هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي موقع CNN بالعربية أو شبكة CNN.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من الصعب معايشة واقع الحروب عبر السينما، وهذا بالضبط ما سعى المخرج السوري فراس فياض للتغلب عليه من خلال فيلمه "آخر الرجال في حلب"، الذي يقدم صورة إنسانية فريدة لمجموعة من عمال الإنقاذ العاملين في الدفاع المدني السوري، أو من يعرفون بـ "الخوذ البيضاء".
باختصار
"يحكي الفيلم حكاية عمر ومحمود، وكلاهما يعيش في حلب ويعملان لدى الدفاع المدني السوري، ولا يركز الفيلم في مجمله على عملهما الإنساني، بل يركز في جانب كبير منه على حياتهما، وعلاقتهما بالمحيط القريب، وبالمحيط الأشمل وهو الوطن والحرب."
من خلال مجموعة من الأسئلة الأكثر شيوعا، سنحاول تسليط الضوء على مجريات الفيلم وأبرز مميزاته:
- ما الذي يجعل هذا الفيلم مميزا عن كل الأفلام التي أنتجت عن الحرب في سوريا؟
الفيلم يروي جانبا إنسانيا تكون الحرب فيه هي الخلفية. ولعله من الأفلام الوحيدة التي يعرف فيها المشاهد ما يحصل لأبطاله في النهاية (من دون أن نكشف عنها في هذه السطور) من دون أي ضرورة لإضافة أي شرح في النهاية يقدم لنا كيف أصبح حال الشخصيات بعد انتهاء تصوير الفيلم. كثير من الأفلام التي تحدثت عن الحرب تناولت رغبة أبطالها بالخروج والهروب من جحيم الحرب، ولكن في هذا الفيلم، وبرغم الدمار، هناك جو من الرفض للهروب، وإصرار على البقاء، مثل السمك الذي ظهر في بداية الفيلم; لا يستطيع العيش خارج الماء.
- ما هو المشهد الأكثر إيلاما في هذا الفيلم؟
لا نستطيع أن نحصر الألم في مشهد واحد، فالحكاية كلها مؤلمة، ولكن الألم الحقيقي تشعر به عندما يكون الأطفال في الحديقة يلعبون، والفرح يظهر على وجوههم، وعندما تحلق الطائرات يبدأ الجميع بالهروب! في هذا المشهد تعيش حالة من الترقب لما سيحصل، وفي نفس الوقت يغلب عليك الأسى لأن هدير الطائرات يحرم الأطفال فرحتهم، وضرباتها تحرمهم حيواتهم. المشهد الأخير أيضا في الفيلم مؤلم جدا!
- هل يتضمن الفيلم أي مشاهد تحمل على الفرح؟
بالتأكيد: من منا لا يذكر الفيديو الذي ظهر من سوريا لشاب ينقذ طفلا رضيعا من تحت الركام في حلب؟ المفاجأة هنا أن هذا الشاب هو نفسه عمر، بطل الفيلم. المشاهد التي تتضمن إنقاذ أطفال والعلاقة التي تكبر بين المنقذ والطفل هي من أجمل المشاهد الإنسانية. في أحد المشاهد في الفيلم، يقول محمود، من الدفاع المدني السوري، إنه لا يطور علاقته مع عائلات الأطفال الذين ينقذهم لأنه لا يريد أن يشعرهم بالحرج، والاضطرار إلى شكره مدى الحياة.. فما قام به ما هو إلا واجبه كإنسان وكمنقذ.
- هناك دائما صعوبة في تصوير أفلام الحروب الوثائقية، وبالتالي لا يكون الفيلم ممتعا بصريا، فهل كان هذا حال الفيلم أيضا؟
على العكس، نجح المخرج فراس فياض في تحديد أهدافه في المشاهد: فكانت اللقطات الواسعة للمدينة لتوضح حجم الدمار، وكانت اللقطات الضيقة أو القريبة للناس ليكون المشاهد جزءا من علاقاتهم الإنسانية ومشاعرهم. أيضا، كان هناك مشهد لإطلاق الرصاص الحي، وكانت الكاميرا في وسط كل ذلك، فأبقت المشاهد مترقبا وخائفا وساعيا للنجاة بعقله وتفكيره.
- كيف يختلف هذا الفيلم عن فيلم "الخوذ البيضاء"؟ وهل سيحظى بفرصة الفوز بالأوسكار؟
هذا الفيلم أكثر إنسانية. وجدت أن فيلم :الخوذ البيضاء" ركز على عمل المتطوعين أكثر من تركيزه على حيواتهم، وعلاقاتهم بمن حولهم. أعتقد أن لديه فرصة كبيرة في الوصول إلى قائمة الترشيح النهائية، بسبب تضمنه للعديد من عوامل نجاح العمل الفني الوثائقي.
- هل كان الفيلم متحيزا لطرف دون الآخر في سوريا؟
الفيلم يتحيز بكل فخر للإنسانية. ويمكن من خلال معايشة ابتسامة عمر ومحمود وزملائهما اكتشاف صدق الكاميرا، لأنها سلطت الضوء على الدمار والمنازل المهدمة والضحايا، ولكنها في الوقت ذاته، ركزت على ابتسامات الأطفال، وتعلق الرجال بحلب ورفضهم الخروج منها.
- هل هناك أي جانب أغفله الفيلم؟
لعل الجانب الوحيد المفقود هو المرأة السورية ودورها في القصص التي رواها. قد يكون السبب الطبيعة المحافظة للشخصيات التي اختارها المخرج فراس فياض، ولكن كان من الممكن أن تكون جزءا مهما يروي مأساة الناس في حلب