قد تظل في جسمك لأعوام.. ما هي الكيمياويات الأبدية؟ وما الفئات الأكثر عرضة لها؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- استُخدمت مواد البيرفلوروالكيل والبولي فلورو ألكيل، المعروفة باسم PFAS، منذ الخمسينيات من القرن الماضي، لجعل المنتجات الاستهلاكية غير لاصقة، وطاردة للزيت والماء، ومقاوِمة لتغير درجة الحرارة. ويُطلق عليها اسم "المواد الكيميائية الأبدية" لأنها لا تتحلل بالكامل في البيئة.

كانت هذه العائلة من المواد الكيميائية الاصطناعية محل نقاش لأعوام إذ كشف العلماء والمدافعون عن البيئة عن أدلة إضافية لكون بعضها ضارة لصحة الإنسان عند مستويات منخفضة بشكلٍ متزايد.

ونشرت الأكاديميات الوطنية المرموقة للعلوم والهندسة والطب الخميس تقريرًا يضم أكثر من 300 صفحة يقدّم نصائح مفصّلة للأطباء حول كيفية اختبار وتشخيص وعلاج ملايين الأمريكيين الذين قد يكون قد تعرضوا لمواد PFAS.

وقال الأستاذ المساعد في علم الأوبئة في كلية كولورادو للصحة العامة، رئيس اللجنة التي كتبت التقرير، الدكتور نيد كالونج: "تُتطالَب الأكاديميات الوطنية بإجراء دراسات تكون خالية من آثار المناصرة، والمصالح الخاصة، والسياسة، ويُنظر إليها على أنها هيئة محايدة موثوق بها".

ويُحدد التقرير المستويات المثيرة للقلق بالنانو جرام، ويُشجع الأطباء على إجراء اختبارات الدم على المرضى القلقين بشأن التعرض، أو الأفراد المعرضين لمخاطر عالية (يعادل النانو جرام واحد من المليار من الجرام).

وأشار التقرير إلى أن الأشخاص في "مراحل الحياة الهشّة، مثل نمو الجنين أثناء الحمل والطفولة المبكرة والشيخوخة معرضون لخطر كبير.

ويُعتبر رجال الإطفاء والعاملين في مصانع تصنيع المواد الكيميائية الفلورية، وأولئك الذين يعيشون بالقرب من المطارات التجارية، والقواعد العسكرية ومدافن النفايات ومنشآت الحرق ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي عرضة للخطر أيضًا.

وكان الاستماع إلى المواطنين في قاعات البلديات في جميع أنحاء أمريكا جزءًا من عملية جمع الحقائق الخاصة باللجنة.

ووصفت هوب جراس من بنسلفانيا، التي شُخّصت بالمرحلة الرابعة من السرطان في سن الـ 25 بعد نشأتها بالقرب من قاعدة بحرية، كيفية ضحك أطبائها عندما ذكرت احتمال تعرّضها للمواد الكيميائية.

واكتشفت ساندي وين-ستيلت المقيمة في ميشيغان تلويث مكب نفايات مياه الشرب في منزلها، وفقًا للتقرير، وقالت إن مستويات التلوّث كانت أعلى بألف مرة مما تعتبره وكالة حماية البيئة آمنًا.

وبعد دفع ثمن فحص الدم من جيبها، اكتشفت وين-ستيلت وطبيبها أنها مصابة بسرطان الغدة الدرقية في مراحله المبكرة.

"عمر النصف"

العيش بالقرب من مصدر رئيسي لمواد PFAS ليست الطريقة الوحيدة للتعرّض لها.

وقائمة المنتجات الشائعة التي تحتوي على تلك المواد كثيرة جدًا، ولا يمكن تجنبها تقريبًا، وهي تتضمن السجاد والأرائك وأدوات الطهي غير اللاصقة والملابس المقاومة للبقع والهواتف المحمولة ومستحضرات التجميل وبطانة أغلفة الوجبات السريعة.

