دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يمكن أن تدعي دبي التميز بكونها واحدة من أكثر المدن المكيفة الهواء في العالم، خصوصاً في ظل وجود مراكز التسوق الشاسعة، ومراكز التزلج والشواطئ الاصطناعية في الأماكن المغلقة.
وأفاد البنك الدولي أن الإمارة، تعتبر واحدة من بين أكبر مستهلكي طاقة الأفراد في العالم، إذ يتم حرق ما يقدر بنحو ثلثي الطاقة المستهلكة خلال فصل الصيف على تكييف الهواء خلال قيادة السيارات.
وقد تصل درجات الحرارة في الخارج إلى 50 درجة مئوية، ولكن في داخل المباني العامة فإن الحرارة قد تبلغ مستويات منخفضة جدا ما يدفع الأشخاص إلى ارتداء السترات. وفي بعض دور السينما يمكن للعملاء استئجار البطانيات.
أما استهلاك الطاقة فقط لتكييف الهواء فيمثل واحداً من المشاكل الأساسية التي تلوح في أفق في المنطقة. ووفقا لـ"كاثام هاوس"، فإن المملكة العربية السعودية يمكن أن تستهلك في الواقع المزيد من النفط مقارنة بما تصدر منذ 15 عاماً، ما يعود إلى حد كبير بسبب تكييف الهواء.
ويبحث المهندسون حاليا في هندسة العمارة العربية التقليدية كوسيلة لتوفير تبريد الطاقة إلى مستويات الصفر في المباني المعاصرة، وليس فقط في شبه الجزيرة العربية ولكن في جميع أنحاء العالم.
وقال الأستاذ المساعد في علوم الفيزياء في جامعة "ليدز" البريطانية بن هيوز، إن أبراج الرياح تعتبر لاعباً اساسياً في العمارة الشرق الأوسطية لحوالي ألف عام، وحلوله بسيطة بقدر ما هي فعالة.
وأضاف هيوز أنه كلما ارتفع مستوى الأبراج، تصبح قوة الهواء أسرع، موضحاً أنه بينما يضرب الهواء الأبراج، يساهم جدار يمتد إلى أسفل وسط البرج بدفع الرياح إلى الأسفل في داخل المبنى.
أما تراكم الضغط الإيجابي داخل المبنى فيخلق تلقائيا الضغط السلبي الذي يبعث إلى الخارج، ما يعني أن العفونة والهواء السيئ داخل المبنى، يتم توجيهه بعيدا.
وشرح هيوز أن "الهواء يدفع إلى داخل المبنى و يمتص العفونة، فيما يخرج الهواء المستخدم عبر الجانب الآخر من برج الرياح."
أما الأمثلة الأكثر أناقة لأبراج الرياح، فما تزال موجودة في الجزء التاريخي في دبي، أي في الخور، حيث ابتكر التجار الفرس الهياكل المزخرفة والمبنية من الحجر أو الطين في أعوام الخمسينيات من القرن الماضي، لتبريد وتهوئة القصور الحضرية الخاصة بهم.
وفي كثير من الأحيان، كانت هذه الأبراج تلف بنسيج رطب لزيادة قدرة التبريد فيها.
ورغم أن تكييف الهواء، يوفر راحة فورية من الحرارة المرتفعة، إلا أن أبراج الرياح تؤدي أيضاً وظيفة مختلفة تتمثل بالتخلص من التراكم المستمر لغاز ثاني أوكسيد الكربون.
وحتى مع ذلك، فإن اختراع برج الرياح المعاصر مؤخراً، ساهم بخفض الحرارة 12 درجة أكثر. ويذكر أن الاختراع الذي قام به هيوز وزنه خفيف، وهو عبارة عن علبة صغيرة تؤدي إلى التأثير ذاته من دون الحاجة إلى دفع تكاليف إضافية لتعزيز الهيكلية.
أما بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، فأصبحت الحلول المبنية على فكرة أبراج الرياح العربية ذات شعبية متزايدة في التصميم الأوروبي المعاصر خلال فترة الـ15 سنة الماضية.
وفي البلدان التي ولد فيها مفهوم أبراج الرياح تراثياً مثل دبي، فإن تكييف الهواء، يمثل الآن 70 في المائة من استهلاك الكهرباء في فصل الصيف، لذا تؤدي أبراج الرياح مفهوماً ايجابياً.
أما قطر على وجه الخصوص فلديها خطة استراتيجية بحلول العام 2030 للانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة وجزء من تلك الخطة هو توفير بيئات معيشية صحية تحترم التراث.
ويمثل معهد "مصدر" للعلوم والتكنولوجيا خارج إمارة أبوظبي واحداً من الأمثلة الأكثر إثارة للإعتماد على أبراج الرياح الحديثة، وذلك باستخدام أسلوب الهياكل التقليدية كجزء من برج يتألف من 45 مترا والذي يؤدي إلى تبريد الهواء وتهوئة الفضاء العام في الحرم الجامعي.
وبالنسبة إلى هيوز، فإن الإجابة على واحدة من المشاكل الأكثر إلحاحاً في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتمثل بارتفاع استهلاك الطاقة بطريقة مضاعفة لتبريد المباني في واحدة من أكثر المناطق قسوة في العالم، كانت متوفرة كل الوقت من دون أن نراها، ما يمثل السبب من وراء الاعتماد على التكنولوجيا التقليدية وتطبيقها في القرن الواحد والعشرين.