دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بحساب نشيط عبر تويتر وانتقادات لاذعة سياسيا وإشارات مثيرة للجدل دينيا برز منذ أكثر من عام شاب لبناني الأصل ينشط عبر اسم "جيري ماهر". الحساب الذي كان البعض يشكك بهوية صاحبه نشر أسماء وتحقيقات حول عدة قضايا متصلة بحزب الله وإيران وتنظيمات موالية لها، وبات موضع متابعة الكثيرين حتى ظهوره أخيرا على الشاشات ضمن برامج حوارية، فمن هو جيري ماهر وما حقيقة موقفه من الأوضاع في المنطقة وكيف تحول بسرعة إلى نجم في ساحة المواجهة بالمنطقة؟
الاسم والبدايات
يتحدث جيري ماهر لـCNN عن بداياته وكيفية تحوله إلى شخصية مؤثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إنه بدأ عام 2005 من خلال تأسيس إذاعة "صوت بيروت إنترناشيونال" التي تبث عبر الانترنت، والتي يقول إنها بلغت ذروة تأثيرها عام 2006 خلال حرب تموز بين حزب الله وإسرائيل مضيفا: "كنا نغطي الأحداث وكنا داعمين لما يسمى بالمقاومة التي كنا ننظر إليها أنها تدافع عن لبنان، ولما انتهت الحرب في 2006 حدث اجتياح بيروت (من قبل حزب الله) 2007."
ويؤكد ماهر أن زيارته الأخيرة إلى لبنان كانت بين شهري فبراير/شباط ومايو/أيار من العام 2015، وكانت محاطة بمراقبة ومتابعة أمنية عن طريق شخصيات دبلوماسية. وقد شهدت زيارته أزمة سياسية وأمنية يرويها بالقول إن مجموعة من الشبان تظاهروا ضده أمام قصر العدل بعد تدوينة على فيسبوك تحدث فيها عن رؤيته لشخصيات دينية وسياسية شيعية في "كازينو لبنان" قبل أن يذيلها بعبارة "كذبة نيسان" مضيفا: "أصيبوا بالجنون ولا أعرف كم كان تأثير هذه العبارة عليهم، فتظاهروا ضدي في بيروت وطالبوا بمحاكمتي واعدامي."
ويقول ماهر، الذي ينفى بشكل قاطع حصوله على تمويل من جهات سياسية لبنانية أو دول عربية خليجية، إنه اضطر بعد ذلك لمغادرة بيروت في موكب أمني ولم يعد منذ ذلك الحين خاصة بعد تلقيه لتهديدات طالت نجله الذي لم يتجاوز السادسة من عمره.
وعن قضية اسمه الذي شغل المتابعين وإشارة بعضهم إلى وجود أكثر من اسم وهوية له قال ماهر: "سجلت حلقة عبر شاشة تلفزيونية لبنانية تعرضت قبل أسابيع لهجوم من أنصار حركة أمل، وللأسف لم تُعرض الحلقة، وتحدثت فيها عن القضية. اسم جيري ماهر أو دانييل الغوش كلها أسماء موجودة على وثائق رسمية وليست وهمية.. أنا أحمل 3 جنسيات مختلفة بأسماء مختلفة ومنها جيري ماهر. هذه التفاصيل معروفة ولم أخفيها وإثارة الخصوم لها لن تؤثر."
وحول بدء تجربته عبر تويتر وتحوله إلى صوت مؤثر عبر وسائل التواصل قال ماهر إن القضية بدأت في أواخر صيف 2016 بالكويت، مع تفجّر قضية ما عُرف بـ"خلية العبدلي" التي قيل إن لحزب الله اللبناني دورا فيها مضيفا: "بدأت أنشر تفاصيل من بعض الأجهزة الأمنية في الكويت سربت لي هذه المعلومات، وأثار الأمر ضجة كبيرة، خاصة بعدما اتضحت صحة تسريباتي، واستطعت أن أنتقل إلى المرحلة الثانية لأتحدث عن الشأن الخليجي وعن إيران وتدخلها في المنطقة وتأثيرها السلبي علينا."
ويذكر ماهر أيضا سلسلة تغريداته حول الوضع الأمني في البحرين ومن ثم الحملة التي قادها لنشر أسماء مؤيدي النظام السوري في الخليج قبل الحلقة الشهيرة التي ظهر بها عبر فضائية "الجزيرة" في برنامج "الاتجاه المعاكس" التي قال إنها مثّلت ذروة نشاطه قائلا: "بعد الحلقة وصلتي رسائل من أحد أهم أعمدة النظام السوري في أجهزته الامنية، دون تحديد من، يقول فيها لجيري ماهر: صحيح نحن ضدك ولا نؤمن بالسياسة التي تخوضها، ولكن لا يمكننا ان نقول سوى أننا نحترمك."
إيران
لا يخفي ماهر موقفه مما يصفه بـ"المشروع الإيراني" الذي يقول إنه "أكثر إرهاباً وتخريباً من المشروع الإسرائيلي"، معتبرا أن ذلك المشروع "يخرج من قم إلى بيروت مشروع شيعي متطرف إرهابي يدعم التخريب وقتل السنة على الهوية في المنطقة من أجل التسريع بمجيء الامام المهدي الذي لن يأتي للأسف إلا عندما ينتشر القتل والتدمير" على حد قوله.
