالي منحهن ميزة البقاء على قيد الحياة.
وأكد مؤلفو الدراسة أن الجنس ظل "عاملاً لا يحظى بالتقدير الكافي عند تحليل نتائج في الأمراض المعدية".