إعداد بلسيت إبراهيم وجعفر المدهون
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- الحرب المندلعة في الأراضي السورية لم تمنع الفنان السوري أكرم أبو الفوز والذي يبلغ من العمر 37 عاماً، من إشباع شغفه بالفنون، ليحول الرصاصات الفارغة والقذائف الصاروخية إلى أعمال فنية، واضعاً لمسته على أدوات القتل، ليمسح غبار الموت عنها ويغطيها بثوب الحياة.
صور أعماله تسرد قصة الأمل والإصرار التي تجري في عروق سكان المدينة، وعبر صفحته على فيسبوك "الرسم على الموت Painting On Death " شاركنا أبو فواز بالكثير من الصور.. (شاهد أعماله بالفيديو أعلاه)
وبسبب الانقطاع المستمر للإنترنت، وعدم إمكانية إجراء اللقاء بشكل مباشر عبر "سكايب"، لجأنا مع أبو فواز إلى "فيسبوك" حيث أجاب بأسلوب مفصل فيه الكثير من الشغف عن أسئلتنا.
.أخبرنا قصتك .. متى بدأت بالاتجاه نحو الفن للتعبير عن أحاسيسك؟ كم كان عمرك حينها؟ وكم يبلغ عمرك اليوم؟
بدأت بالرسم منذ أن تمكنت يداي من حمل القلم عندما كنت صغيراً، كانت الهواية المحببة لدي ولم ابرح في ذاك الوقت من نقل ورسم أي شيء تشاهده عيناي من رسوم أطفال أو زخارف أو شخصيات محببة لدي، ومع الوقت والممارسة، انتقلت من مرحلة الرسم بالرصاص الى الفحم وهذا من أحب أنواع الرسم والأقرب الى قلبي إضافة للزخارف الإسلامية، لم أرتد معاهد التعليم لظروف خاصة ولم أشاهد فنان يرسم أمامي لأتعلم منه الأساسيات والقواعد وكانت لدي عدة محاولات للعمل في هذا المجال ولكنها باءت جميعها بالفشل وبقيت موهبتي حبيسة نفسي ومنزلي، وبعد مرحلة الرسم بالفحم انتقلت الى الزخارف والرسوم الشرقية على الزجاج وذلك قبيل الثورة السورية بعدة سنوات حيث كنت أعمل في مهنة بيع هواتف الموبايل، وبعدها انتقلت الى تصميم الديكور الداخلي في المنازل.
.كيف تغيّر الفن بالنسبة لك قبل الحرب وخلالها؟
الفن لم يتغير .. الألوان ذاتها والرسومات ذاتها والمكان ذاته ولكن تغيرت الأدوات وأسلوب الرسم، والرسالة المطلوبة من ذاك الفن، قبل الثورة كنت أرسم للفرح والابتسامة ولتجميل المكان والزمان. وأما في ظل هذه الأحداث أصبح للرسم عنواناً آخر وهو الموت، تحول أسلوب الرسم كلياً لإظهار ما يعانيه شعبنا في ظل هذا الصمت الدولي والعجز الواضح لإنقاذ الإنسان والإنسانية في مدينتي وفي دولتي ، بدأت أظهر للعالم أجمع اننا لدينا ثقافة عريقة واننا هواة سلم ولسنا إرهابيين كما تدعي بعض الدول التي لا تميز ولا تريد أن تميز، لنثبت مدى نظرتنا للحياة وحبنا لها وكيف نستطيع ان نمسح غبار الموت عن أدوات القتل والدمار ونلبسها ثوب الحياة .. أستطيع من خلال هذا الفن أن أغير شيء من معاناتنا ونظرة الشعوب لما يحصل في سوريا
.هل يمكنك أن تخبرنا عن الأدوات التي تستخدمها في أعمالك اليوم؟ أين تجدها؟ هل هناك تحديات تواجهك للعثور عليها؟
بخصوص الأدوات التي استعملها في رسوماتي فهي عبارة عن مادة شبيهة بمادة السليكون وعند خروجها من الأنبوب أو العصارة المخصصة لها تتحول من مادة شبه سائلة الى مادة مطاطية ومع مرور الوقت عليها تتصلب هذه المادة على الجسم المرسوم ولكن تبقى طرية بعض الشيء، وهي مواد أجنبية كنت قد أدخرت القليل منها قبيل الثورة وكنت استعملها في الرسم على الزجاج وبعدها بدأت استعملها في الرسم على مخلفات الحرب، ولكن هناك شح كبير بهذه المواد في منطقتي باعتبارها محاصرة من حوالي أربع سنوات، وإن وجدت فإنها توجد بأسعار مضاعفة بأكثر من عشرة أضعاف بالإضافة الى الألوان الزيتية وايضاً هناك نقص كبير منها واضطر احياناً إلى تهريبها من دمشق او من مكان أبعدإوادخالها إلى الغوطة الشرقية، ما يكلفني الكثير في مقابل أن أستمر في هذا العمل.
فقد كانت هناك فكرة كنت أود تنفيذها حين الإنتهاء من الثورة وهي جمع بعض من فوارغ الرصاص وبقايا آلات الحرب لأضعها في مكتبة صغيرة في بيتي وبإحدى زواياه لتكون شاهدة على هذه الثورة ومنذ اقتنائي لأول قذيفة هاون والقليل من الفوارغ خطرت ببالي فكرة الرسم عليها لتغيير بعض ملامح الموت عنها وأيضاً كي لا يخاف منها أطفالي ومحاولة تغيير نظرتهم اليها من آلة للموت الى آلة تبعث في ألوانها الحياة ومن هنا بدأت القصة ..
.عدا عن تصميم الأعمال الفنية هذه؟ أنت تهوى الرسم أيضاً.. ما الذي تحاول التقاطه في هذه الرسوم؟
.في مجمل أعمالي أحاول أن امزج بين الماضي والمستقبل، وبين الحضارة القديمة وحضارة المجرم الأسد بين تفكير الأحرار وتفكير القتلة ، لدينا شواهد عدة على أننا من أقدم الحضارات وأجملها وأعرقها وأتمنى أن تتمكن أعمالي من أن تشهد على هذه الحضارة
.ما هو العمل الفني الذي تعتبره الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟
بصراحة كل الأعمال التي انتهيت منها هي بمثابة قطعة من قلبي ولكن أول عمل قمت به هو الأقرب دائماً
.هل تعرض هذه الأعمال للبيع؟ ومن هم الناس الذين يقبلون على شراء تلك الأعمال؟
وبخصوص عرض الأعمال للبيع فأنا لا أعرضها بصراحة وبنفس الوقت لا امتنع عن البيع حين الطلب مع العلم انه تم الطلب عليها كثيراً من دول أوربية وأمريكية وعربية ومتاحف ولكن شبح الحصار يلاحقني دائماً لا نستطيع إخراج أي شيء من هنا.