دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وجدت دراسة جديدة أنّ مستخدمي الماريغوانا لديهم إحصائيًا، مستويات أعلى من الرصاص والكادميوم في الدم والبول مقارنة بالأشخاص الذين لا يتعاطون القنب.
وقالت تيفاني سانشيز، المؤلفة الرئيسية، والأستاذة المساعدة بعلوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك الأمريكية: "المقارنة بغير المستخدمين، بيّنت أن لدى مستخدمي الماريغوانا مستويات أعلى من الرصاص في الدم بنسبة 27%، ومستويات أعلى في البول بنسبة 21%".
وكانت وكالة حماية البيئة الأمريكية قد ذكرت أنه لا مستوى آمن للرصاص في الجسم.
وأضافت سانشيز أنّ مستخدمي الماريغوانا لديهم أيضًا مستويات أعلى من الكادميوم في الدم بنسبة 22% مقارنة بغير المستخدمين، ومستويات أعلى في البول بنسبة 18%.
وأوضحت سانشيز أنّ "الكادميوم والرصاص يبقيان في جسمك لفترة طويلة. ويمتص الجهاز الكلوي الكادميوم ويتم ترشيحه عبر الكلية. لذلك، عندما تنظر إلى الكادميوم البولي، فهذا انعكاس لعبء الجسم الإجمالي، أي الكمية التي استهلكتها خلال فترة طويلة من التعرض المزمن".
وبحسب وكالة حماية البيئة التي وضعت حدًا لمستوى الكادميوم بالهواء والماء والغذاء، ارتبط الكادميوم بأمراض الكلى وسرطان الرئة لدى البشر، وتشوّهات الأجنة لدى الحيوانات.
وقالت الدكتورة بيث كوهين، أستاذة الطب في جامعة كاليفورنيا بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، والمديرة المشاركة لبرنامج أساليب التحقيق في الإقامة وعلم الأوبئة بالجامعة، غير المشاركة بالدراسة: "أعتقد أن هذا الأمر يسلّط الضوء على الحاجة إلى وضع دراسات أكثر تفصيلاً حول القنب، خصوصًا المنتجات الحقيقية التي يستخدمها الناس".
قياس الدم والبول
واستخدمت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "Environmental Health Perspectives" الأربعاء، بيانات مستقاة من المسح الوطني السنوي لفحص الصحة والتغذية، أو NHANES، الذي يتتبع صحة الأمريكيين، وذلك بين عامي 2005 و2018.
وتم فحص اختبارات الدم والبول لـ7254 شخصًا قالوا إنهم استخدموا الماريغوانا في الثلاثين يومًا الماضية بحثًا عن مستويات المعادن الثقيلة، ما يجعل الدراسة الجديدة "فريدة من نوعها"، بحسب ما ذكرته سانشير، إذ قامت غالبية الدراسات ببساطة بقياس مستويات المعادن في نباتات القنب، وليس لدى الأشخاص الذين يستهلكون الماريغوانا.
وتابعت: "لم تكن دراستنا قادرة على الفصل بين مستهلكي القنب الطبي أو الترفيهي، لذلك لا يمكننا الجزم إذا كان مستخدمو القنب الطبي لديهم مستويات معدنية أعلى على وجه التحديد. هذا أمر يجب تقييمه في الدراسات المستقبلية".
وبحسب ما أوضحته عيادة "كليفلاند"، ترتبط المعادن الثقيلة بخلايا الجسم ما يحدّ من وظيفتها، كما تم ربطها بالسرطان والأمراض المزمنة والتأثيرات السمية العصبية.
وأشارت "كليفلاند" إلى أنه "قد يكون الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، مثل الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، أكثر عرضة لخطر التعرض للمعادن أو ملوثات القنب الشائعة الأخرى مثل العفن". وأضافت سانشيز: "مع ذلك، هذه مجال لم يتم التعمق بدراسته بعد".
ولا يقتصر وجود المعادن الثقيلة في الماريغوانا فقط، بل إن مدخني التبغ يتعرضون لأنواع أكثر من السموم. وتحتوي السجائر الإلكترونية، مثلًا على مستويات عالية من الهباء الجوي من النيكل، والكروم، والرصاص، والزنك، في حين وجد الباحثون أن السوائل الإلكترونية وخزانات السجائر الإلكترونية تحتوي على الزرنيخ، والرصاص، والنيكل، والقصدير، والمنغنيز، والنحاس، والكروم، بحسب الدراسات.
القنب مرادف "للتراكم المفرط"
وكعناصر طبيعية، توجد المعادن الثقيلة في التربة التي تزرع فيها المحاصيل ولا يمكن تجنبها، وهي السبب الرئيسي لوجودها في الهواء، والماء، وإمدادات الغذاء. ومع ذلك، تحتوي بعض حقول ومناطق المحاصيل على مستويات سمية أكثر من غيرها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الإفراط باستخدام المبيدات الحشرية التي تحتوي على معادن والتلوث الصناعي المستمر.
وقال الدكتور ليوناردو تراساندي، رئيس قسم طب الأطفال البيئي في جامعة نيويورك لانغون، لـCNN في مقابلة سابقة: "في مرحلة سابقة استخدمنا المعادن كمبيد حشري سائد لسنوات عديدة، على افتراض أنها آمنة".
ولا تستطيع جميع النباتات امتصاص مستويات عالية من المعادن من دون ضرر. لكن القنب لديه خاصية مميزة، فهو يتسم بـ"التراكم المفرط المعروف"، ما يعني أنه جيد للغاية في امتصاص المعادن الثقيلة، والمبيدات الحشرية، والمذيبات البترولية، والنفط الخام وغيرها من المواد الكيميائية الضارة المحتملة من دون الإضرار بنفسه.
ونظرًا لجذور هذه النبتة العميقة وقدرتها على النمو في التربة الفقيرة، يمكن زراعة النبات في العديد من البيئات. وفي الواقع، تم استخدام القنب بنجاح لترشيح المعادن الثقيلة السامة بشكل طبيعي من التربة المحيطة عقب كارثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية والمبيدات الحشرية مثل الديوكسين من المزارع الملوثة بشدة في إيطاليا، بحسب مراجعة، وضعت عام 2022.
ورأت الدراسة أن استخدام النبات على هذا النحو يعتبر واعدًا جدًا، لدرجة أن وزارة الزراعة الأمريكية ترعى بحثًا حول كيفية هندسة النبات بيولوجيًا لامتصاص مستويات أكبر من السموم.
وبينما أن هذه أخبار جيدة للبيئة، إلا أنها مثيرة للقلق بالنسبة لمستخدمي الماريغوانا. إذ توصلت دراسة أجريت في عام 2021، إلى أنّ الرصاص، والكادميوم، والكروم الذي يمتصه النبات يتم نقله وتوزيعه عبر الساق وفي أوراق وأزهار النبات. ويشكل هذا الأمر مشكلة، لأن عددًا قليلاً من الولايات تمارس رقابة على الحشيش القانوني الترفيهي أو الطبي.
ولكن، ما الذي يمكن لمستخدمي الماريغوانا فعله لحماية أنفسهم من الملوثات؟ وقالت سانشيز إننا لا نملك إجابة واضحة على هذا السؤال.
وتابعت أنّ "أحد أهم الأشياء التي أقولها للناس عندما نتحدث عن المعادن الثقيلة في الطعام يتمثل باتباع نظام غذائي متنوع". وأوضحت أنه "في هذه الحالة، يمكنك على الأقل أن تدرك أن هناك ملوثات بيئية مختلفة في منتجات قد لا نكون على علم بها، مثل القنب".