دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- النظر إلى الماضي يُعد خطوة مهمة للتطلع إلى المستقبل. ويسافر عمل فني في رحلة عبر الزمن لاستكشاف واحدة من أقدم المجتمعات المعروفة في المنطقة، والتي وُلدت في قلب دولة الإمارات، أي مليحة التاريخية.
وخلال فعاليات أسبوع دبي للتصميم الذي نُظم بين 8 و13 نوفمبر/تشرين الثاني، تعمقت فنانة إسبانية في الماضي لإلقاء نظرة على أصول مجتمع إماراتي، من خلال تصميم مبتكر مستوحى من مدينة مليحة القديمة وبقاياها التي عُثر عليها خلال عمليات التنقيب.
وتطرّق المشروع التركيبي والمعماري للفنانة آنا كاريراس، والمنجز لصالح استديو ليفر/ميراج، إلى أحدث النتائج المستخلصة حول منطقة المليحة الأثرية القديمة التي يمتد عمرها لثلاثة آلاف سنة.
وقدمت كاريراس من خلال هذا العمل الفني، تصوراً معمارياً غامراً تحت عنوان "Athenaeum" "أثينايوم"، يسلّط الضوء على القطع الأثرية في مليحة التاريخية.
وفي مقابلة عن بعد، تشرح كاريراس لموقع CNN بالعربية أن العمل الفني يروي قصة مليحة التي حملت تاريخ المنطقة لجيل الألفية، إذ أنها مدينة يعود تاريخها إلى 3000 عام.
وتقول كاريراس إن العمل الفني يركز على الهندسة المعمارية للمدينة التاريخية، ليحكي عن معماريها المجهولين، مضيفًة أن العمل يحمل عنوان "Athenaeum"، وهي كلمة تعني حجرة المطالعة، للإشارة إلى أصول شيء ما.
ويُستلهم العمل الفني من فكرة تفكيك المدينة التاريخية التي أصبحت أنقاضها الآن محل اهتمام، وفقًا لما ذكرته كاريراس.
وتشرح كاريراس أن العمل الفني يتكون من عدة أجزاء، الجزء الأول يقوم بتفكيك أقسام معمارية مختلفة اكتشفت في المدينة مثل الحصن، ومنازل المزرعة، والمقابر.
وتضيف كاريراس: "قمنا بتكرار مخططات الأرضية ووضعناها في لوحات من الإيمينيوم التي يمكن تركيبها وإغلاقها لإنشاء تفاعل ديناميكي مع المتفرجين لتعكس بنية الموقع التاريخي".
أما الجزء الثاني من العمل، فيتحدث عن لغة الموقع باستخدام النقوش الآرامية والعربية الجنوبية، مشيرًة إلى أن هذا الجزء كان يهدف لتأليف لوحة جدارية برموز تمثل ثراء المنطقة وتواصلها.
وفي الجزء الثالث، يسلّط العمل الفني الضوء على القباب الصحراوية التي كانت بمثابة حامٍ للموقع التاريخي، والتي تُطلق عليها الفنانة الإسبانية لقب "حراس المعبد".
أما الجزء الرابع والأخير من العمل الفني، فيشير إلى التجارة في المدينة، حيث تم العثور على عملات معدنية قديمة في الموقع، كما كانت مليحة أحد الطرق التجارية الرئيسية للقوافل، بحسب ما ذكرته كاريراس.
وتضيف كاريراس: "ما فعلناه هو أننا فسرنا اقتصاد المواقع من الناحية المفاهيمية من خلال نمط متموج يكرر خطوط التضاريس في المنطقة ويرتبط بالقيمة الاقتصادية لهذه العملات المعدنية، والتي تظهر في العمل الفني على شكل حجر أزرق مذهل من صنع الإنسان".
وتُعد الهندسة المعمارية لمدينة مليحة القديمة بمثابة مقدمة لفهم دورها بالعالم في ذلك الوقت، وفهم أهلها، وعاداتهم، ولغتهم، وطقوسهم، وتجارتهم، ودورهم في المشهد الفني.
وتم استخدام كل قطعة من المواد الطبيعية المستعارة من الأرض بشكل تعاطفي مع مراعاة تامة للطبيعة، في تركيب قابل لإعادة التدوير بنسبة 99%، لإدامة واحدة من أجمل القصص في المنطقة التي كشفت عنها البقايا التي تم التنقيب عنها في مليحة.