الرباط، المغرب (CNN)-- حين وصف اللاعب الدولي المغربي المهدي بنعطية انتقاله الى فريق بايرن ميونيخ الألماني، قادما إليه من نادي روما الإيطالي بأنه "حلم تحقق،" فإنه كما لو لخص مسارا فريدا بدأ في فريق مدينة صغيرة بفرنسا ليقوده الى قيادة دفاع أحسن فريق في العالم خلال الآونة الأخيرة.
يكتب بنعطية، عميد أسود الأطلس قصة تألق كروي عربي في ذروة النفق المظلم الذي دخلته الكرة المغربية خلال السنوات الأخيرة، ليتضح أن الطاقات الفردية ليست هي ما ينقص المنتخب المغربي، والمنتخبات العربية بوجه عام.
والواقع أن صفقة اللاعب الذي بات أغلى مدافع في تاريخ الدوري الألماني، واستحق الظهور على غلاف مجلة بيلد الألمانية تحت عنوان "ميغا- ترانسفير" (صفقة انتقال ضخمة)، لم تكن مفاجئة في حد ذاتها، بقدر ما أتت في خضم تكهنات عديدة وضعت اللاعب ضمن قائمة مانشستر يونايتد تارة وتشيلي تارة أخرى، بينما مضت وسائل اعلام الى أنه كان قريبا من نادي برشلونة أيضاً.
وبلا شك فإن فريق أولمبيك مارسيليا الفرنسي يعض أصابع الندم على تفريطه في اللاعب الذي التحق بمركز التكوين التابع للنادي الكبير، غير أنه لم يحظ بالاهتمام اللازم، وظل يعار الى أندية في القسم الثاني (تور، لوريان)، ليثير الانتباه اليه رفقة فريق كليرمون، آخر جسر فرنسي نحو أودينيزي الإيطالي، المنطلق الحقيقي نحو القمة.
يحصد بنعطية ثمار عطاء ومثابرة كروية جديرة بالتنويه، سمتها انضباط مشهود داخل وخارج المستطيل الأخضر، وجدية صارمة في التدريب، وعلاقات إيجابية مع المحيط.
الشاب الذي رأى النور في كوركورونيس بفرنسا في 17 أبريل/ نيسان 1987، مغربي الأب، جزائري الأم، وقد اختار منذ ٢٠٠٨ اللعب للمنتخب المغربي، ليصبح مع مرور الوقت الركن الأساس الذي يحفظ هيبة منتخب فقد الكثير من وزنه على الصعيد القاري.
مرونة عضلية مثيرة، قدرة فائقة على استباق الكرة وتكسير العمليات، لعب نظيف بنسبة قليلة من الأخطاء، لياقة بدنية هائلة وحضور بديهة دائم في مربع العمليات سمات تطبع أداء المدافع الدولي، الذي أبهر الملاحظين بميزة إضافية تتمثل في نزعته الهجومية وحماسه للتسجيل في الأوقات الحساسة من المباريات. وهي ميزة بدت جلية في مبارياته السبع والثلاثين التي لعبها أساسيا رفقة روما خلال الموسم المنصرم، حيث سجل خمسة أهداف متفوقا حتى على مهاجمي فريقه.
وكسب بنعطية احتراما كبيرا من طاقم النادي الايطالي وجماهيره، حيث حظي بتنويه خاص من عميده التاريخي فرانشيسكو توتي ومن المدرب رودي غارسيا الذي سعى حثيثا لإبقائه في صفوف الفريق، مع انطلاق المزاد الكروي الأوروبي للفوز بخدماته.
فرصة جديدة تتاح أمام المهدي بنعطية لاكتساب تجربة جديدة ضمن أقوى الفرق الألمانية، وتحت إدارة مدرب قدير من طينة بيب غوارديولا، الذي بذل جهدا كبيرا لضمه. ويتوقع المراقبون أن يواصل اللاعب المجتهد تطوير مهاراته التقنية والتكتيكية في موطنه الجديد.
أما بخصوص المنتخب المغربي، فإن الجماهير في المملكة تعلق آمالها الى حد كبير على هذا اللاعب من أجل قيادة منتخبها الى التتويج بكأس الأمم الافريقية التي تحتضنها البلاد بداية العام المقبل، تجديدا لعهد الانتصارات الذي ولى زمناً طويلا.