دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في زاويةٍ بالقرب من موقع بناء صامت، يرتمي جسد امرأة بشكل مخيف. وفي زاوية أخرى، يتمدد جسد امرأة أخرى على جانب طريقٍ ترابي خالي. هل هناك قاتل نساء طليق في شوارع بيروت يا تُرى؟ الجواب هو لا، فهذه مجرد صور من مشروع "Underbelly" للمصورة اللبنانية لارا تابت، المستوحى جزئياً من رواية بوليسية للكاتب التشيلي روبيرتو بولانيو.
ومن الجوانب التي تهتم بها الفنانة خلال التصوير هي الخطوط المبهمة بين الواقع والخيال، وذلك في "سياق كون العاصمة اللبنانية بيروت مدينة سياسية وحميمية في الوقت ذاته"، وفقاً لما قالته في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وفي "غاليري جانين ربيز" ببيروت، تعرض الفنانة مشروع "Underbelly"، أي "الباطن". وتتماشى هذه التسمية مع مفاهيم أعمالها التي تتمحور حول "الكشف عما هو مخفيّ"، وفقاً لما قالته.
وفي حديثها عن مصدر الإلهام وراء سلسلتها، قالت الفنانة، التي تعمل أيضاً كطبيبة مختصة في علم الأمراض السريرية، إن سلسلتها بُنيت بشكل جزئي حول الرواية البوليسية "2666" للكاتب التشيلي روبيرتو بولانيو. والتي يقوم فيها الكاتب بـ"وصف جرائم قتل النساء في مدينة سانتا تيريزا الصحراوية المكسيكية بطريقة تحليلية جداً".
وتستند الرواية حول جرائم القتل النسائية التاريخية التي حدثت في مدينة سيوداد خواريز، التي تقع على حدوج المكسيك والولايات المتحدة. وفي سلسلتها، تنقل الفنانة إطار تلك الرواية إلى مدينة بيروت، وذلك عن طريق تكوين مشاهد جرائم خيالية في أطراف المدينة خلال الليل.
وفي الرواية، تنجذب الفنانة إلى حقيقة أن المدينة التي وقعت فيها الأحداث كانت بطلة الرواية، حيث أنها كانت "عرضة للعنف، وترتكب العنف في الوقت ذاته".
وشكل تلاعب الرواية بين ما هو تحليلي وغامض جانباً آخر جذبها إليها. وشرحت تابت قائلةً: "هناك تحقيق منهجي يحدث، ولكن ما يتبين في النهاية هو أن المدينة مليئة بقوى الشر المتأصلة".
ومن خلال "Underbelly"، أرادت الفنانة فحص العلاقة بين الجرائم والتصوير الفوتوغرافي كأداة لجمع الأدلة. وصاحبت صور النساء "ضحايا جرائم القتل" لقطات مجهرية تُظهر سوائل الجسم التي عادةً ما يتم تحليلها خلال تحقيق الشرطة، إضافة إلى أدلة مزيفة.
وأرادت تابت أيضاً دراسة انتقال مسرح الجريمة إلى السياق التأملي المعاصر والخيال، وخصوصاً في الثقافة الشعبية، والسينما، والأدب.
وأما عن المحادثات التي ترغب الفنانة في إثارتها خلال مشروعها، فهي تود تسليط الضوء على مختلف القضايا مثل المساحات الحضرية، والعنف.
وعبر اختيارها لتصوير النساء "ضحايا جرائم القتل" بالتحديد، أرادت تابت توجيه نظرة أنثوية على طريقة تمثيل الأفعال العنيفة تجاه أجساد النساء، والتي تكون ذات طابع جنسي بشكل مفرط. ويؤدي ذلك إلى هدم الخطاب السائد والأدوار الاجتماعية المحددة لكل جنس، وفقاً للفنانة.
وبسبب طبيعة المشروع وتصويره أثناء الليل، كانت العملية صعبة، وشرحت تابت قائلةً: "غالباً ما تم توقيفي من قبل الشرطة المحلية/الخدمات السرية، أو قوات الأمن الخاصة".