سيخ لحم مشوي لمشاهدة المونديال

رياضة
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير علي شهاب
سيخ لحم مشوي لمشاهدة المونديال
لبنانيون يتابعون مباراة أثناء كأس العالم بين البرازيل والمكسيك في حانة في جبيلCredit: JOSEPH EID/AFP/Getty Images

أنا مواطن صالح أدفع الضرائب المتوجبة عليّ مع أني كحال معظم اللبنانيين لا أحصل على خدمات جيدة مقابل هذه الضرائب؛ ففي بلادي ندفع كلفة فاتورة الكهرباء مرتين: مرة للدولة ومرة لصاحب مولد اشتراك الكهرباء في الحي.

 

وصاحب مولد الاشتراك هو شخص ذو نفوذ ومؤثر في بلدي وبمقدوره التحكم بحياتك وقلبها رأسا على عقب اذا لم تقف عند خاطره. كذلك الحال بالنسبة للمياه، حيث أدفع سنويا كلفة اشتراكي في مياه الدولة وأدفع شهريا كلفة شراء براميل مياه اضافية حين تنقطع مياه الدولة. وقيسوا على هذه الحال في جميع الخدمات التي قد تخطر في البال.

 

المهم، وبلا مقدمات طويلة، يسعدني أن اشارككم اعزائي سروري لدى سماعي ان دولتي الكريمة توصلت أخيرا الى حل يسمح لنا كمواطنين بمشاهدة كأس العالم ( خدمة البث الفضائي في لبنان فريدة من نوعها أيضا وهي تحتاج الى كتابة دواوين شعرية ولا مجال لشرحها هنا)، من خلال قيام التلفزيون الرسمي بنقل المباريات.

 

الا أني اصطدمت بمشكلة عويصة، فشاشة تلفازي موصولة مباشرة بقمر "نايل سات" وبالتالي فهي لا تلتقط القناة الأرضية لتلفزيون لبنان، والساعة تشير الى الحادية عشرة ليلا، أي ان الشوط الثاني من مباراة ايران ونيجيريا قد بدأ فعلا، وقد أجد نفسي بعد خمسة واربعين دقيقة؛ أي مع نهاية المباراة، وسط جبهة حقيقية بكل معنى الكلمة إذ سيقوم أنصار ايران في لبنان باطلاق النار ابتهاجا اذا فازت، وسيقوم خصومها باطلاق النار ابتهاجا اذا خسرت.

 

والحل الوحيد يكمن في شراء هوائي أرضي انقرض على الأرجح من معظم دول العالم، الا ان الوقت متأخر أساسا ولا بد من ابتكار حل عملي وسريع.

وكوني جاهل في الأمور المنزلية الفنية، فقد سارعت الى طرح مشكلتي عبر تويتر، حيث انهالت عليّ الحلول الابداعية من قبيل:

 

- "طعاج شوكة وحطا محل الفيش" ( أي الوِ شوكة وضعها في فتحة الهوائي في التلفاز).

- "دوّر ع سيخ لحمة" (ابحث عن سيخ مخصص لشوي اللحم وضعه في التلفزيون لالتقاط بث القناة الأرضية).

- "جرّب شريط نحاس".

 

حتى ان إحدى المتابعات اقترحت عليّ ارسال دزينة من ألاسياخ المخصصة لشوي اللحمة، على سبيل الاحتياط في حال اردت متابعة المونديال القادم بعد 4 سنوات.

 

والحق يُقال أني قد سُررت بالنصائح التقنية التي انهالت عليّ وشعرت، في واحدة من المرات النادرة في حياتي، بالتضامن الوطني ازاء قضية حساسة تطالنا جميعا كشعب مسكين -- علي شهاب .

وفي النهاية، استطعت التقاط البث باستخدام شريط من القصدير مربوط بسيخ اللحم.. وقد اهتديت الى هذا الحل بعد تلاوة عدد من الادعية والتعويذات الخاصة بالمونديال، الا اني فوجئت بأن معلّق المباراة تركي ذلك ان تلفزيون لبنان ينقل المباريات عن قناة تركية، وأنا صراحة لا أجيد من اللغة التركية سوى كلمتي "مهند و نور".

 

أمري لله. لنكن ايجابيين. أنا بالتأكيد محظوظ؛ فكم مشاهد غيري على امتداد الكوكب يستخدم سيخ لحمة لمشاهدة المونديال؟

كما أنه باستطاعتي مراسلة شركة "سوني" للتفاوض معها على شراء حق الاكتشاف الذي توصلت اليه، وهو اكتشاف سيزيد من حجم مبيعاتها في الشرق الاوسط عموما ولبنان خصوصا.

 

قد يقول قائل، ما هذا الموضوع التافه...حسنا، لا بأس..صدقوني..في لبنان لا يجد الملل الينا سبيلا..ويوما بعد يوم لدينا جديد؛ وآخره: سيخ لحم لمشاهدة المونديال -- علي شهاب .

 

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.