دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان مجيء الرحالة والمستكشف كريستوفر كولومبوس إلى الأمريكتين في عام 1492 بمثابة فرصة رائعة لتعزيز إرث الملك الإسباني فرديناند والملكة إيزابيلا. حيث ظنّا إذا تمكنا من استعمار هذا الجزء غير المعروف سابقاً من العالم، والغني بالموارد الطبيعية وتسكنه الشعوب الأصلية، فيمكنهما إنشاء إمبراطورية لم يسبق لها مثيل في العالم. فكيف استبد حكم الإسبان ومعتقدهم بسكان المكسيك الأصليين؟ هذه الصور تشرح علاقة سكان المكسيك المعقدة بالديانة الكاثولكية.
كان على ملوك إسبانيا أن يلتزموا بإقرار صادر عن البابا ألكساندر السادس من أجل المطالبة بهذه الأراضي. وفي عام 1493، منح البابا إسبانيا إذناً باستعمار الأمريكتين على شرط أن "يملوا أوامرهم على السكان والمقيمين هناك بحسب العقيدة الكاثوليكية ويدربوهم على الأخلاق الحميدة".
وقد وضع المستكشف هرنان كورتيز هذه المهمة في عين الاعتبار باستعمار شعب الآزتيك في المنطقة التي تعرف اليوم بالمكسيك في عام 1493.
وقد تم استبدال ثقافتهم وعاداتهم التقليدية بالتدريج بالتماثيل المقدسة، والكنائس المزخرفة، والشريعة التي حولت روحانياتهم إلى خطيئة. ومن خلال مطالبة السكان الأصليين باعتناق الديانة الكاثوليكية أو مواجه عقوبة الموت المحتم على أيدي المستعمرين الإسبان، قام كورتيس بتحصين دينه لإضفاء الشرعية الإسبانية المهيمنة.
وقد تكللت تلك الخطة العنيفة بالنجاح حسب بعض التقديرات، فبعد 35 سنة فقط من تولي كورتيز الإمبراطورية، كان هناك مئات الآلاف من شعب الآزتيك يمارس العقيدة الكاثوليكية.
يعد تحمّل الديانة الكاثوليكية في أمريكا اللاتينية المعاصرة واحد من بين الكثير من الأمور التي خلّفتها هذه الحقبة الاستعمارية القاسية، إلى جانب الاستغلال المستمر للعمالة من قبل الغرب، والحد الأدنى من الحرية الاقتصادية بالإضافة إلى العنصرية. وبحسب تقرير "بيو"، هناك في المكسيك وحدها 81 ٪ من السكان يعتنقون الكاثوليكية، مقارنة ب60 ٪ فقط في إسبانيا.
ويعرف المصور المكسيكي توناتيوه كابيلو موران هذه الحقيقية جيداً، حيث نشأ في أسرة كاثوليكية متدينة ذات جذور أصلية.
وفي مجموعته التي تحمل عنوان "Evangelizacion"، والتي تعني التبشير الملائكي، يصور موران مشاهد من الحج والاحتفالات الدينية في ضواحي مدينة مكسيكو، ويكشف عن مفارقة التفاني الكاثوليكي بين السكان الأصليين. ,وفي صوره، يلتقي الاتفاق مع التخريب، والجريمة تتجاوز السلامة؛ والشر يسود بينما الخير يُصلى لأجله.
ويقول موران في مقابلة عبر الهاتف: "كنت مهتماً بكيفية استبداد التعصب الكاثوليكي على الرغم من وجود تاريخ أصلي. ومع تعمقي في هذه المسألة، بدأت في اكتشاف المزيد من التناقضات داخل ممارسة الدين نفسه".
وتتمثل هذه التناقضات في صور على طراز الشارع، وقد نُظمت تلك الصور بشكل خفيف كما جرت العادة في صور موران. ويقول المصور إنه يميل إلى "كسر قواعد" التصوير الوثائقي، وهو نهج يتناسب بشكل مباشر مع موضوع هذه المجموعة من الصور.
وفي إحدى الصور، يحتضن زوجان مثليان بعضهما عند سفح بحيرة واسعة. في أخرى، جردت مذبحة من رموزها الدينية المصممة لدرء الجريمة من قبل اللصوص وتجار المخدرات الذين اعتمدوا المذابح كأماكن جديدة للقاء.
وفي إحدى أقوى الصور في المجموعة، يظهر تمثال عملاق لطفل يجسد المسيح في بلدة "إيزتابالابا"، وهي أكثر البلدان خطورة في المدينة، في محاولة مستميته لإحلال السلام في المنطقة.
ويقول موران: "ما يظهر في صوري في النهاية هو غياب الإيمان، وهو جزء من الظاهرة التي أجدها في منتهى الروعة".
توجّه صور موران في نهاية المطاف الوعي حول دور العقيدة الكاثوليكية في تبعية عشرات السكان الأصليين في المكسيك وخارجها، وكيف حلت الكنيسة تاريخياً محل الرموز والعادات التقليدية واستبدلتها برموز الدين الأوروبي.
ويتابع موران: "لا أعتقد أن الدين قد قضى على الثقافة الأصلية، لكنني أعتقد أنه قام بقمعه. فقد استخدم للسيطرة على مجتمعاتنا. وعلى الرغم من أن هذه المجموعة من الصور شخصية للغاية بالنسبة لي، أعتقد أن بإمكانها أن تبدأ محادثة عالمية حول هذه الممارسة".