ويقر ماهر بأن بعض تغريداته المثيرة للجدل تحمل إشكاليات عقائدية ومذهبية من وجهة النظر الشيعية التي قد تعتبرها مهينة ولكنه يرى أنه – رغم انتقاد نفسه أحيانا – يضطر لاستخدام ما يسبب الصدمة لدى المتلقي الذي يسمع بدوره لغة مماثلة "تنتقد وتكفّر الصحابة وأمهات المؤمنين تستخدم لتبرير قتل المخالفين في المذهب" على حد قوله. ويضيف: "إذا أرادوا لوم جيري ماهر على هذا الخطاب يجب عليهم مراجعة ومحاسبة أنفسهم.. إذا وجدوا أن جيري ماهر تطاول عليهم بما يمس عقيدتهم فعليهم أن يراجعوا خطابهم وتصعيدهم الذي أيضاً يمسنا بعقيدتنا".
وتابع بالقول: "نحن من يُقتل اليوم. إذا استثنينا داعش والنصرة - لأنهما جزء من الاحتلال الإيراني إذا كان يحق لنا التصنيف – فلن تجد جهة سنية واحدة تقتل على الهوية وتقوم بالذبح وارتكاب جرائم... هناك إيران وحزب الله وجهات في العراق تفعل ذلك، ونحن اليوم غير قادرين على المواجهة حتى بالكلمة.. إذا أمسكنا السلاح وخرجنا للحرب يشار إلينا بأننا إرهابيون وتكفيريون وطائفيون هذه الشعارات التي يتهمونا بها، وبتنا الآن نحن من يعيش هذه المظلومية التي يتهموننا بالتسبب بها."
سوريا والعراق وحزب الله
وحول تطورات الأوضاع الميدانية في سوريا، قال ماهر إنه "غير متفائل" وأن النظام السوري ومعه الجهات المتحالفة معه لم يكن ليقبل التفاوض مع المعارضة لولا أنه متأكد من إمكانية وصوله لما يريده معها. ورأى أنه إذا خُيّر بين الاحتلال الروسي والإيراني فسيتخار الروسي "لأنه لو دخل الايراني فلن يسمح لإنسان أن يدخل إلى مسجد ليصلي."
واستبعد ماهر أي حل للأزمة السورية خلال السنوات الخمس المقبلة، خاصة في ظل تفكك القوى على الأرض ونزعة كل جهة إلى الاستقلال في إدارة ما تحت أيديها من مناطق بما يهدد بتحول "كل حي إلى دولة مستقلة" مضيفا أن هناك محاولات من روسيا وتركيا لإزالة الوجود الإيراني بضغط روسي يسمح بتقاسم الأمور بين موسكو وأنقرة قبل أن يستعيد الأمريكي أنفاسه ويحاول فرض سياساته في المنطقة من جديد في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وشرح وجهة نظره بالقول: "ترامب لديه سياسة تصعيدية في سوريا وعنده هدف لمحاربة الارهاب لكن بنفس الوقت لن يسمح ببقاء بشار الأسد في السلطة ولن يقبل بإسقاط الجيش السوري في الوقت عينه، فهو يريد أن يكون الجيش السوري إلى جانب الجيش الحر للتأسيس لمرحلة انتقالية تؤسس دستور فيما بعد في مناطق آمنة بسورية..تركيا وروسيا من جانبهما يحاولان قبل الامريكي الحصول على مكاسب قبل الخروج بعد سنين بأيد خاوية."
وحول الوضع في العراق وتبدل بعض المواقف السياسية بعد زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى بغداد، قال ماهر إن الرياض تحاول ألا تخسر العراق على المستويين السياسي والشعبي، محذرا من ثمن باهظ قد يترتب على الساحة العراقية بحال عدم تقبل المسعى السعودي بسبب مستوى التوتر المرتفع مذهبيا.
وأبدى ماهر خشيته حيال ما وصفها بـ"سياسة المجازر" في المنطقة وخاصة بحق السوريين "على أساس مذهبي وطائفي" وفق تفسيره، مضيفا: "الشعب الفلسطيني خرج من بلاده ولم يتمكن من العودة. الشعبان العراقي والسوري يغادران، بعضهم يذهب إلى أوروبا وبعضهم موجود في دول الجوار وهؤلاء لن يستطيعوا العودة إلى مناطقهم التي وزعت على الأفغان والإيرانيين واللبنانيين والشيشان، فإلى اين سيرجعون؟ فالمنطقة والحرب الدائرة في سوريا لن تنتهي في غضون سنوات قليلة.
وجزم ماهر بأن سلاح حزب الله "لا مستقبل له" معتبرا أن هناك رفضا محليا وعربيا ودوليا له، واصفا إياه بأنه "سلاح يغدر ويؤذي ويمكن أن يسبب مشاكل كثيرة في البلد اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً" مفسرا حالة الهدوء التي تسود الحدود بين لبنان وإسرائيل برغبة حزب الله في عدم إطلاق صراع يدفع سكان الجنوب إلى اللجوء لمناطق أخرى لعلمه بعدم وجود حاضنة شعبية له.
وأعرب ماهر عن تأييده لحرب تقضي على سلاح حزب الله "حتى لو كلفتنا 50 سنة للعودة للوراء لأنه عندي إيمان أنه في 10 سنوات يمكن ان نعيد حياتنا للتقدم للأمام اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا كدولة محترمة". مؤكدا وجود نية لتعزيز التواصل مع الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي لمحاصرة نشاطات حزب الله الاقتصادية في أوروبا، والتي يقول إنها تساهم بنسبة كبيرة في تمويل الحزب.