دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لكمات مفاجئة تترّبص به فيرتفع صوت المشجعين شيئاً فشيئاً مع اقتراب الضربة القاضية لتحديد الفائز باللقب.. من هنا بدأت حكاية حسن أحمد علي، ولكنها لن تنتهي مع إعلان الفائز باللقب، بل ستنتقل به إلى حاضر يجلس فيه بمعمل زجاج في المدينة القديمة من القاهرة.
لطالما اهتم حسن أحمد علي بمهنة صناعة الزجاج التي كان يمارسها والده، وأراد أن يتوارثها عنه، ولكن والده رفض أن يسلّم زمام العمل لابنه، إذ أراد منه أن يسلك طريقاً آخر بعيداً عن مهنة "الجن"، على حد وصفه.
وشبه والد حسن صنع الزجاج بعمل الجن بسبب الحرارة العالية التي يجب عليه العمل فيها بالمعمل، إذ يتطلب على صانع الزجاج أن يحتمل درجات الحرارة العالية، ولكن حسن الذي احتمل اللكمات في حلبة المصارعة، قرّر أن يواجه النيران هذه المرة، للحاق بحلمه.
وسعى المخرج الكوري المصري، عبدالرحمن جبر إلى تصويب عدسة كاميرته نحو قصة صانع الزجاج، الذي دخل في مرحلة أواخر الخمسينات من العمر، في معمله، ليكون أحد الشخصيات لوثائقي بعنوان "Faces of Egypt"، الذي يهدف من خلاله إلى تسليط الضوء على المهن الحرفية المميزة وشبه المنسية.
ويجلس حسن في ورشته التي يصل عرضها إلى 3 أمتار بـ8 أمتار لـ11 ساعة وهو يعمل أمام الفرن الملتهب، وفي ذلك الوقت يصوب جبر كاميرته على يدي صانع الزجاج ووجهه، ليلتقط تفاصيل حرفته. وعندما ينتهي يمسك معداته ويشعر بالحرارة تتسلل إلى يديه.
وقال جبر إن عمل حسن يجري "بشكل جيد" بسبب تواجد العديد من الكنائس والمساجد التي تحتاج إلى ترميم مما يشكل باب رزق له، إذ قال حسن في الوثائقي بعنوان "صانعو الزجاج"، إنه يشعر بالسعادة عندما يرى ردود فعل الدهشة على وجوه الزوار، مضيفاً أن عمله "يجذب العين وبعدها القلب".
وينفخ حسن في الزجاج ويلفه ليصنع أشكالاً خلابة وزخرفات ساحرة، تُولد في معمله، وتنتقل بعد ذلك إلى المساجد، والكنائس، والبيوت، لتروي حكاية نافخ زجاج كان يوماً مصارعاً وبات يصنع الجمال من لهيب النيران في معمله المتواضع بمصر.