دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد مرور أكثر من عام على انتشار الجائحة، وجدت إحدى الدراسات أن بعض النساء هن أكثر عرضة للإصابة بـ"كوفيد-19" مقارنة بنساء أخريات.
وهؤلاء النساء، غالباً ما يتمتعن بعمر صغير وصحة جيدة، ولكن يعانين من حالة أساسية لم يتم ذكرها ضمن أي قائمة للاعتلال المشترك لـ"كوفيد-19"، أي متلازمة تكيس المبايض.
ومتلازمة تكيس المبايض، التي تصيب حوالي 1 من كل 10 نساء في "سن الإنجاب"، هي اختلال في الهرمونات التناسلية يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وارتفاع مستويات الأندروجين، وتكيسات المبيض. ولكن يمكن أن تأتي أيضاً مع مجموعة من المشكلات الصحية الأخرى، والتي تتداخل جميعها تقريباً مع الأمراض المصاحبة لـ"كوفيد-19".
وقال الدكتور ويبك أرلت، مدير معهد الأيض وأبحاث النظم بجامعة برمنجهام في المملكة المتحدة إنه "يتم التقليل من شأن متلازمة تكيس المبايض تماماً من حيث تأثيرها. ويُنظر إليها نوعاً ما على أنها مشكلة إنجابية ليست ذات صلة سريرياً. ولكن هذا خطأ تمامًا ... يجب أن يُنظر إلى المريضات على أنهن مجموعة سكانية عالية الخطورة".
ويُصاب أكثر من نصف النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض بداء السكري قبل بلوغهن الأربعين من العمر، ويعاني 80% منهن من زيادة الوزن، ولديهن مخاطر أعلى لمقاومة الإنسولين، وأمراض القلب، وسرطان بطانة الرحم، وهو سرطان يبدأ في الرحم، ويعاني العديد منهن من ارتفاع ضغط الدم وانخفاض مستويات فيتامين د.
ورغم من مدى شيوع متلازمة تكيس المبايض، فضلاً عن المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تأتي معها، إلا أن خبراء الصحة يقولون إن هذه الحالة قد تم التغاضي عنها منذ فترة طويلة، وأسيء فهمها.
ومع القليل جداً من الأبحاث التي تنظر في ما إذا كانت النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض أكثر عرضة للإصابة بـ"كوفيد-19" أو الأعراض طويلة المدى، يخشى البعض أن يحدث الشيء ذاته مع سياسة الصحة العامة حول الجائحة.
وقالت الدكتورة كاثرين شريف، رئيسة قسم صحة المرأة في قسم الطب بجامعة جيفرسون وخبيرة في متلازمة تكيس المبايض: "نصيحتي هي أن نشمل النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض على أنهن ضمن مجموعة عالية الخطورة".
وأشارت شريف إلى أنه "إذا قال أنتوني فاوتشي إنه عليك أن تنظر إلى المجموعات عالية الخطورة للنساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض، فقد يولي الناس مزيداً من الاهتمام بهذه المجموعة".
وعلى مدار العام الماضي، علمنا بالعديد من الحالات الصحية الموجودة مسبقاً والتي تعرض الشخص لخطر أكبر للإصابة بمرض "كوفيد-19" الحاد، ولكن متلازمة تكيس المبايض ليست واحدة منها.
وبالنسبة إلى آرلت، الذي شارك في تأليف أول دراسة رئيسية نُشرت في فبراير/ شباط الماضي في المجلة الأوروبية لعلم الغدد الصماء، فإن اسم متلازمة تكيس المبايض يُعد تسمية خاطئة.
وقال آرلت إنه ليس اضطراباً في المبيض، ولكنه "مرض استقلابي مدى الحياة" ويجب معالجته على هذا النحو عند النظر إلى ضعفه أمام كوفيد-19".
وقال آرلت: "كلما زادت مخاطر التمثيل الغذائي، زادت مخاطر الإصابة بكوفيد-19".
ولفت آرلت إلى أن الناس نظرت إلى "السمنة، ومرض السكري من النوع 2، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، ولكنهم لم ينظروا إلى متلازمة تكيس المبايض بشكل منهجي قبل ذلك. لأنهم لا يعتبرونها عامل خطر أيضي"، مضيفاً أنه "شيء نود تغييره".
ووجد آرلت والباحثون في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض لديهن فرصة أعلى بنسبة 51 في المائة للإصابة بعدوى "كوفيد-19" المؤكدة أو المشتبه بها مقارنة بالنساء غير المصابات.
وباستخدام سجلات الرعاية الأولية من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران عام 2020، حدّد الباحثون أكثر من 21،000 مريضة بمتلازمة تكيس المبايض ومجموعة مراقبة تضم أكثر من 78،000 بدونها، متطابقة مع العمر والموقع.
وقالت المؤلفة الرئيسية أنورادها سوبرامانيان لـCNN إن "الباحثين أرادوا أن يفهموا ما إذا كانت زيادة الإصابة بكوفيد-19 سببها فقط متلازمة تكيس المبايض، أم أنها أيضًا بسبب عوامل الخطر الكامنة التي تعاني منها النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض".
وبمعنى آخر، إذا كانت المرأة مصابة بمتلازمة تكيس المبايض ومرض السكري من النوع 2، فأي منهما يعرضها لخطر متزايد للإصابة بـ"كوفيد-19"؟
وفي نموذج معدّل بالكامل أخذ عوامل الخطر المختلفة في الاعتبار، لا تزال النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض معرضات لخطر متزايد بنسبة 28% للإصابة بعدوى "كوفيد-19" المؤكدة أو المشتبه بها، وفقاً للدراسة.
