هذا المقال بقلم طارق النوفل، وهو صحفي وناقد رياضي سعودي، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.
(CNN) -- تعلمت من التاريخين القديم والحديث، عادة ما ينتصر الحق ولو بعد حين، ففي صباح أول من أمس استيقظ العالم على "فضيحة" متوقعة بطلها اتحاد بلاتر الغائر في المشاكل الضبابية المهنية.
المفاجئ أن ينكشف جزء من العمل الخفي لاتحاد بلاتر بهذا التوقيت والطريقة الدراماتيكية من اعتقال ومداهمة وتحقيق وحسابات بنكية مشبوهة ورشاوى، جميعها دفعة واحدة.
الأجمل أن الحقيقة ظهرت متأخرة، ولكن الأسوأ أنها كشفت عن الوجه القبيح وللأسف "الحقيقي" لإدارة لعبة الساحرة المستديرة كرة القدم. فالمتابع أوالمشجع العادي توقع أن ما يدار في الاتحاد الدولي سيكون بجمال لمسات ميسي وقوة كرستيانو رونالدو وتألق هازارد.
في المقابل المدرك لبواطن الأمور مؤمن بأنه آن الأوان لإعادة رسم وجه جميل لكرة القدم، وتحييدها عن اللعب من تحت الطاولة في الفيفا.
أما على الصعيد الإستثماري، هل هذا ما يريده المعلنون والداعمون ممن دفعوا المليارات لاستمرار اللعبة الأجمل في العالم؟
وبما أننا نتحدث بالعربية، لنحدد موضوعنا عن المحيط "العربي" واتحاد قارتنا الصفراء.
حتى هذه اللحظة، ركن الاتحاد الآسيوي الى الصمت من هذه الفوضى العارمة التي هزت أركان كل من ينتمي الى الاتحاد الدولي، والسؤال، من أصدر هذه التوجيهات بعدم الخوض في فضيحة مرشح الاتحاد الممنوع من مغادرة أراضي بلاده؟
أعلم ان قائد اتحاد القارة لم ولن يرشح الاميرعلي بن الحسين، والسبب أن خارطة طريق القائد الحقيقي لآسيا لن تنفذ الا باستبعاد الأمير العربي، ليستن له الوصوله الى الفيفا بعد أربع سنوات.
لا تستغرب ردة فعل الامير علي على فضيحة الفيفا عندما علق قائلاً: "يوم حزين لكرة القدم." كان بإمكان ابن الحسين الاقتصاص ولف الفضيحة حول عنق الأقربين من أبناء جلدته، ولكن يبقى الأصيل أصيلاً.
موقف ابن الحسين ذكرني بموقف القائد صلاح الدين مع ريتشارد قلب الأسد، فأخلاق الفرسان تظهر فقط مع القادة الحقيقيين لا المصطنعين.
لنعد الى اتحاد القارة. فقد ظهر رئيس اتحادها سلمان بن ابراهيم أول أمس مع جيفري ويب رئيس اتحاد الكونكاكاف، وبعدها بساعات تمت مداهمة الفندق الذي يقيم فيه ويب، وإلقاء القبض عليه من قبل السلطات السويسرية لتسليمه لمكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكي.
من يحب الخير للشيخ سلمان عليه أن يقول له: "لا نريد أن تكون نهايتك سيئة، لا سمح الله، ولكن عليك التنبه أن يكون الحكم بأمرك لا بأمر أحد غيرك.
عليك أيها الرئيس سلمان بن ابراهيم أن تعلم أن قضيتك هي تطهير كرة القدم من السقوط الذريع في التصنيف الدولي، وسط تعاظم دور مكاتب المراهنات الآسيوية.
كما أن عليك التفتيش في الملفات التالية، كالملفات المالية والإدارية، وتعاقدات حقوق البث، وحتى التحكيمية.
ولعل فضيحة الحكم الياباني "ناشيمورا" في نهائي آسيا بين الهلال السعودي وسيدني الأسترالي تثبت بأن هناك رائحة عفنة تنبئ بخطورة الوضع.
معلومة قد تفيد اتحادنا، مفادها أن منظمة الشفافية الدولية قالت مؤخرا إن الفساد في الفيفا يجري برعاية رئيسها، وإن عليه الرحيل، فيما كشف استطلاع عالمي بأن اكثر من 85 في المائة من الناس حول العالم يريدون رحيل بلاتر، وأخيراً اعلنت وزارة العدل الأمريكية عن بداية التحقيقات لأن عمليات الابتزاز واستغلال النفوذ في الفيفا أثرت على اقتصاد أمريكا والعالم.
لا ألوم أحدا في الاتحاد الآسيوي فقد أُصيب مشروعهم وحلمهم في مقتل، لا بيد أحد ولكن بأيدي صديقهم بلاتر.