دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هوية عربية ضائعة.. وحنين دائم إلى أماكن لم نقم بزيارتها قط.. و"حلم" يدمج بين الماضي التقليدي والحاضر "المعولم" المعاصر.. هكذا هي أعمال الفنان اللبناني الشاب، علي شعبان، والتي غالباً ما تأتي من خضم أفكاره المتلاشية، والتي ترصد كل ما حوله.
قد يعجبك أيضا.. تعرّف إلى الراقص المصري علي خميس: نحب بعضنا وهذا الأهم
ولد شعبان البالغ من العمر 28 عاماً في الكويت، في بيئة تختلف حتماً عن بيئة بلده الأم، محاطاً بجنسيات وثقافات مختلفة من شتى أنحاء العالم، استطاعت تأدية دورها في تجريده رويداً رويداً من هوية متماسكة واحدة، يعرّف عن نفسه بها.
باختصاص دراسي في الأنثربولوجيا أو علم الانسان، وحب للفن والتعبير، تمكن شعبان من أن يوجه فنه لخدمة هدفه في معالجة قضايا اجتماعية وسياسية، بدءاً بحالة الهوية العربية ووصولاً إلى واقع المنطقة المرير، الذي بدأ شعبان الإحساس فيه مع انطلاق الربيع العربي في العام 2011.
وفي حديث مع موقع CNN بالعربية، يقول شعبان: "دفعتني رؤية كل الحروب الأهلية والتمرد الذي عاشته المنطقة إلى شعوري بحنين تجاه سلام لم يتحقق يوماً. أعتقد أن مفهوم الوحدة لا وجود له اليوم، إذ بات يتلاشى ببطء من خلال انقسامات مختلفة، سواء دينية أو أيديولوجية. ولكني، أعتقد أيضاً أن هناك تأثيراً خارجياً على هويتنا، ينبع من الغرب."
ولا شك بأن هذا "التأثير الغربي" يظهر بوضوح في أحد أعمال شعبان الأكثر شهرة، "الحلم المكسور." وتعالج سلسلة أعمال "الحلم المكسور" مسألة الهوية العربية المهملة، التي يتعرض لها العديد من أفراد جيل شعبان، ما يدفعهم للبحث عن عروبة تختبىء بداخلهم، على حد قوله.
ويقوم شعبان في "الحلم المكسور" بدمج ثقافتين مختلفتين ببعضهما البعض، من خلال تلوين سجادة فارسية تقليدية، بشخصيات "سوبرمان" و"ووندر وومان،" المنحدرة من ثقافة البوب الغربية والعصرية، والتي أثرت على شعبان في فترة شبابه بشكل كبير.
قد يهمك أيضا.. كيف سيصبح شكل مشاهير العالم لو كانوا من العرب؟
ويشرح شعبان أنه حاول من خلال مشروع "الحلم المكسور" التعرف على نفسه من خلال الهويتين، مضيفاً أن "السجادة الفارسية تتمتع بخاصية مميزة في جمالياتها واستخداماتها، وغالباً ما تُوجد في جميع المنازل العربية، الفقيرة والغنية. تجربة دمج ثقافة البوب التي أحبها اليوم، مع السجادة الجميلة التقليدية التي أحببتها في طفولتي، هي أشبه بحلم مكسور."
ورغم أن شعبان يعتقد أن مفهوم الهوية العربية المحطمة، هي قضية لا يمكنه أن يعالجها بنفسه، إلّا آنه يؤكد أيضاً أن طريقة "تحطيم" هذا المفهوم تنبع من طرح الموضوع بإطار فني، ما يتسبب في تطوير وعي اجتماعي، ويدفع متلقي العمل إلى القيام بردة فعل، لتكون ردة الفعل هذه هي التي تحدث التغيير.
ولا يكترث الفنان الشاب المعاصر بأشكال أعماله الخارجية كثيراً، إذ يعتبر نفسه من مدرسة الفنان الأيقوني مارسيل دوشامب، أي أنه يتطلع لصنع أعمال فنية تخدم العقل قبل العين، إذ غالباً ما تتمتع أعماله الفنية بروح الغموض وذلك من أجل السماح للمتلقي بتكوين تصوره الخاص تجاه العمل الفني، بحسب قوله، مؤكداً: "أعتقد أن رسالة العمل هي أكثر أهمية من مظهره وجماليته. هذه فكرة قد تتغير في مسيرتي لاحقاً، ولكني أركز الآن، على إثارة الفكر والمشاعر، وذلك من خلال عدم اهتمامي بالجمال البصري."
وأيضا.. "الرقص أو الموت".. شعار حارب به هذا الراقص السوري "وحشية" داعش
ولا تقتصر أعمال شعبان على "حطام" معين تعيشه المنطقة العربية، إذ أن العديد من أعماله تعكس أملاً يطمح أن نشهده بعد كل ألم، مثل عمله الفني "سَيَمُرّ كل مُرّ" والذي يسلط الضوء على موضوع اللاجئين والمراحل العاطفية التي يمر بها النازحون، من غضب، واتخاذ قرار، ثم شعور بالأمل.
ويشرح شعبان أن عمل "سَيَمُرّ كل مُرّ،" يذكرنا بأنه ليس هناك عقبة لا يمكن للبشر التغلب عليها، من خلال جعلها جزء من حياتهم وتقبلها كجزء من رحلتهم.
وقد واجه الفنان الشاب العديد من الانتقادات لأعماله الجدلية، ولكنه يؤكد أن سر نجاح الفنانين في العالم العربي هو "سماكة وصرامة جلدهم،" لا سيما في الأماكن التي تتعدد فيها الثقافات، مضيفاً: "في الكثير من الأحيان، وُصفت أعمالي بالكئيبة، ولكن ذلك لم يمنعني من الحديث دائماً عن الحنين إلى الهوية العربية... الفنانون هم الثقافة، نحن مواطنو العالم."