منها "خلي بالك من زوزو" و"الفانوس السحري".. ملصقات الأفلام المصرية النادرة تعود إلى الأضواء من جديد

ستايل
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير نورهان الكلاوي
خلي بالك من زوزو
Credit: CITY LIGHTS POSTERS

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعد الملصقات السينمائية بمثابة البوابة التي يمر خلالها رواد صالات السينما قبل الدخول لمشاهدة فيلمٍ ما، لذلك فإن تصميم ملصقات الأفلام هو أمر مهم للغاية. وتنوعت ملصقات الأفلام المصرية القديمة بالرسوم المختلفة، لتجذب العديد من المتفرجين والجمهور إلى صالات العرض.

ويقول مؤسس مشروع "ملصقات أضواء المدينة"، محمد دياب، إن هناك الكثير من الملصقات وتذكارات الأفلام المصرية التي فقدت، ويتضاءل الأمل في استعادتها. ويعود السبب في تلك الخسائر الثقافية إلى غياب المؤسسات التي ترعى أرشفة، ودراسة، وعرض المواد المتعلقة بالأفلام.

 فيلم "أم العروسة"
ملصق فيلم "أم العروسة" عام 1962، بطولة تحية كاريوكا، من تصميم الفنان حسن جسور، ويجسد التصميم معاناة الزوجين مع ملامح أولادهم المرحة والمعبرة Credit: CITY LIGHTS POSTERS

ويوضح دياب أنه بدأ بجمع الملصقات، والتي تُعرف أيضاً بالأفيشات أو البوسترات، كهواية قبل أن يباشر بتوثيقها، والبحث في تاريخها والقائمين عليها.

وفي البداية، كان التركيز على الملصقات ذات القيمة الجمالية والتي ترجع للأفلام الشهيرة، ولكن سرعان ما تبدلت تلك المعايير مع الوقت، إذ أدرك دياب أهمية العديد من الملصقات لأنها تتيح فهم الظواهر المختلفة للمجتمع، كما أنها تساعدنا في فهم تطور الأسلوب الفني لمنفذي الملصقات، بحسب ما قاله دياب.

فيلم عايدة
ملصق فيلم "عايدة" عام 1942، بطولة أم كلثوم ، من تصميم فنان يدعى عبدالرحمن بين 1958-1962، ومستوحى من حضارة قدماء المصريين Credit: CITY LIGHTS

ويقول دياب إن المشروع ولد لتسليط الضوء على "الجواهر الثمينة" من التراث المرئي العربي من القرن العشرين، إذ يسعى، من ناحية، لتعريف المهتمين باستكشاف هذه الملصقات والقصة وراء كل منها، ومن ناحية أخرى إلى إتاحة الفرصة للمهتمين باقتنائها أينما كانوا.

وتحتوي المجموعة على ما يناهز ألف ملصق، جُمعت من داخل مصر وخارجها، فمن إيران إلى الولايات المتحدة، مروراً بالعراق، وعُمان، وسوريا، وفلسطين، والأردن، ولبنان، وتونس ،والمغرب، والعديد من الدول الأوروبية.، بحسب ما قاله دياب.

وكانت السينما المصرية ذات جماهيرية عالية في دول عديدة. ولكن، لم تحتفظ دور السينما أو شركات الإنتاج بالملصقات التي أنتجت في معظم الأحيان، لذلك مازلنا نجهل تصميم العديد من هذه الملصقات، وما عثر عليه يميل إلى الندرة، بحسب ما ذكره دياب

ملصقات الأفلام المصرية القديمة
ملصق فيلم "رابعة العدوية " عام 1963، بطولة نبيلة عبيد وفريد شوقي من تصميم الفنان حسن جسور بطريقة الطباعة الحجريةCredit: CITY LIGHTS POSTERS

ويقول دياب إن اسم "City Lights Posters"، ملصقات أضواء المدينة، مستوحى من العلاقة بين السينما وحياة المدينة في منتصف القرن العشرين، حين امتلأت العديد من المدن العربية بصالات السينما، والتي كانت تتميز مداخلها بالأضواء البراقة والملصقات الملونة.

وبحسب ما قاله دياب، تتميز ملصقات الأفلام المصرية القديمة بأنماط تصميم متعددة، بعضها يتقاطع مع تصاميم إعلانات المنتجات وأغلفة الكتب، وبعضها الآخر فريد من نوعه لا نجده إلا على الملصقات.

