دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أظهرت دراسة جديدة أن إنسان "نياندرتال" أو الإنسان البدائي، الذي عاش قبل 90 ألف عام في كهف على الواجهة البحرية، في ما يُعرف الآن بالبرتغال، كان يصطاد سرطان البحر بانتظام، ويحمصه على الفحم، ويأكل لحمه المطبوخ.
وتتمثل أهمية هذا الاكتشاف في أنّه يبني على الدليل الذي يقلب المفهوم الراسخ بأن تناول المأكولات البحرية، الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية المهمة لنمو الدماغ، كان أحد العوامل الفريدة التي جعلت جنسنا البشري، الإنسان العاقل، أكثر ذكاءً مقارنة بغيره من البشر المنقرضين، مثل إنسان نياندرتال.
وفي بيان صحفي. قالت مؤلفة الدراسة الدكتورة ماريانا نبايس، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في المعهد الكتالوني لعلم الأحياء القديمة البشرية والتطور الاجتماعي في إسبانيا: "تدق نتائجنا مسمارًا إضافيًا بنعش الفكرة القديمة القائلة بأن إنسان نياندرتال كان من سكان الكهوف البدائيين الذين بالكاد استطاعوا كسب قوت يومهم من جثث الطرائد الكبيرة".
واكتشف علماء الآثار الذين قاموا بالتنقيب، بقايا الأسماك القشرية في الموقع، أي كهف "Figueira Brava"، الذي يقع على بعد حوالي 32 كيلومترًا، جنوب لشبونة، ومن بينها، البطلينوس، وبلح البحر، والمحار، لكن يقايا القشرة من السلطعون البني طغت بشكل خاص.
ويُعتبر السلطعون البني، الذي يُعرف علميُا باسم سلطعون البحر، من أنواع السلطعون الذي لا يزال يُستهلك بشكل شائع اليوم في كل من البرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، وفرنسا.
ووجدت هذه الدراسة الأخيرة أنّ إنسان نياندرتال كان يصطاد في الغالب سرطان البحر البالغ الأكبر حجمًا، ما يشير إلى أنه اختير لحجمه، مع قشرة يبلغ عرضها حوالي 16 سنتيمترًا، أي كانت توّفر حوالي 200 غرام من لحم سرطان البحر.
وأشارت الدراسة إلى أنّ أنماط الأضرار التي لحقت بقشرة سرطان البحر وكماشاته استبعدت تورّط مفترسات أخرى في التغذية عليه مثل الطيور أو القوارض.
وكشفت الدراسة أن علامات الشقوق التي شوهدت على العينات الموجودة في الموقع الأثري كانت مشابهة لتلك التي نُحدثها عند تناول سرطانات البحر، رغم أن إنسان نياندرتال كان سيستخدم الأدوات الحجرية بدلاً من المطارق المعدنية وأدوات المائدة الحديثة لفتح قشرة سرطان البحر.
وأوضحت علامات الحروق السوداء التي حددها الباحثون على قشور السلطعون أن سرطانات البحر حُمّصت على الفحم الساخن إلى درجات حرارة تتراوح بين 300 و500 درجة مئوية، ثم شُقّت للوصول إلى لحمها المطبوخ.
وذكرت الدراسة، التي نُشرت الثلاثاء في مجلة "فرونتيرز" في علم الآثار البيئية، أنه "سواء كان يُنظر إلى هذه الأطعمة على أنها شهية، أو تعكس نوعًا من الاحتفالات، أو قيمة اجتماعية مضافة لمن اصطادها، أو لها معاني أخرى مرتبطة بالاستهلاك، فهذا أمر بعيد عن فهمنا".
وبينما أنه ليس من السهل اصطياد سرطانات البحر باليد، لفتت الدراسة إلى أنّه من المحتمل أن يكون قد تم اصطيادها عند برك صخرية ضحلة منخفضة المدّ بالقرب من الكهف، وربما بمساعدة الرماح لشل حركتها.
وذكرت الدراسة أنه تم توثيق مجموعات السكان الأصليين في جميع أنحاء أمريكا الشمالية خلال اصطيادها لسرطانات البحر بهذه الطريقة.
وأكدت الدراسة أن إنسان نياندرتال كان قادرًا على التكيف مع بيئات مختلفة، واصطياد مجموعة واسعة من الحيوانات، والاستفادة من أنواع مختلفة من الطعام.
وقام أشباه البشر هؤلاء باصطياد الطرائد الكبيرة، إذ تمكن إنسان نياندرتال من قتل الفيلة العملاقة التي يمكن أن تطعم 100 شخص لمدة شهر، وفقًا لدراسة أجريت في الأول من فبراير/شباط، وحللت بقايا حيوانات قديمة عُثر عليها في موقع حفر في ألمانيا.
وكشفت دراسة أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022 أنّ إنسان نياندرتال قام أيضًا بطهي وجبات طعام تجمع بين النباتات والبقول مثل العدس.