دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد الانتهاء من إنشاء كاتدرائية القديس باسيل في منتصف القرن السادس عشر، بدأت أسطورة تدور حول الكنيسة الأرثوذكسية الواقعة في قلب موسكو.
ويعد هذا الصرح الشهير بمثابة إنجاز معماري، كأطول مبنى في المدينة، وكان بمثابة استعراض لقوة روسيا في نهاية حرب استمرت مدة قرن من الزمن.
وقيل أن أمير موسكو، الملقب بـ"إيفان الرهيب"، قد أفقد مهندسيه النظر، حتى لا يتمكنوا من تصميم مبنى مهيب مشابه مرة أخرى.
وبعد مرور نحو خمسة قرون، لا يمكن تأكيد هويات المعماريين الذين شاركوا في إنشاء كاتدرائية القديس باسيل، على الرغم من أنه يعتقد أن التصميم يجب أن ينسب إلى اثنين من المعماريين، وهما بوستنك ياكفلوف وبارما.
ويقول بعض المؤرخين إن الاسمين يشيران في الواقع إلى شخص واحد وأن "بارما" في الواقع هو مجرد لقب للمهندس المعماري بوستنيك ياكوفليف.
ويرى ويليام برومفيل مؤرخ الهندسة المعمارية الروسية ومؤلف كتاب "رحلات عبر الإمبراطورية الروسية"، أنه "من المدهش أن بعض الحقائق الأساسية لا يمكن التحقق منها".
ودفعت ندرة التوثيق المؤرخين أمثال برومفيلد للبحث عن أدلة.
ويقول برومفيل :"نواجه هذه المشكلة عدة مرات خلال تاريخ العمارة الروسية، حتى في أواخر القرن الثامن عشر" مضيفاً أنه "لا وجود للمستتندات التي توثق وقوع العديد من الحرائق، والغزوات، والكوارث، ومن بينها حريق موسكو في عام 1812 خلال الغزو النابليوني".
واليوم، تقف كاتدرائية القديس باسيل، المعروفة رسمياً باسم كاتدرائية "Pokrovsky"، كسلسلة من الكنائس المصنوعة من الطوب الأحمر التي تحيط بأكبر شكل مركزي.
وتعلو كل كنيسة قبة ملونة نابضة بالحياة بألوان الأزرق، والأخضر، والأحمر، والأصفر.
وتشتهر الكاتدرائية في جميع أنحاء العالم بمظهرها الشبيه بالقصص الخيالية، وتستقطب نحو 400،000 زائر سنوياً، كما أصبحت رمزاً ثقافياً مهماً.
وخضعت هذه الأيقونة المعمارية، الواقعة في الساحة الحمراء بالمدينة، لتغييرات وتوسعات وترميمات كبيرة على مر القرون، كما أن لونها قد تغير.
وكان الصرح يسمى في الأصل كاتدرائية الثالوث، وقد احترق في عام 1583 وبُني خلال العقد التالي.
ولا يستطيع المؤرخون تأكيد شكل الكاتدرائية قبل الحريق، ولكن استناداً إلى الأوصاف المكتوبة في ذلك الوقت، والنقوش التي تعود للقرن السابع عشر، فهي تتميز بقباب البصلية الشهيرة، وهي القباب المتوهجة التي أصبحت رمزاً للعمارة الأرثوذكسية الروسية.
وشهدت كاتدرائية القديس باسيل أيضاً العديد من النزاعات والتغييرات السياسية، وقد نجت من حريق آخر مدمر في عام 1737،وكاد الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت أن يدمرها عام 1812، كما واجهت خطر الهدم في عهد الزعيم الشيوعي جوزيف ستالين.
استعراض القوة
وفي عام 1555، أمر إيفان الرابع ببناء الكنيسة كاستعراض للقوة العسكرية، لتكريم انتصار روسيا على كازان خانات في الحروب الروسية-كازان التي استمرت قرناً من الزمان.
وأكد برومفيلد أن الكاتدرائية كان لها معنى سياسي واضح للغاية وقد أظهرت قوة إيفان الرهيب كأمير كبير، سيعرف لاحقاً باسم القيصر الأول.
ورغم أن قبة البصلية أصبحت من سمات العمارة الروسية، إلا أنه من غير المؤكد كيفية تبنيها خلال فترة روسيا القيصرية، وفقاً لبرومفيلد.
وأوضح برومفيلد أن الفكرة اجتاحت روسيا في مرحلة ما، وكان الكهنة يستبدلون القباب في جميع أنحاء روسيا بقبة بصلية، وقد ظلت مشهورة عبر القرون، من الكنائس الخشبية المزدوجة التي تعود إلى القرن الثامن عشر في جزيرة كيجي، إلى معلم القرن التاسع عشر في سانت بطرسبرغ، وكنيسة المخلص على الدم المراق، إلى كنيسة التجلي المعاصرة التي بنيت عام 2008 في مدينة النجوم.
وتشير النظريات، وفقاً لبرومفيلد ، إلى أن المهندسين المكلفين ببناء الكاتدرائية قد استلهموا التصميم من أنماط قبة الإمبراطورية العثمانية، مما يرمز إلى الانتصار على مملكة قازان، التي كانت دولة تتارية تركية. أو ربما استلهموا التصميم من قبة كنيسة القيامة في القدس.
وأوضح برومفيلد أن الروس يفضلون الزخارف الملونة"، مضيفًا أن نظام الألوان يمنحها أيضاً حيوية مقابل السماء الملبدة بالغيوم، والتي يوجد الكثير منها خلال فصول الشتاء الطويلة القاتمة في البلاد.