وأشارت سوبرامانيان إلى أن النتائج لم تفاجئها، ومع ذلك قالت: "لقد منحتنا مزيداً من الثقة ... أن الأمر لا يتعلق فقط بعوامل الخطر المرتبطة بمتلازمة تكيس المبايض، ولكن شيئًا ما في متلازمة تكيس المبايض يقود هذا بالفعل".
ولكن نظراً لسحب البيانات من قواعد بيانات الرعاية الصحية الأولية، لم يتمكن الباحثون من النظر فيما إذا كان مرضى متلازمة تكيس المبايض يعانون من أعراض "كوفيد-19" أكثر حدة أو طويلة الأمد.
والأكثر من ذلك، أن متلازمة تكيس المبايض ليست اضطراباً واحداً يناسب الجميع، وقد يكون لدى "كوفيد-19" تأثيراً أو مستوى خطر مختلف، وقد لا يكون له تأثير أو مستوى خطر مختلف اعتماداً على الشخص.
وتقول الدكتورة أنوجا دوكراس، مديرة مركز متلازمة تكيس المبايض في بن ميدسين، إن هناك العديد من الأسئلة التي ليس لدينا إجابات نهائية عليها حتى الآن.
وتضيف دوكراس: "نحتاج إلى الحصول على هذه المعلومات الآن بعد أن استمر (كوفيد-19) عاماً كاملاً"، مؤكدةً أنه "يؤثر على الكثير من الناس لدرجة أنه سيكون من الجيد إعادة النظر في هذه الأدبيات، وفرزها فقط لأن هذه عوامل مربكة".
وحتى الآن، ما إذا كانت النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض يعانين من مضاعفات أكثر خطورة من "كوفيد-19" يعد أمراً روائياً، مما يترك بعض النساء مع تكهنات فقط حول كيفية تأثير "كوفيد-19" على متلازمة تكيس المبايض.
الخطر "واضح لكنه غير مثبت"
ويُظهر بحث أليسون روتش وشيترا جوتلورو، وهما طالبا طب في جامعة فلوريدا الدولية، الذي نُشر في عدد مارس/ آذار من مجلة "Obstetrics and Gynecology"، أن الخطر الأكبر المحتمل لمريضات متلازمة تكيس المبايض يتمثل في "الأمراض المصاحبة والأندروجين والسمية الدهنية".
وغالباً ما يكون لدى النساء اللاتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض مستويات أعلى من الأندروجين والهرمونات الجنسية الذكرية.
وكتب روتش وجوتلورو أن هذا قد "يؤثر بشكل مباشر على القابلية للإصابة بكوفيد-19"، ويضيف روتش إن الأندروجينات تعمل كـ "بوابة"، للسماح بدخول "كوفيد-19".
وعلاوة على ذلك، من الشائع أن تعاني النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض من التهاب مزمن.
ويمكن أن يؤدي ضعف تنظيم الإنسولين والسمنة إلى تراكم الأحماض الدهنية السامة في الأنسجة، والمعروف باسم السمية الدهنية، مما قد يؤدي إلى إتلاف الأعضاء.
وقد يؤدي هذا أيضاً إلى إفراز خلايا إشارات مناعية تسمى السيتوكينات، وبينما تعد السيتوكينات جزءاً حيوياً من الاستجابة المناعية للجسم، إلا أن الكثير منها قد يسبب ما يُعرف باسم عاصفة السيتوكين.
وقد تتسب إضافة عدوى "كوفيد-19" إلى تلك الحالة في زيادة إفراز السيتوكين، مما قد يؤدي إلى إطلاق إحدى هذه العواصف والتسبب في مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا الجسم، وليس العامل الممرض فقط.
وقال جوتلورو لـ CNN إن هناك بحثاً يشير إلى أن هذا قد يحدث "سواء كانت تعاني المريضة من زيادة الوزن أم لا".
وبالنسبة لشريف من جامعة جيفرسون، فإن خطر حدوث أعراض "كوفيد-19" أكثر خطورة لمرضى متلازمة تكيس المبايض "واضح ولكن ولم يتم إثباته".
ومن الواضح أنه "إذا زاد هرمون التستوستيرون من الالتهاب، وإذا كان الرجال في المستشفى يعانون من مضاعفات كوفيد-19 ولديهم مستويات عالية من هرمون التستوستيرون، فمن المنطقي أن يعرض ذلك النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض لخطر أكبر".
ولم يتم إثبات ذلك، وفقاً لما تقوله شريف، بسبب وجود القليل من الأبحاث.
واستناداً إلى بحثها الخاص حول متلازمة تكيس المبايض وأمراض القلب، قالت شريف: "المهم أن يفهم الناس أن هذا لا علاقة له بالسمنة".
وأوضحت شريف أن ارتفاع الأنسولين وهرمون التستوستيرون المرتفع يجلبان مخاطرهما لخطر أكبر للإصابة بكوفيد-19 مقارنة بعناصر التحكم في الوزن.
وأضافت: "لذا، إذ كان لديك اثنين من النساء تزنان 100 كيلوغرام، فستكون المرأة المصابة بمتلازمة تكيس المبايض أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري أو توقف التنفس أثناء النوم، أو أن تعاني من المرض بسبب كوفيد-19".
وبدون هذه البيانات، يقول بعض الأطباء والباحثين إن هذا شيء يجب أن تكون مريضات متلازمة تكيس المبايض على دراية به، وإذا أصبن بـ"كوفيد-19"، فمن المهم أن تخبر النساء الطبيب أنهن يعانين من متلازمة تكيس المبايض والأدوية التي يتناولنها.