دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- خلف قضبانه الحديدية.. أشخاص يعيشون المعاناة والآلام بين جدران السجن الصامتة، ويتأملون في كل لحظة اقتراب اليوم الكبير والمرتقب.
وبعد أن يتأقلم السجين على الظلام الذي يعيش فيه كل ليلة، تراوده أحلام بالنور الذي سيخرج إليه في يوم من الأيام، دون أن يفكر بالعقبات التي قد تواجهه بعد الإفراج عنه.
ويبدو أن المعاناة ستظل تلاحق المسجونين حتى بعد خروجهم من السجن. وبدورها، قررت المصورة اللبنانية، إلسي حداد، أن ترصد حياتهم وهم يسعون للاندماج في مجتمع قد لا يكون متسامحاً ببعض الأحيان، على حد قولها.
وفي يناير/ كانون الثاني 2012، طلبت حداد الموافقة من مجموعة من الرجال لتصويرهم على أحد شواطئ بيروت، وبعد أن تعرّفت إليهم عن قرب، أدركت المصورة اللبنانية أنهم كانوا قد سُجنوا في خلية السجن ذاتها لسنوات عديدة.
وكان الرجال من المجموعة قد كشفوا عن معاناتهم للمصورة اللبنانية ومحاولتهم بالاندماج في المجتمع بمجرد الإفراج عنهم. ولهذا السبب، تمكنوا من اكتشاف ملاذاً خاصاً، حيث يجتمعون بانتظام.
التعرّف إلى هؤلاء الأشخاص قد جعل حداد تفكر ملياً في الحياة التي تنتظر السجناء بعد إطلاق سراحهم، والتساؤل حول كيفية تمكنهم من إعادة جمع أنفسهم.
ما الهدف وراء هذه السلسلة الفوتوغرافية؟
وفي سلسلة فوتوغرافية، تُعرف باسم "Stranded: On Life After Imprisonment"، حرصت حداد على أن تكون صورها، التي التُقطت بين العامين 2015 و2018 بمناطق مختلفة في لبنان، بمثابة وسيط لسرد قصص أشخاص كثيرين كان بعضهم متحمساً لرواية حكايته.
وأثناء حديثها مع موقع CNN بالعربية، قالت المصورة اللبنانية، "في حين كنت ملتزمة بهذا المشروع بشدة، حاولت أن أكون موضوعية. ولكن، تغير كل شيء بشكل كبير، عندما اعتُقل أخي الأصغر، أنثوني، بتهمة المخدرات".
وأضافت: "فجأة أصبح المشروع داخل منزلي، وبات شخصياً للغاية، لذلك كان تحدياً بالنسبة لي أن أجد التوازن بين كل هذا".
ومن أحد القصص التي شملتها حداد في مشروعها هي حكاية جيني، التي كانت تستلم جميع التواقيع المصرفية بالنيابة عن خطيبها، مما جعلها مسؤولة عن ديونه. وبعد اختفائه، كان مصير جيني السجن لمدة عام.
وقالت حداد: "نحن نخشى السجناء السابقين لأننا لا نعرفهم، ولا نعرف قصصهم، ولا نحاول حتى معرفتها. نحن نتجاهل ونحكم، لا نفكر في النظام القانوني، ولا نشك في نزاهة الأحكام أو قسوة القانون."
وبدورها، قررت المصورة اللبنانية أن تسمح للسجناء السابقين برواية قصصهم، الأمر الذي يساعدهم على إثبات معاناتهم.
وفيما يتعلق بردة فعل الأشخاص حول هذا العمل التعاوني، فكان يشعر غالبيتهم بالتعاطف. ليس ذلك فحسب، وإنما ساعد آخرين على استيعاب معاناة هؤلاء السجناء السابقين.