دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تعرض دار مزادات لوحة "مول دو بليه" (أي أكوام القمح) للرسام الشهير فنسنت فان-غوخ للبيع، بعد مرور أكثر من قرن على عرضها أمام الجمهور، عام 1905. وتشير التوقعات إلى أنّ اللوحة المائية هذه ستحقّق 30 مليون دولار.
وكان فان-غوخ استخدم الألوان المائية لرسم مشهد حصاد، يُصوّر نساء يعملن في حقول مدينة آرل عام 1888، بعد لجوئه إلى الريف الفرنسي في خضمّ معاناته من مشاكل صحية.
وقد افتُتن فان-غوخ بنمط الحياة الرعوي في المدينة، وتشكّل هذه اللوحة "مول دو بليه"، إحدى أعمال فنيّة عديدة له، تمحورت حول مفهوم الحصاد.
وجاء في الكتيّب الخاص بالمزاد الذي تقيمه دار كريستيز، أن اللوحة المائية تُظهر "هوسه بالنمط الياباني"، من خلال اعتماده نمط الرسم الشبيه بأسلوب تقطيع الخشب الياباني (تقطيع خشب الساموراي).
ورغم هدوء المشهد المرسوم، إلا أنّ اللوحة شهدت تاريخًا مضطربًا.
وتعود ملكيّتها أساسًا إلى تيو، شقيق فان غوخ، ثمّ انتقلت بعد ذلك إلى أشخاص عدّة قبل أن يشتريها الصناعي اليهودي ماكس ميروسكي، عام 1913. وأُجبر الأخير على الهرب بعد تعرّضه لاضطهاد معادٍ للسامية في ألمانيا، وسلّم اللوحة إلى وكيل يثق به في باريس، وفقًا لما ذكرته دار كريستيز.
واشترت اللوحة ميريم كارولين ألكساندرين دو روتشيلد، التي هربت بدورها أيضًا إلى سويسرا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية. وخلال احتلال فرنسا، نهب النازيون مجموعة دو روتشيلد، المؤلفة من لوحات عدّة بينها "مول دو بليه".
ونُقلت اللوحة عام 1941، إلى متحف "Jeu de Paume" الذي استخدمه النازيون من أجل حفظ وعرض أعمال فنية صُنّفت "بحالة غير جيدة".
وأشارت دار كريستيز، إلى أن لوحة "مول دو بليه" أُخذت من قصر شلوس كوغل" في النمسا، وأُلحقت بمجموعة خاصة مجهولة الإسم.
وبعد سقوط الحكم النازي، سعت دو روتشيلد جاهدة لاسترداد لوحاتها، إلا أن لوحة فان غوخ كانت عصيّة عليها.
وفي عام 1978، حازت عليها صالة "وايلدنشتاين أند كو" (Wildenstein & Co. gallery) في مدينة نيويورك الأمريكية، حيث اشتراها مُجمّع اللوحات الفنية الراحل إدوارد كوكريدج كوكس، وهو أحد أقطاب النفط في ولاية تكساس الأمريكية، الذي يميل إلى الأعمال الفنية الانطباعية.
وتعتبر اللوحة جزءًا من مجموعته الكبيرة المعروضة للبيع، وتضمّ لوحات للرسامَيْن الشهيرَيْن بول سيزان وكلود مونيه.
وبعد وفاة كوكس، نشب صراع بين ورثته، وورثة ميروسكي ودو روتشيلد. وأشارت دار كريستيز في الكتيّب إلى أنّ الأطراف المتنازعة توصّلت إلى "اتفاق تسوية"، لكنها رفضت التوسّع في المسألة.
وكانت لوحة "أكوام القمح" قد عُرضت للمرة الأخيرة أمام الجمهور عام 1905، حين كانت جزءًا من معرض استعادي لفان-غوخ في متحف "ستيديليك" في أمستردام، هولندا.
وأثارت الأعمال الفنية التي نهبها النازيون العديد من الصراعات حول ملكيّتها، في السنوات الأخيرة. نذكر منها، لوحة "الشتاء" للرسّام الانطباعي غاري ميلشريز التي صادرها النازيون من عائلة يهودية، وتمكّن المتحدّرون منها من استعادتها في الآونة الأخيرة، فضلًا عن لوحة ذاتية لكاميي بيسّارو التي كانت محور نزاع طويل بين جامعة أوكلاهوما الأمريكية وورثة عائلة يهودية فرنسية.