دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كان صعود برشلونة إلى قمة كرة القدم الإسبانية أسرع مما كان يتخيله أي شخص- حتى الأكثر تفاؤلاً من بين الـ"كوليز" (مشجعي برشلونة).
وبعد فوزه 4-2 خارج أرضه على غريمه إسبانيول الأحد، ضمن برشلونة لقب الدوري الإسباني الأول للفريق في أربع سنوات بعد فترة مضطربة للنادي داخل وخارج الملعب.
وتوقفت الاحتفالات في ملعب RCDE، حيث اندفع بعض مشجعي إسبانيول إلى أرض الملعب لمواجهة لاعبي برشلونة وهم يحتفلون بتحقيق اللقب.
لكن النهاية الفوضوية لليلة لم تتسبب بإخماد فرحة برشلونة، فقد حسم فريق تشافي لقب الدوري مع بقاء أربع مباريات متبقية وسيتذكر التاريخ هذا الفريق بلا شك كواحد من أعظم الفرق الدفاعية في تاريخ الدوري الإسباني.
وحتى الآن، ينجح برشلونة في كسر الرقم القياسي للفريق الأقل تقبلا للأهداف في تاريخ الدوري الإسباني، إذ يعود الرقم السابق لديبورتيفو لا كورونيا في موسم 1993-1994 وأتلتيكو مدريد في موسم 2015-2016، بـ18 هدفا.
ومع تلقي 13 هدفًا فقط حتى الآن هذا الموسم، من المتوقع أن يكسر برشلونة هذا الرقم القياسي.
وبعد المعاناة من رحيل ليونيل ميسي والأزمات المالية التي ضربت النادي وقضية "نيغريرا"، لا شك بأن طعم التتويج بلقب الدوري سيكون أكثر حلاوة بالنسبة لعشاق الفريق الكتالوني.
وقال مهاجم برشلونة، البولندي روبرت ليفاندوفسكي لـCNN قبل مباراة إسبانيول: "ليس بالنسبة لي فقط، بل بالنسبة للفريق ولكل عشاق برشلونة، من المهم جدا تحقيق لقب الدوري الإسباني".
وأضاف ليفا آنذاك: "نحن نعلم أننا سنفعل ذلك وبعد ذلك يمكننا، كما آمل، الاحتفال مع الجماهير لأنه سيكون شيئًا رائعًا، شيئًا ضخمًا. لقد مرت سنوات منذ أن فاز برشلونة بهذا اللقب، لذلك قمنا بعمل جيد".
ثورة تشافي
قدمت الصلابة في خط الدفاع حجر الأساس لنجاح تشافي منذ عودته للنادي في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2021.
بدا أي شكل من أشكال النجاح بعيد المنال في ذلك الوقت، حيث ورث تشافي فريقًا متقدمًا في السن بدون هوية، وقد تأخر كثيرًا عن ريال مدريد وأتلتيكو مدريد في الموسم السابق، بينما سقط لاحقًا إلى الدوري الأوروبي للمرة الأولى، منذ موسم 2003-2004.
كان الضغط مرتفعاً بالتأكيد، حيث كان المشجعون يطالبون بعودة تشافي قبل وقت طويل من وصوله إلى الفريق وكان هناك شعور بأنه تم تعيينه كمنقذ للنادي.
وقد نجح المدرب الإسباني بإعادة هيكلة الفريق والمجموعة التي فشلت بالتأقلم بدون ليونيل ميسي.
لم تكن عملية إعادة الهيكلة التي قادها تشافي خالية من التكاليف، فقد دفع الفريق أكثر من 150 مليون دولار أمريكي من أجل التعاقد مع رافينيا وجول كوندي وليفاندوفسكي، ما تسبب أيضا في ضغوط مالية أكبر على إدارة خوان لابورتا.
ومع وجود لاعبين واعدين مثل جافي وبيدري ورونالد أراوخو وأليخاندرو بالدي، نجح تشافي بخلق التوليفة المناسبة بين لاعبي الخبرة والشباب ليصنع فريقا قويا ومتماسكا في إسبانيا.
واعترف تشافي أن الثنائي بيدري وجافي أفضل من ثنائيته مع النجم أندريس إنييستا حين كانا بنفس هذا السن.
في السنوات الأخيرة، تفاقمت مشاكل برشلونة المالية بسبب قرار النادي الابتعاد عن الاعتماد على المواهب من أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة، وبدلاً من ذلك، اختار الدفع مقابل التعاقدات ذات الأموال الكبيرة، حيث أنفق النادي أكثر من مليار دولار على الانتقالات منذ موسم 2013-14.
الشؤون المالية و"قضية نيغريرا"
خارج الملعب، أصبحت خزائن برشلونة بالتأكيد أكثر صحة مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
ساعدت الصفقات الضخمة مع خدمة البث الصوتي "Spotify" وشركة الاستثمار العالمية Sixth Street، من بين أمور أخرى، النادي على شق طريقه من الفوضى المالية الكلية التي وجد نفسه فيها بأعقاب جائحة Covid-19.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، قال برشلونة إنه سجل أرباحًا قدرها 98 مليون دولار للسنة المالية 2021-22 وتوقع أرباحًا قدرها 298 مليون دولار لهذا الموسم الحالي.
كما أعلن النادي مؤخرًا عن إعادة التفاوض بشأن الخطة المالية البالغة 1.6 مليار دولار لسداد الديون التي أسفر عنها تجديد ملعب "كامب نو"، مما يعني أن برشلونة سوف يسدد الآن الديون قبل خمس سنوات مما كان مخططًا له في الأصل.
إن قدرة النادي على دفع مبالغ كبيرة وتقديم عقود كبيرة للاعبين مرة أخرى، إلى جانب رحيل ميسي الوشيك من باريس سان جيرمان، جعلت المشجعين يحلمون بأن أعظم لاعب في تاريخ النادي قد يعود إلى برشلونة لإنهاء مسيرته فيه.
على الرغم من النجاح على أرض الملعب هذا الموسم، كان برشلونة يواجه "قضية نيغريرا" في النصف الثاني من الموسم.
وقال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في مارس / آذار، إنه فتح تحقيقًا في مزاعم عن مدفوعات مشكوك بها من برشلونة إلى خوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، مسؤول التحكيم البارز السابق في إسبانيا.
واتهم مكتب المدعي العام في برشلونة النادي الكتالوني بـ"الفساد المستمر بين الأفراد في المجال الرياضي"، بالإضافة إلى تهم أخرى تتعلق بفضيحة دفع مزعومة هزت كرة القدم الإسبانية.
وفي مارس/آذار، قال مصدر في برشلونة لشبكة CNN إن النادي نفى بشدة أنه قدم في أي وقت رشوة لحكم أو حاول التأثير على قرارات التحكيم.
وفي الوقت الذي تستمر فيه التحديات خارج الملعب رغم التخفيف من حدتها إلا أن جماهير برشلونة لا تشعر حاليا إلا بسعادة غامرة بالنجاح الذي تحقق في المستطيل الأخضر.