في الواقع، اكتُشفت مواد PFAS الكيميائية في دم 98% من الأمريكيين، وفقًا لتقرير من عام 2019 تم التوصّل إليه باستخدام بيانات من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية.

وفي البيئة، يمكن أن تلوّث مواد PFAS مياه الشرب في أنظمة مياه الشرب العامة، والآبار الخاصة.

ويمكن أن تتراكم المواد الكيميائية في أجسام الأسماك، والمحار، والماشية ومنتجات الألبان، بحسب التقرير.

وأوضح التقرير أن المواد الكيميائية تبقى في الجسم حتى "يتوقف التعرّض لها"، ومع أن مستوياتها في الدم قد تنخفض بمرور الوقت، إلا أن مستويات مواد PFAS "تستمر حتى بعد انتهاء التعرّض".

ويعود ذلك لإمكانية تخزين مواد PFAS في أعضاء مختلفة في الجسم لأعوام، وفقًا لما ذكرته عضو لجنة الأكاديميات، عالمة الأوبئة البيئية ونائبة مدير مركز صحة الإنسان والبيئة في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، جين هوبين.

ولكن ما سبب تخزينها لأعوام؟ وقالت هوبين إن ذلك يعود إلى "عمر النصف" الخاص بالعديد من مواد PFAS، أي الوقت الذي يستغرقه انخفاض التركيز الكيميائي في الجسم بمقدار 50%.

مستويات مختلفة من الأدلة

وقال التقرير إن اللجنة وجدت أدلة علمية "كافية" لوجود علاقة بين التعرّض لمواد PFAS، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الكِلى عند البالغين، ومستويات الكوليسترول المرتفعة بشكل غير طبيعي.

ويساهم الكوليسترول في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهي "السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم، إذ أنها تودي بحياة حوالي 17.9 مليون شخص كل عام"، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO).

ووجدت اللجنة أن التعرّض لهذه المواد كان مرتبطًا أيضًا بانخفاض نمو الرضع والأجنة، بالإضافة إلى انخفاض استجابة الجسم المضاد للقاحات لدى البالغين والأطفال.

وأنهت اللجنة أبحاثها في يونيو/حزيران 2021، وقالت هوبين: "أنا متأكدة من وجود المزيد من المعلومات التي ربما تم نشرها مؤخرًا".

لعبة أرقام

وأوصى التقرير بأن تبحث اختبارات الدم عن سبعة أنواع من مواد PFAS التي تراقبها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) حاليًا، وهي: MeFOSAA، وPFHxS، وPFOA، وPFDA، وPFUnDA، وPFOS، وPFNA.

ما الذي يمكننا فعله؟

أشار التقرير إلى وجود طرق للتقليل من التعرض لمواد PFAS الكيميائية. وتتمثّل إحدى الطرق الرئيسية في تصفية مياه الصنبور، وذكر التقرير قاعدة بيانات لمرشحات المياه التي يمكن أن تقلل منها.

وإليك مقترحات أخرى للوقاية من هذه المواد:

ابتعد عن السجادات والمفروشات المقاومة للبقع، ولا تستخدم بخاخات مقاومة للماء

ابحث عن مكوّن PTFE، أو مكونات "فلورو" أخرى على ملصقات المنتجات

تجنب أواني الطهي غير اللاصقة، واستخدم المنتجات الحديدية، والفولاذ المقاوم للصدأ، أو الزجاج بدلاً من ذلك

قاطع حاويات تناول الطعام في الخارج وغيرها من عبوات المواد الغذائية. وبدلاً من ذلك، اطبخ في المنزل، وتناول المزيد من الأطعمة الطازجة

لا تأكل الفشار المصنوع في الميكروويف، أو الأطعمة الدهنية المغلفة بالورق

اختر خيط تنظيف الأسنان المصنوع من النايلون، أو الحرير غير المطلي، أو الخيط المغطى بالشمع الطبيعي

نشر