دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من بين عشرات الآلاف من حالات جدري القردة في جميع أنحاء العالم هذا العام، كانت هناك عشرات الوفيات المرتبطة بالفيروس. ولأول مرّة، كانت بعضها خارج إفريقيا، وفي بلدان لا ينتشر فيها الفيروس عادة.
واُبلغ عن أكثر من 31 ألف حالة لجدري القردة على مستوى العالم منذ 1 يناير/كانون الثاني، مع تسجيل أكثر من 10 آلاف منها في الولايات المتحدة.
وتعافى معظم الأشخاص في منازلهم دون المعاناة من أي مشاكل دائمة. ولكن يسعى الأطباء لفهم لم يُمكن لجدري القردة أن يكون خطيرًا، وفي حالات نادرة، مميتًا.
ووفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO)، تسبّب الفيروس بحالتي وفاة في إسبانيا، وواحدة في البرازيل، وواحدة في الإكوادور، وواحدة في الهند، وجميعها بلدان غير موطونة بالمرض.
ولم تحدث أي من هذه الوفيات في الولايات المتحدة حتّى الآن.
وفي فقرة سؤال وجواب نُشرت مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قالت مديرة إدارة جدري القردة في برنامج الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة روزاموند لويس، إن الافتقار إلى فهم واضح حول شدّة المرض هو من الأسباب التي تجعل الأمراض المعدية تحديًا كبيرًا، وأوضحت: "عندما يتعرّض الأشخاص لعوامل معدية، فهم يستجيبون بطرقٍ مختلفة".
ولن يُصاب البعض بأي أعراض، وقد يعانون من مشاكل بسيطة مثل حمّى خفيفة، وهم يتحسنون، ويمضون قدمًا.
ومع ذلك، يعاني آخرون من مضاعفات خطيرة للغاية.
وفاة رجلين كانا بصحة جيدة في إسبانيا
ودقّت حالتان حديثتان على وجه الخصوص ناقوس الخطر.
وذكر تقرير صادر عن مديرة المعهد الوطني الإسباني لعلم الأحياء الدقيقة، الدكتورة إيزابيل جادو، أن حالتي الوفاة في البلاد كانتا لرجلين في الـ31 والـ44 من عمرهما.
ويبدو أنه لا توجد علاقة بين الحالتين، فلم يعرف كلاهما بعضهما البعض، ولم يكونا من المنطقة ذاتها.
وتمتّع كلاهما بصحّة جيدة قبل إصابتهما بجدري القردة، مع عدم وجود عوامل خطر كامنة للمرض الشديد، مثل ضعف جهاز المناعة.
وأُصيب كلاهما بالتهاب الدّماغ، أو تورّمه، وهو أمر يمكنه الحدوث نتيجة الالتهابات الفيروسية.
وانتهى المطاف بهما في غيبوبة قبل وفاتهما.
وقالت عالمة الأوبئة، وخبيرة فيروس الجدري في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، أندريا ماكولوم، إن التهاب الدماغ حالة نادرة جدًا معروفة بارتباطها بجدري القردة.
وذكرت ماكولوم لـCNN: "سبب معاناة بعض هؤلاء المرضى من التهاب الدماغ هو أمر لا نعرفه".
وقد تعتمد شدّة المرض على صحة الشخص، وموارد الرعاية الصحية التي يمكنه الوصول إليها، وسلالة الفيروس التي تُصيبه.
وأشارت ماكولوم إلى كون حوالي 11% من حالات جدري القردة مميتة في حوض الكونغو في وسط أفريقيا، ويعود ذلك إلى حدٍ كبير لعدم تطعيم السكان حتّى ضد فيروس الجدري الذي يرتبط به، والذي من شأنه أن يقي من جدري القردة.
وفي غرب أفريقيا، يُصبح جدري القردة مميتًا في 1% من الوقت، بحسب البيانات التي تأتي من نيجيريا غالبًا.
وتُظهر البيانات أيضًا أنه غالبًا ما يعاني الأشخاص الذين يموتون بسبب جدري القردة من عوامل خطر تقلّل من وظائفهم المناعية، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV).
وقالت ماكولوم إن الأطفال أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض شديد لأن أجهزتهم المناعية لا تعمل بكامل طاقتها، وقد تكون النساء الحوامل أكثر عرضة لخطر الإصابة بجدري القردة نتيجةً لمناعتهن المنخفضة.
ويُعتقد أن سلالة الفيروس المنتشرة في غرب إفريقيا، وهي السلالة ذاتها المنتشرة في الولايات المتحدة الآن، وغيرها من البلدان غير الموطونة بالمرض، تُسبّب مرضًا أكثر اعتدالا مقارنةً بسلالة حوض الكونغو.
ولا يُعرف الكثير عمّا يجعل حالات المرض شديدة خارج المناطق الموطونة بالفيروس، ويقول مسؤولو الصحة العامة إنهم يحاولون التعلّم بظل استمرار التفشّي.