هذا المقال كتبه عادل التويجري، إعلامي وناقد رياضي سعودي، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.
CNN) -- في 8 يونيو/ حزيران 1998، حضر سيب بلاتر لبلاط الاتحاد الدولي لكرة القدم كرئيس، ومنذ ذلك الحين وهو متشبث بكرسي بات يظنه من أملاكه فعلاً وبات يدير المنظومة على طريقة المؤسسات العائلية، إذ أن المالك هو الرئيس التنفيذي، ومدير الحسابات، ومدير العمليات، ومدير شؤون الموظفين.
أربعة عقود عاشها بلاتر في دهاليز الفيفا، منها 17 عاماً رئيسا له. ففي عام 2011، أعلن بلاتر أن هذه الولاية ستكون الاخيرة. لكن هذه الـ "المرة الأخيرة" لا تأتي أبداً. يأتي بلاتر في الموعد دائماً وتغيب دائماً "آخر مرة".
ها هو يسعى مرة خامسة في تاريخه. وأكاد أجزم أنه سيكررها دوماً. برنامجه الانتخابي سهل وبسيط: 40 عاماً! ومعه حق في ذلك ؛ فماذا سيقدم رجل في أربعة أعوام ما لم يحققه في 40 عاماً. إحدى نقاط قوة علي بن الحسين، المنافس الحالي لبلاتر، هي الحوكمة والشفافية وضبط مسؤوليات العاملين في المنظومة الرياضية وأولوهم الرئيس، وإن كانت التجربة تثبت أن البرامج الانتخابية وحدها لا تؤدي إلى فوز أحد، وخصوصاً مع بلاتر.
اللعبة الانتخابية تعتمد على صناعة الحلفاء، والامتيازات، وتحقيق المصالح المشتركة دون تجاوز الأطر القانونية، أو هكذا يجب أن تكون. وعلي بن الحسين قادر على إحداث ذاك التغيير وصناعة تلك المعادلة رغم شراسة المنافس وقوته و حظوته ومعرفته بدهاليز FIFA .
التحدي الكبير لأي منافس قادم هو ملف الفساد؛ هذه الكلمة الأكثر شيوعاً داخل أروقة الفيفا وخارجه. التغيير سنة الحياة ، ومع بلاتر التغيير يعني توقف نبضات الحياة. فأهل الفيفا أدرى بشعابه، تحدٍ آخر أمام المرشح الشاب الطموح. المعركة هي معركة الثمانيين والأربعينيين، وبينهما كرسي.
المعادلة الثابتة في كرة القدم أنها متحركة ، وهذا ما يجعلها مثيرة، تخسر أمس وتفوز اليوم. تفوز أمس وتخسر اليوم، ليبق الرهان دائماً على الغد. لست دائماً البطل ولست دائماً الخاسر. لكن اللعبة الانتخابية مع بلاتر دائماً مملة.
لعبة لكنها ليست مثيرة. لذلك بات التغيير واجبا. فالفيفا لا يحتاج أموالاً، ولا قوة ولا نفوذاً ولا شبكات علاقات؛ الفيفا يحتاج دماء جديدة تحاكي لغة اليوم، لا لغة الأمس؛ دماء تستطيع سماع مطالب الشباب، وتحقيق أحلامهم باعتبار أنهم من يلعبون كرة القدم ! اتحاد القارة العجوز، آسيا، بات الأضعف. بل إن رياح الفساد تهب على القارة العجوز، وهو ما استدعى الاتحاد الآسيوي لإيقاف أمينه العام في 13 مِن مايو/ أيار الجاري بسبب "مزاعم عن محاولته إخفاء وثائق أثناء تحقيقات عن الفساد تعود إلى عام 2012م".
ضعف الاتحاد الآسيوي يتجلى في مسابقاته وتثبتها الأحداث المتتالية، وهو ما جعل الأغلبية يصرخون بوجه الاتحاد الآسيوي: كفى عبثاً بكرة القدم الآسيوية. ما تعانيه الأندية السعودية في إيران من استفزازات تبدأ في المطارات حيث التأخير المقصود والاستفزاز الواضح وتنتهي بشعارات طائفية وسياسية في الملاعب أمر لا يُطاق.
يحدث هذا على مرأى ومسمع من الاتحاد الآسيوي ومسؤوليه، لكن دون حراك كما جرت العادة. في نهائي دوري أبطال آسيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي حدثت كارثة تحكيمية ذهب ضحيتها الهلال السعودي وطار لقب القارة الأهم لسيدني الأسترالي.
حكام كرة القدم يخطئون ، وغالباً ما تحمل تلك الأخطاء لسوء التقدير خروجاً من المآزق. لكن أخطاء نيشيمورا الياباني في نزال ما عرف بـ "نهائي العار"، لم تكن أخطاء طبيعية باعتراف الاستراليوين أنفسهم. الكل توقع تحركات جادة وحثيثة من الاتحاد الآسيوي، ولو من باب المجاملة على الأقل.
لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، ونام نيشيمورا قرير العين. صمت مطبق ضرب جنبات الاتحاد الهش أثبت أن الاتحاد الآسيوي يعيش فترة عصيبة. لو أدار نيشيمورا مباراة في دوري المجموعات لدوري أبطال أوروبا بذات الطريقة التي شهدها النهائي الآسيوي لما بقي بلاتيني في كرسيه حتى الآن. إن كانت الأصوات الآسيوية ستذهب لبلاتر فذاك يعني أن نيشيمورا أفضل حكم في العالم.
ليت الصوت الآسيوي يخذلني ولو لمرة واحدة!