عظمة أذن تكشف عن أقدم حالة معروفة لمتلازمة داون لدى الإنسان القديم

علوم وصحة
نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كشفت دراسة جديدة عن أن عظمة الأذن المتحجرة التي اكتُشفت داخل كهف بإسبانيا تعود لطفل نياندرتال عاش مع متلازمة داون حتى سن السادسة من عمره.

وأشار الاكتشاف إلى أن أفراد المجتمع اعتنوا بالطفل الضعيف الذي عاش قبل 146 ألف عام على الأقل.

ويتعارض هذا البحث مع صورة إنسان نياندرتال، الذي انقرض منذ حوالي 40 ألف عام.

وقالت عالمة الإنسان القديم مرسيدس كوندي فالفيردي، وهي المؤلفة الرئيسية لدراسة عن عظمة الأذن نُشرت في الدورية العلمية "Science Advances" إن "الطفل كان بحاجة إلى رعاية مستمرة ومكثّفة".

وأوضحت أن الطفل "كان يعاني من فقدان شديد في السمع، ومشاكل خطيرة في التوازن، ونوبات من الدوار".

وأضافت كوندي فالفيردي، وهي أستاذة مساعدة في الأنثروبولوجيا الفيزيائية بجامعة Alcalá في إسبانيا، أن ضعف العضلات قد يجعل الرضاعة الطبيعية والحركة صعبة.

وتم التنقيب عن الحفرية في عام 1989 بموقع "كوفا نيجرا" الأثري في مقاطعة فالنسيا الإسبانية. ومع ذلك، اكتشف علماء الآثار العينة مؤخرًا فقط عندما قاموا بتمشيط الأجزاء الحيوانية التي جمعت في الموقع أثناء مراجعة المادة.

وقالت كوندي فالفيردي، في إشارة إلى الأنابيب الداخلية للأذن: "لقد تمكنّا من تحديد أنها لإنسان نياندرتال بسبب النسب المميزة لقنواتها نصف الدائرية، التي تعتبر سمة من سمات إنسان نياندرتال".

 

عظمة أذن تكشف عن أقدم حالة لمتلازمة داون
كشفت دراسة الحفرية عن وجود تشوهات في عظمة الأذنCredit: Mercedes Conde-Valverde/Julia Diez-Valero

ولم تتضمن الدراسة التأريخ الدقيق للعظمة، الأمر الذي يتطلب استخراج الحمض النووي القديم، لكن إنسان النياندرتال احتل الموقع منذ ما يتراوح بين 146 و273 ألف عام. ولم يحدد فريق البحث جنس إنسان النياندرتال الصغير.

وأشارت كوندي فالفيردي إلى أن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يمكن أن يعيشوا حياة طويلة اليوم، ولكن من المدهش أن ذلك الطفل عاش بعد سن السادسة، إذ كانت الحياة في العصر الحجري صعبة.

وأوضحت الدراسة أن إنسان نياندرتال كان شديد الحركة، ويتنقل بانتظام من مكان إلى آخر.

ومن المحتمل أن الرعاية المطلوبة للطفل للبقاء على قيد الحياة لفترة طويلة من الزمن تنطوي على اعتماد الأم على تعاون ودعم الأفراد الآخرين في المجموعة.

وحتى في الماضي القريب، كان من الشائع أن يموت الأشخاص الذين لديهم إصابة بمتلازمة داون في مرحلة الطفولة.

في عام 1929، كان متوسط ​​العمر المتوقع للأطفال المصابين بمتلازمة داون، وهي حالة ناجمة عن كروموسوم إضافي جزئي أو كامل، 9 سنوات، وفقا للدراسة. 

وبحلول الأربعينيات من القرن العشرين، زاد العمر المتوقع ليبلغ 12 عامًا.

ويعود تاريخ أقدم حالة معروفة لمتلازمة داون لدى الإنسان العاقل، أي جنسنا البشري، إلى 5300 عام على الأقل.

باستخدام الحمض النووي القديم، حدد مؤلفو دراسة نُشرت في فبراير/ شباط 6 حالات في مجموعات سكانية ما قبل التاريخ. ولم يعش أي من الأطفال لفترة أكثر من 16 شهرًا.

وتعتقد كوندي فالفيردي وزملاؤها أن عظمة الأذن تعود لطفل مصاب بمتلازمة داون بسبب سلسلة من التشوهات في بنية الأذن الداخلية.

وتشمل هذه التشوهات الشكل غير الطبيعي للقناة نصف الدائرية الجانبية (أقصر قناة أذن)، وهي قناة عظمية ضيقة تمتد من الأذن الداخلية إلى عمق الجمجمة، وانخفاض الحجم الإجمالي لغرفة عظام القوقعة.

وأضافت كوندي فالفيردي أن الدليل القاطع على أن الطفل مصاب بمتلازمة داون سيتطلب استعادة الحمض النووي القديم من الحفرية، لافتة إلى أنه "على مدى عقود، كان من المعروف أن إنسان النياندرتال يعتني برفاقه الضعفاء".

وقالت بيني سبيكينز، وهي أستاذة علم الآثار بجامعة يورك بالمملكة المتحدة، التي لم تشارك في البحث، إنه من المحتمل أن يكون لدى البشر استجابة غريزية وعاطفية لرعاية الأطفال الرضع لضمان بقائهم على قيد الحياة.

ووجدت أن "هذا الاكتشاف يوضح مدى التشابه بيننا وبين البشر البدائيين في كثير من النواحي، لا سيما في رغبتنا الإنسانية المشتركة في رعاية الضعفاء".

نشر