دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالتزامن مع دخول جائحة فيروس كورونا عامها الثالث، يرجّح أن تكون حصيلة الوفيات العالمية أعلى بثلاث مرات من عدد الوفيات المبلّغ عنه.
وعلى الصعيد العالمي، أظهرت التقارير الرسمية حتى نهاية عام 2021، وفاة 6 ملايين شخص بشكل مباشر، جرّاء كوفيد-19.
لكن الباحثين يقدرون في دراسة جديدة، أنه بين بداية 2020 ونهاية 2021، سُجّل ما لا يقل عن 18 مليون حالة وفاة وهو رقم يفوق ما توقّعه الباحثون خلال عامين.
وقد يعود سبب غياب أعداد الوفيات الإضافية عن الإحصائيات الرسمية لنقص موارد التشخيص أو الإبلاغ.
لكن قد يُعزي البعض الأمر إلى تأثيرات أخرى غير مباشرة للجائحة، مثل عدم القدرة للحصول على الرعاية الصحية، أو التغيرات السلوكية أثناء الإغلاق التام، أو الاضطرابات الاقتصادية. كما لم تكن هناك بيانات كافية لتصنيف سبب الوفاة.
واعتبر هايدونغ وانغ، اختصاصي ديموغرافيا لدى معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، أنّ الوفيات الإضافية تشكّل "مقياسًا أكثر دقة لأثر الجائحة الحقيقي" على وجه التحديد، مثل المسائل المعروفة المتأتية عن عدم الإبلاغ عن الوفيات الناجمة مباشرة عن الإصابة بـ"كوفيد-19"، والتأثير المميت وغير المباشر للجائحة .
وقام الباحثون، بقيادة وانغ، بتحليل جميع أسباب الوفيات في 187 دولة، استنادًا إلى البيانات المبلغ عنها أسبوعيًا أو شهريًا، عند توفّرها ووضع نماذج لتقدير تلك غير المبلّغ عنها، ونُشرت الدراسة في مجلة The Lancet، الخميس.
ووجدت الدراسة أن هناك 7 دول مسؤولة عن أكثر من نصف إجمالي الوفيات الإضافية على مدى العامين الماضيين هي الهند، والولايات المتحدة، وروسيا، والمكسيك، والبرازيل، وإندونيسيا، وباكستان.
وكان هناك أكثر من 4 ملايين حالة وفاة إضافية في الهند وحدها، وأكثر من 1.1 مليون في الولايات المتحدة. ولكل 1000 شخص في العالم، تأتّى عن الجائحة أكثر من حالة وفاة إضافية خلال عامين، وفقًا للدراسة.
وأشارت منظمة الصحة العالمية أيضًا إلى أهمية فهم الوفيات المرتبطة بـ"كوفيد-19" على نطاق أوسع.
وفي فبراير/ شباط 2021، تم تشكيل مجموعة استشارية بالشراكة مع إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لاستكشاف الموضوع.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، خلال الاجتماع الافتتاحي للمجموعة: أنّ "الثغرات التي نقع عليها في البيانات عالية الجودة، والسريعة والتفصيلية تشكل تحديًا كبيرًا في مجال الصحة العالمية".
وأضاف: "لقد أحدث كوفيد-19 طلبًا غير مسبوق على هذه البيانات. وفيما نحن جميعًا على دراية بأعداد الوفيات اليومية، فمن المحتمل أن تكون أرقام الوفيات الإجمالية أعلى بكثير".
وتحفّز صفحة المعلومات الخاصة بالمجموعة الاستشارية أهمية فهم هذه البيانات عاجلاً وليس آجلاً، لبناء استجابة عادلة.
وجاء في بيان على موقع المجموعة: "الوفيات الناجمة مباشرة عن كوفيد-19 تقدم فقط رؤية ضيقة للأضرار واسعة النطاق التي تسبّبها الجائحة، ذلك أن الأضرار الجانبية الناجمة عن كوفيد-19 أكبر بكثير".
وأضاف البيان: "من المهم تحديد هذا الأمر كميًا الآن لأنه يمكن أن يفيد الخيارات التي يجب على الحكومات اتخاذها في ما يتعلق بتحديد الأولويات بين الأنظمة الصحية الروتينية والطارئة".
ويعد فهم معدل الوفيات الإضافي مهم للغاية أيضًا للتقديرات المستقبلية لسكان العالم، والتأهب للجائحة.
لكن تقويمًا حديثًا لمنظمة الصحة العالمية تمحور حول قدرة أنظمة المعلومات الصحية، وجد أنه في أجزاء من إفريقيا، سُجل نسبة 10% فقط من جميع الوفيات.
وفقًا للدراسة الجديدة، تفاوت معدل الوفيات الإضافية على مدى العامين الماضيين من جائحة "كوفيد -19" بشكل كبير، بحسب البلد والمنطقة.
وكان لدى بوليفيا، وبلغاريا، وإسواتيني أعلى معدل وفيات إضافي تقديري، حيث سجّل لكل منها أكثر من 6 وفيات إضافية لكل 1000 شخص. وكان معدل الوفيات الإضافية مرتفع بشكل خاص في مناطق الأنديز في أمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية والوسطى، وجنوب أفريقيا جنوب الصحراء.
من جهة أخرى، أبلغت خمس دول عن عدد وفيات أقل بين عامي 2020 و2021 مما كان متوقعًا سابقًأ، هي: آيسلندا، وأستراليا، وسنغافورة، ونيوزيلندا، وتايوان.
وقال وانغ إن أسباب الوفاة تحتاج إلى مزيد من التحقيق، لكن الفرضية هي أن سياسات الإغلاق الصارمة في هذه الدول أدت إلى تدني عدد الوفيات بسبب كوفيد-19، عن أسباب متصلة بعوامل خارجية أخرى مثل حوادث المرور.
كما أدى فرض ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي إلى انخفاض معدل الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا في العديد من الدول.
وقال: "هذا هو أثر سياسات الوساطة واستراتيجيات التدخل على مختلف أسباب الوفيات".
كما سُجل اختلاف بأعداد الوفيات الإضافية الناجمة عن "كوفيد-19" على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة، وفقًا للدراسة.
وقال بوب أندرسون، كبير إحصائيي الوفيات لدى المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، غير المشارك في الدراسة الجديدة: "إلى حد ما، ستعتمد جودة الإبلاغ على الموارد المتاحة للقيام بفحوص ما بعد الوفاة".