هذا المقال بقلم حسن المستكاوي، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية، بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
** " الشباب يحتشد فى استاد التتش واللجان خالية من الشباب " ..
** هذا مشهد يستحق الفهم.. ولأنها ليست السياسة وحدها، فإنها الرياضة. نعم الرياضة.. أعدل ساحة عرفتها البشرية. نتائجها فورية. وسريعة ومشهودة أمام الجميع. ولالبس فيها، ولاغش ، ولا إدعاء. ولا تزوير ( أحيانا قليلة يحدث الغش بالمنشطات أو بالتحكيم لكنها ليست القاعدة ) ، فالبطل هو الأفضل، سواء فى سباق مشى، أو سباق جرى، أوسباق سباحة، أو مباراة ملاكمة أو كرة قدم . فالقاعدة أن الأفضل والأسرع والاقوى والأكثر مهارة هو الذى يكسب.. وهذا من أعظم أسرار الرياضة.. فهى ساحة العدالة الأولى فى تاريخ البشرية. ومن هنا تقبل عليها كل الأجيال ، كبار وصغار. نساء وشباب ..
** رياضيا أيضا أضيف فى تفسير إحتشاد الشباب فى تدريب الأهلى هو شعور هذا الشباب أنه صاحب قرار. أو صاحب رأى مسموع فى خريطة طريق الفريق ( هذا يسير على إنتخابات الأندية الرياضية ) أليس هو الذى يشجع ويدفع اللاعبين للإجادة وأليس هو هذا الجمهور الذى يحاسب اللاعبين والجهاز الفنى ولو بهتافات الغضب .. ثم أن هدف المجموع واحد. والهتاف واحد.. ولأن هذا الجمهور يشارك فى القرار، ويسعى لهدف واحد وواضح، فإنه ينتمى إلى الفريق.. إلى أى فريق ..
** يقال إن الشعوب تستنفر فى حالات الحرب، وتخرج إلى الشوارع بالملايين لتأييد أو لرفض واقع سياسى ( ثورات ) كذلك تخرج بالملايين فى الإنتصارات الرياضية. ويتفجر هنا الإنتماء فى مباريات الكرة، باعتبار أن اللعبة هى البديل المشروع للحرب ولذلك أصبحت الأناشيد والأغانى الوطنية مرتبطة الكرة، لأن المعارك الوطنية اختصرت فى المباريات ، بعد أن اختصرت الأوطان فى فرق.. لكن شعوب العالم الأخر أيضا تحب بلادها وتنتمى إليها طوال الوقت. وهو ما يعرف بحالة الإنتماء الدائم . وتلك الحالة نسعى للوصول إليها .. فكيف نصل إليها ؟!
** شعوب العالم الأول يجمعها الشعور بإمتلاكها لأوطانها. وهذا الشعور جعلها تشارك فى إختيارات من يدير الدولة بالنيابة عنها، وجعلها تصبر وتنتظر سنوات الإصلاح ونتائجه ، بينما الشعوب التى لاتشعر بهذا الإمتلاك للوطن، تتعجل دائما نتائج الإصلاح وترفض كل تضحيات هذا الإصلاح مهما كانت حتمية وضرورية، وهذا يطيل عمر النهضة وزمن النهوض ..
** هذا عن الرياضة وتأثيرها. لكن لماذا شاهدنا اللجان خالية من الشباب ، وكذلك خالية من الكبار ؟
** التحدى الذى كان قبل سنوات غير موجود. فهناك إطمئنان لرفض الناس لما يسمى الإسلام السياسى . وأقل عدد من الناس يمكنه أن يسجل هذا الرفض. وإذا لم يكن الرفض بقرار من الشعب، فإن مبعث الإطمئنان هو الظن بانه سيكون بقرار من الدولة التى لن تسمح بسيطرة تيار الإسلام السياسى فى البرلمان . وهذا الظن هو ميراث سياسى عاشته مصر طوال 60 عاما ..
** و.. هناك أسباب أخرى لعزوف الناس .. منها عدم وجود أحزاب حقيقية. وعدم وجود زعامات سياسية، وتكرار الأحزاب للغة قديمة بوجوه قديمة تعبر عن الماضى ولا علاقة لها بالمستقبل. وهى وجوه تطرح نفس الأحلام والخيالات بنفس اللغة. وفى سياق برامج إعلانية ..
** قد تكون تلك بعض الأسباب .. وقد لاتكون، لكنه مجرد إجتهاد فى تفسير ظاهرة سياسية ارتبطت بصورة غير مباشرة بحقيقة رياضية ..