ويعد أبرز ما يميز الملصقات المصرية القديمة، خاصةً عند مقارنتها بنظائرها العالمية، هو استخدام الخط العربي بطرق إبداعية، فقد عمل مصممو الملصقات جنباً إلى جنب مع خطاطين لتصميم العناوين والعناصر المكتوبة.

ويعتقد دياب أن الخطاطين كان لديهم هامش كبير من الحرية لابتداع تصاميم نصية فريدة وأحياناً خطوط غير تقليدية، مما يجعل الملصقات المصرية القديمة مختلفة عن سواها.

فيلم "طريق الدموع"
ملصق فيلم "طريق الدموع" عام 1961، بطولة صباح وكمال الشناوي، من تصميم الفنان فاسيليوCredit: CITY LIGHTS POSTERS

ويشير دياب إلى أن هناك ميزة أخرى مثيرة تتعلق بالملصقات المصرية، وهي أنها أنتجت بطرق الطباعة الحجرية التقليدية حتى وقت متأخر. واُستبدلت تلك الطريقة بالطباعة الملساء غير المباشرة، أي "الأوفست"، في أوروبا وأمريكا الشمالية في الخمسينيات والستينيات، إلا أنها استمرت في مصر حتى منتصف الثمانينيات، نظراً لارتفاع كلفة آلات طباعة "الأوفست".

ورغم أن الطباعة الحجرية هي عملية يدوية منهكة، وتتطلب فنانين لتنفيذ عملية الطباعة، لكنها تنتج ملصقات غنية باللون أكثر من تلك التي نحصل عليها بالطباعة الحديثة.

 فيلم "يوم من عمري"
ملصق فيلم "يوم من عمري" عام 1961، بطولة عبد الحليم حافظ وزبيدة ثروت، تصميم استوديو عدلي بطباعة الحجريةCredit: CITY LIGHTS POSTERS

وتتضمن المجموعة ملصقات نادرة للغاية تعود لفترة الثلاثينات والأربعينات، مثل ملصق فيلم "عز الطلب" و"شهرزاد"، وكذلك ملصقات نادرة من فترة الخمسينيات مثل "الأسطى حسن" و"طريق القاهرة". ولكن لا يمكن القول أن هناك ملصقات أبرز أو أهم من غيرها، إذ أن كل ملصق يعد بمثابة مستند تاريخي وفني مهم بحد ذاته.

فيلم "الفانوس السحري"
ملصق فيلم "الفانوس السحري"عام 1960، بطولة إسماعيل يس من تصميم ستوديو عدلي Credit: CITY LIGHTS POSTERS

ومن أبرز التحديات التي واجهها دياب هو إيجاد الملصقات بحالة سيئة ومهملة لفترة طويلة وكانت بحاجة إلى ترميم، ففي الكثير من الحالات، تُحفظ هذه الملصقات في ظروف غير ملائمة، مثل الرطوبة العالية، والتي تؤدي إلى تجعد الورق، وتآكله بفعل القوارض والحشرات، أو حفظ الملصق مطوياً لفترة طويلة، ما يستدعي أحياناً إبقاء الملصق ملساً لسنوات عديدة لتخفيف أثر الطي.

ويرى دياب أن هناك عدة أمور مهمة في تصميم الملصق، منها الطريقة التي يعكس بها روح الفيلم، وتناسق الألوان، وترتيب العناصر، والخطوط المستخدمة. وهناك على الأقل عشرات الملصقات التي تتوفر فيها هذه العناصر بطريقة رائعة.

فيلم "بين الأطلال"
ملصق فيلم "بين الأطلال" عام 1959، بطولة فاتن حمامة وعماد حمدي، من تصميم الفنان فاسيليوCredit: CITY LIGHTS POSTERS

ويقول دياب إنه بالرغم من أن الملصقات الحديثة، منذ منتصف التسعينيات، قد ورثت المكونات البصرية ذاتها من الملصقات القديمة، إلا أن الاختلاف الأساسي يكمن في استبدال الملصقات الحديثة للرسم اليدوي بتصاميم تعتمد على الصور والتعديل الرقمي. ومع ذلك، لا يمكن تصنيف هذا التغيير بالسلبي أو الإيجابي، إذ أن الأدوات المتوفرة للمصممين اليوم تفوق تلك التي توفرت لأسلافهم.

ومن وجهة نظر دياب، فإنه يرى بعض الانحدار بشكل عام في مستوى التصاميم الحديثة، إذ أنها في الكثير من الأحيان تصاميم سريعة، قلما ترتقي لأن تكون قطعاً فنية منفردة كما هو الحال مع الملصقات القديمة.

 

  • نورهان الكلاوي
    نورهان الكلاوي
    محررة
نشر