دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بين قمم الصحراء التي تشق عنان السماء وشريط أزرق رفيع في البحر الميت يتلألأ من بعيد، بدأت شخصيات أشبه بالأشباح وعددها نحو 200 رجل وامرأة، يغطهيم الطلاء باللون الأبيض من الرأس إلى أخمص القدمين، بالظهور من خلف نتوء صخري.
وتشترك هذه المجموعة في أمر آخر، إذ كان جميعهم عراة، وهو ما يعني أمرًا واحدًا، أي عودة فنان مدينة نيويورك الأمريكية، الشهير سبنسر تونيك لتصوير أحدث أعماله التركيبية.
وأوضح تونيك، من شرفة إحدى الفنادق في بلدة عراد بجنوب إسرائيل، أنه هنا من أجل نشر التوعية بانحسار مياه البحر الميت، ولفت الانتباه إلى الكارثة البيئية التي تحدث.
وأشار تونيك إلى أن شاطئ Mineral، حيث التقط سلسلة من الصور قبل 10 أعوام، قد طمسته المجاري وتقلص البحر الميت، وهو المكان الذي يشير إليه بـ"الأعجوبة الثامنة في العالم".
ويشتهر تونيك بتنسيق صور عارية واسعة النطاق في الأماكن العامة، من نهر جليدي في سويسرا إلى دار أوبرا في سيدني، وهو موجود أيضًا لمساعدة صديق قديم ومتعاون، آري ليون فروشتر، في محاولاته لبناء متحف البحر الميت.
وهكذا، بعد ظهر أحد أيام الأحد، سار المشاركون - الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 70 عامًا، وغالبيتهم من الإسرائيليين، بالإضافة إلى مشاركين من سويسرا، وبريطانيا، وأمريكا أيضًا - بحذر شديد على سطح صخري أشبه بسطح القمر، ضمن المساحة التي حدّدها تونيك.
ويشير الطلاء الأبيض الذي يغطي المشاركين، والمصمم خصيصًا، لتحويل أجسادهم إلى أعمدة مفاهيمية للملح إلى كل من التكوينات المعدنية التي تظهر في البحر الميت.
ويأمل تونيك أن يربط هذا التركيب مع تركيبين آخرين كان قد نظمهما سابقًا في المنطقة، في عامي 2011 و 2016، حيث وقف المشاركون في مياه البحر الميت، أو غمرتهم المياه حتى خصورهم في الوحل.
وقال تونيك: "من خلال ربط قضية بيئية بالجسم (البشري)، فإنها تُظهر ضعف الجسم في مواجهة الطبيعة - وأيضًا، في حالة التجاور، ضعف الطبيعة بسبب الجسم".
واضاف: "يمكن للبشرية أن تؤثر على بحر هائل، وأعتقد أن إظهار هذا التجاور بين الجسد - الهش للغاية - مقابل البحر الميت، الذي هو بذات القدر من الهشاشة، سيجلب طاقة جديدة للعمل والمحادثات بين الأشخاص".
وبالنسبة للعين غير المدّربة، لم تكن السحب، والضباب المغبر، والرياح العاصفة تبشر بالخير للتصوير، إلا أن تونيك كان له رأيًا آخر، إذ قال: "لا يوجد ما هو أفضل من الجبال الضبابية" في إشارة إلى الخلفية، مضيفًا أن الطقس مناسب للغاية.
وعلى عكس المشاركين الذين يغطيهم اللون الأبيض الطباشيري، كان تونيك يرتدي ملابس سوداء، ويقف فوق عربة نقل، شارحًا التعليمات من خلال مكبر الصوت.
وكان جيل شافيت واحدًا من بين المشاركين، حيث قال المهندس البالغ من العمر 63 عامًا من هراريت بشمال إسرائيل، إن هذه هي المرة الثانية له في جلسة تصوير خاصة بتونيك.
ومثل باقي المشاركين، لم يكن شافيت يرتدي سوى طلاء الجسم الأبيض.
واعتقد تونيك أنه سيضطر إلى استخدام الأحجار لتصوير عمله، ولكنه تمكن من العمل بالاستعانة بالأشخاص، طالما أنهم تلقوا التطعيم ضد "كوفيد-19".
وهذا لا يعني أن عمل تونيك يُعد مجرد عملية بسيطة، إذ أنه كبداية، لا يمكنه التصوير ببساطة أينما يريد.
وتعني قيود الوقت أن هذا التركيب الأخير كان أكثر محدودية من جلسات التصوير السابقة، كما أن أعداد الأشخاص تقلص إذ لم يتوفر لديه سوى 200 علبة فقط من الطلاء الأبيض الخاص.