دبي الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل سنوات من انطلاق مهمة "أبولو 11"، وقبل إصدار فيلم الخيال العلمي "2001: ملحمة الفضاء"، كان مصمم الأزياء بيير كاردان، الذي أسس علامته التجارية تحت اسمه في باريس عام 1950، يتخيل الحياة على حدود المجرّة. وقد ساعدت تصاميمه الغريبة في تحديد ملامح الرؤية الخاصة بعصر الفضاء.
وأعاد كاردان ابتكار التنورة القصيرة بأشكال هندسية حادة، ومزينة بالمجوهرات والسحّابات الكبيرة. وقد صمم الملابس المحيّكة، و "الجمبسوت"، و"اليونيتارد" للجنسين. وغالباً ما تظهر في تصاميمه الخامات الاصطناعية المبتكرة مثل ألياف"الأكريليك"، و"الفينيل" والترتر، و"اللوركس"، والمعادن المتلألئة. كما عمل مع خامة تسمى "الدنيل"، وهي نسيج يمكن تشكيله بالحرارة لصنع طيّات منقوشة معقدة.
ولد كاردان في إيطاليا، وهو الأصغر بين عشرة أشقاء، وانتقل إلى فرنسا وهو مايزال طفلاً صغيراً عندما فرّت عائلته إلى مدينة "سانت إتيان" هرباً من الفاشية. ثم امتهن العديد من الوظائف كطالب، بما في ذلك الخياطة، قبل أن يغادر إلى باريس في عام 1945، وبرفقته حلمه بأن يصبح مصمم أزياء.
وبمجرد وصوله إلى باريس، عمل لدى "House of Paquin"، بالإضافة إلى مصممة الأزياء الإيطالية إلسا سكبيرلي، ثم عمل مع دار "كريستيان ديور" خلال عهد "الطلّة الجديدة"، قبل أن يؤسس دار الأزياء الخاصة به في عام 1950.
وحظيت تصاميمه الأنيقة بإعجاب بين الاشتراكيين الأثرياء وأمثال السيدة الأولى الأمريكية جاكلين كينيدي.وفي تلك الأثناء، قامت كل من الممثلة الفرنسية جين مورو، والممثلة والمغنية الفرنسية بريجيت باردو، والممثلة الأمريكية ميا فارو بتقديم مواهبه إلى الجمهور على الشاشات وفي مجلات الأزياء.
وكان تأثير كاردان رائداً بالخياطة التقليدية، ما سمح له بتفكيك المعتقدات المعروفة في التصاميم المستقبلية التي أصبحت علامته التجارية. وبحلول أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، كان قد أنشأ أول مجموعة من الأزياء الرجالية الخاصة به، وقام لاحقاً بتصميم مجموعة أيقونية من بدلات بلا ياقة لفرقة الروك الشهيرة "البيتلز"
واستمرت مجموعة "Cosmocorps" التي أطلقها كاردان عام 1964، والتي تشمل بزة "الجمبسوت" وال"يونيتارد"بألوان زاهية ، في إلهام الزي الخاص بطاقم فيلم "Star Trek".
وقال ماثيو يوكوبوسكي، أمين معرض "Future Fashion"، وهو حدث جديد يركز على قطع الأزياء الراقية من تصميم كاردان: "لقد بدأ بيير في متابعة سباق الفضاء برمته ابتداءً من الخمسينيات فصاعداً ، وقد تزامن ذلك مع تطور حياته المهنية."
ويضم المعرض أكثر من 170 عملاً، وسيتم فتح أبواب المعرض في نهاية هذا الأسبوع داخل متحف بروكلين، ليتزامن الافتتاح مع الذكرى الـ50 لهبوط "أبولو 11" على سطح القمر، وهو الحدث الذي شكّل أعمال كاردان مباشرة.
وأضاف يوكوبوسكي أن كاردان "قد ذهب إلى مقر ناسا في هيوستن في عام 1969، مباشرة بعد تحقيق مهمة الهبوط وعودة الفريق إلى الأرض، فلم يعد الحلم محض أوهام. كما قام بارتداء بزة قائد مهمة "أبولو 11"، نيل أرمسترونغ، الفضائية. وكان أحد المدنيين القلائل الذين قاموا بذلك".
وفي سن الـ 97، لا تزال نظرة كاردان ثابتة بشأن المستقبل، ويتنبأ قائلاً: "في عام 2069، سنمشي جميعاً على سطح القمر أو المريخ ونحن نرتدي من مجموعة Cosmocorps حيث سترتدي النساء القبعات المصنوعة من الزجاج الشبكي والملابس الأنبوبية، وسيرتدي الرجال السراويل الإهليلجية والسترات الحركية."
وفي ذاك الوقت، قدمت رؤى كاردان في منتصف القرن مستقبلاً متفائلاً بلا شك يحدده إمكانية التقدم، والتجربة، والاستكشاف. وتقدم أعماله اليوم صورة غريبة رائعة عن المجهول.
وقال يوكوبوسكي: "ما اعتقده الناس في الستينيات حول ما سيكون عليه المستقبل يختلف تماماً عما نعتقده نحن اليوم، لأنه مجتمع مختلف، لكنه تقدم خطوة إلى الأمام"، مضيفاً "قد لا نرتدي تصاميمه اليوم، لكن كاردان كان مختلفاً وجريئاً بما يكفي لجعل الناس تُخاطر وتتسائل: ماذا أيضاً قد يحمل المستقبل؟"